هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في اعتراف جديد، أقرت السلطات المصرية بفشل المفاوضات من
الجانب الإثيوبي بشأن "سد النهضة" على النيل الأزرق، بعد سنوات من
"المراوغة"، بحسب الجانب المصري.
وكان السفير حمدي سند لوزا نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية،دعا سفراء الدول الأوروبية المعتمدين لدى القاهرة لاجتماع، عُقد الخميس،
حيث أطلعهم على آخر مستجدات المفاوضات الخاصة بسد النهضة مع إثيوبيا.
وأعرب نائب وزير الخارجية، في بيان له، وصل
"عربي21" نسخة منه، عن عدم ارتياح مصر لطول أمد المفاوضات، موضحا أن مصر
قدمت للجانب الإثيوبي "طرحا عادلا لقواعد ملء وتشغيل السد يحقق أهداف إثيوبيا
في توليد الكهرباء من سد النهضة ويحفظ في نفس الوقت مصالح مصر المائية".
مشيرا إلى المناقشات التي تمت بين البلدين في هذا الشأن،
وعلى الالتزامات الواردة في اتفاق إعلان المبادئ الموقع في 23 آذار/ مارس 2015
بالخرطوم، والذي يقضي باتفاق الأطراف الثلاث على قواعد الملء والتشغيل لسد النهضة.
وقال وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، إن عدم وصول
مصر لاتفاق مع إثيوبيا حول السد سيؤدي لمشاكل كبيرة، مؤكدا أن نهر النيل يمثل 95% من
مصادر المياه في مصر، وبالتالي يجب التنسيق مع القاهرة في أعمال تقام في دول
المنبع.
"مراوغات وصعوبات"
وفي وقت سابق، أحاطت مصر وزراء الخارجية العرب لأول مرة
بـ"صعوبات" تواجه مفاوضات سد النهضة ووجود "مراوغات" من
الجانب الإثيوبي.
وقال الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط،
الثلاثاء، في ختام اجتماع مجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، إن
"تطورا مهمًا للغاية حدث في الاجتماع هو قيام وزير الخارجية المصري، بإحاطة
المجلس الوزاري بنتائج المفاوضات المصرية الإثيوبية حول سد النهضة".
وتابع:"إنها المرة الأولى التي أشهد فيها هذه
الإحاطة المصرية للدول العربية ما يمثل تطورا جديدا في الموقف المصري والعربي في
المفاوضات بين الأطراف الثلاثة".
ونوه أبو الغيط إلى أن" شكري قال إن مصر لاحظت في
الفترة الأخيرة تشددا في الموقف الإثيوبي وبعض المرواغات وأن الوضع ليس مريحا".
وأكد أبو الغيط أن "الوزراء العرب استمعوا بأكبر
قدر من الاهتمام لهذه الإحاطة وتحدثوا عن أن الأمن المائي المصري هو جزء لا يتجزأ
من الأمن القومي العربي".
والأسبوع الماضي، طالبت مصر بوضع جدول زمني لمفاوضات سد
النهضة، معلنة تأجيل اجتماع سداسي مع إثيوبيا والسودان للشهر المقبل لبحث التوصل
لاتفاق.
"أعمى يقود أعمى"
وعلق السفير عبدالله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق، على البيانين بالقول: "أعمى يلجأ إلى أعمى، فالحكومة المصرية تدير
الملف بحيث تفقد مصر حصتها في المياه، وأن مراوغة إثيوبيا كانت واضحة"، واصفا
المفاوضات بين الجانبين "بالعبثية كالتي بين الفلسطينيين
والإسرائيليين".
وأوضح لـ"عربي21" أن "المفاوضات بين
الجانبين هي من أجل المفاوضات؛ من أجل كسب الوقت وبناء السد، ولا أعتقد أن الحكومة
المصرية من الغباء بحيث تدرك هذا الأمر متأخرا، فالراجح أنها تصرفت بوعي، وهي تعلم
أنها تسير بطريق الخراب".
ورأى أن "اطلاع الجامعة العربية وسفراء
الدول العربية على تطورات فشل المفاوضات هو إبراء ذمة؛ لأنها تعلم أن الوزراء
العرب أعجز عن أن ينصروا مصر، وهي التي لم تنصر نفسها أصلا"، مشيرا إلى أن
"بعض الدول العربية المؤيدة للنظام تساعد إثيوبيا على بناء السد".
واستبعد الأشعل أن يكون إبراء الذمة من أجل الإعداد
لمرحلة أخرى من الجانب المصري، قائلا: "طبيعة النظام في مصر أن تقول إنه لن
يقدم على تنفيذ أي ضربة عسكرية للسد؛ لأنه يعلم أن هناك منظومة صواريخ إسرائيلية
للدفاع عن السد الإثيوبي".
"تخاذل الجميع"
واتهم البرلماني المصري السابق، نزار محمود غراب، نظام السيسي بالتخاذل، قائلا: "من المعلوم،
منذ ما قبل ثورة يناير 2011 ما يجري في إثيوبيا بالشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي
فيما يخص سد النهضة، وقد أشير إلى ذلك في دراسات خاصة بأمن المياه، ورغم ذلك لم
تتخذ مصر أي إجراء فعال من ذلك الحين لحماية الأمن المائي".
مضيفا لـ"عربي21" أن "تدهور الموقف
العربي الفكري قبل السياسي والعسكري كثمرة من ثمار كامب ديفيد الذي لا يقتصر على
مصر، بل على تصالح كل الدول العربية مع الاحتلال الإسرائيلي سرا أو علنا يعبر عن
عجز العرب جميعا في مواجهة مشاريع إسرائيل وشركائها من دول العالم في إفريقيا
وغيرها".
واستبعد غراب أن يكون للعرب أي دور في أزمة سد النهضة،
قائلا: "لا أثر لا للدول العربية، ولا للدول الأجنبية، ولا للسيسي الذي يسعى
للحفاظ على مساندة دولية على حساب القضايا الوطنية؛ فالموقف صار معقدا في ظل العجز
العربي وأجندة السيسي التي باتت أكثر وضوحا في خيانة الوطن".
"سياسة أولاد الحارة"
بدوره اعتبر مدير المعهد الدولي للعلوم السياسية
والاستراتيجية في إسطنبول، ممدوح المنير، تصريحات الخارجية المصرية بمثابة "ّإعلان
فشل المفاوضات، ومحاولة لإلقاء المسؤولية على باقي الدول العربية".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أنه "منذ
بداية الأزمة والسيسي يتعامل مع الملف بانعدام مسؤولية وبطريقة (إحلف بالله أنك مش
هتضر مصر)، وهو يخاطب الرئيس الإثيوبي. حالة من الانحطاط الدبلوماسي؛ وبالتالي إثيوبيا
لا تقيم وزنا للنظام المصري الذي يدير المفاوضات بسقف أولاد الحارة وليس رجال
الدولة".
وأكد أن "العرب لا يملكون فعل شيء لأنفسهم؛ فالقرار السياسي العربي موجود
بين تل أبيب والبيت الأبيض وليس في الوطن العربي، كما أن هناك دول عربية منها
السعودية والإمارات لديهما استثمارات كبيرة في إثيوبيا وبعضها في سد النهضة ذاته".