اقتصاد عربي

الحكومة المصرية تتورط بمشروع قطار "مونوريل" العاصمة الإدارية

مسعود:  فشل النظام منذ البداية في تحديد هوية العاصمة الإدارية وهل هي ترفيهية أم سكنية أم عاصمة للمال والاستثمار
مسعود: فشل النظام منذ البداية في تحديد هوية العاصمة الإدارية وهل هي ترفيهية أم سكنية أم عاصمة للمال والاستثمار

كشفت مصادر اقتصادية أن الحكومة المصرية فشلت في الحصول على قرض بقيمة 2.5 مليار دولار لتمويل مشروع قطار "مونوريل" العاصمة الإدارية – 6 أكتوبر، من البنوك الأوروبية، ما دفعها للبحث عن آليات لتوفير 8.2 مليار جنيه (485 مليون دولار) من الموازنة العامة للدولة، لبدء تنفيذ المشروع، حتى يتم الحصول على القروض اللازمة للتمويل.


وتشير تقارير اقتصادية إلى أن مبلغ 8.2 مليار جنيه هو نصيب الحكومة في تمويل المشروع، بعد نقل تبعيته من هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، التي تدير العاصمة الإدارية، للهيئة العامة للأنفاق، وهي الحيلة التي لجأت إليها لجنة مصغرة من وزارات النقل والمالية والتخطيط، لتستطيع الحكومة المشاركة في تمويل المشروع من خلال إصدار قانون تكميلي للموازنة العامة الحالية، التي تم إقرارها بالبرلمان، ولم يكن المشروع مدرجا بها.

 

وتسعى الحكومة للحصول على قرض ضخم من تحالف بنك الاستثمار الأوروبي، والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار، والبنك الإنجليزي، بقيمة 2.5 مليار دولار، يتم سدادها على 20 عاما، بفائدة تتراوح بين 1.6 إلى 1.8%، على أن تكون هناك فترة سماح لمدة 5 سنوات.

 

يأتي هذا في وقت كشف فيه البنك المركزي المصري ارتفاع الدين العام الخارجي إلى 106.22 مليار دولار بنهاية مارس 2019، مقابل 96.6 مليار دولار، بنهاية ديسمبر 2018، من بينها زيادة المديونية طويلة الأجل بنحو 8.7%، لتصل إلى 93.8 مليار دولار مقابل 86.27 مليار دولار خلال نفس الفترة، وزيادة المديونية قصير الأجل بنسبة 19.8% إلى 12.4 مليار دولار مقارنة بنحو 10.3 مليار دولار.

 

اقرأ أيضا: لماذا ينفذ السيسي مشاريع كبرى مشكوكا في فوائدها الاقتصادية؟

وحسب البيان الرسمي للبنك، فإن المديونية الخارجية المستحقة على البنوك المصرية قفزت إلى 31.2% لتصل إلى ما يزيد على 10 مليارات دولار مقابل 7.8 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2018.

 

ويعدّ القطار فائق السرعة بين العاصمة الإدارية ومدينة 6 أكتوبر واحدا من ثلاثة مشروعات أخري، الأول القطار فائق السرعة بين مدينة العاشر من رمضان والعاصمة الإدارية، وتموله الصين ضمن مشروعات ناطحات السحاب بقرض بلغت قيمته 3 مليار دولار، والقطار الآخر يربط بين العين السخنة والعاصمة الإدارية.

 

فشل تخطيطي

 

من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي عبد الحفيظ الصاوي لـ"عربي21"، أن الهيئات المعنية بإدارة ملف التمويل في مصر، مصممة على صناعة أزمة تعاني منها الأجيال الحالية والقادمة؛ بسبب التوسع في سياسة الاقتراض، من خلال إنشاء مشروعات لا تمثل أولوية للمواطن، ولا تمثل قيمة مضافة للاقتصاد المصري.

 

ويشير الصاوي إلى أن النظام العسكري، برئاسة رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، يتوسع في المديونية العامة دون وجود دراسات جدوى حقيقية، وهذا السبب الرئيس لامتناع مؤسسات التمويل الدولية عن تقديم القرض الخاص بالمشروع الثالث للقطارات فائقة السرعة، الذي يربط العاصمة الإدارية بأقصى شرق القاهرة، ومدينة السادس من أكتوبر بأقصى غرب القاهرة.

 

ويضيف الصاوي: "عدد الموظفين الذين سوف ينتقلون للعمل بالعاصمة الإدارية 50  ألف موظف، وقد أعلنت الحكومة أنها سوف توفر لهم سكنا مدعوما، كما أن الموظفين المقيمين بالقرب من العاصمة الجديدة لديهم وسائل نقلهم الخاصة، وبالتالي فإن الإقبال على القطار الجديد لن يكون مجديا بالنسبة لتكلفته الباهظة".

 

ووفق الصاوي، فإن النظام المصري يستبعد التمويل من خلال نظام BOT، رغم أنه الأفضل لمصر من الناحية الاقتصادية، باعتباره بديلا آمنا عن الديون والقروض التي فاقت كل التوقعات.

 

غول القروض

 

يؤكد خبير الاقتصاد الدولي وليد مسعود لـ"عربي21"، أنه يجب قراءة خبر فشل الحكومة في الحصول على قرض لتمويل المشروع الثالث للقطارات فائقة السرعة، بما كشفه البنك الدولي في نفس التوقيت عن حجم الديون الخارجية المصرية، وهو ما اضطر البنك المركزي المصري للإعلان عن قيمة الدين الخارجي.

 

ويوضح مسعود أن المراجعات الأخيرة لصندوق النقد الدولي الخاصة بخطة إصلاح المالية المصرية توقعت انخفاض الدين الخارجي إلى 97 مليار دولار بنهاية 2019، لكنه وصل في الربع الأول من نفس العام إلى 106.22 مليار دولار، وهو الرقم المرشح للزيادة بعد انضمام القرض الصيني البالغ 3 مليارات دولار، والشريحة الأخيرة من قرض صندوق النقد والبالغة 2 مليار دولار، ومجموعة القروض التي حصل عليها السيسي خلال الأشهر الماضية من صندوق التمويل الكويتي، والبنك الأفريقي.

 

ويشير خبير الاقتصاد الدولي أن مصر من أكثر الدولة التي حصلت على قروض خلال الأعوام الماضية، وهي تحتل المرتبة الثانية بعد السعودية بين الدول التي تقوم بإعادة تدوير القروض، وهو ما يجعلها في النهاية أسيرة للمقرضين، الذين لن يمنحوا مصر قروضا دون مقابل.

 

ويري مسعود أن العاصمة الإدارية منذ بدايتها تمثل عبئا على الموازنة المصرية، خاصة أنها تعتمد على محاولة خلق إنجاز اقتصادي ليس له وجود على أرض الواقع، بدليل أن كل المشروعات التي يقوم بها مستثمرين غير مصريين تعتمد على القروض وليست استثمارات مباشرة.

 

وحسب مسعود، فإن فشل النظام منذ البداية في تحديد هوية العاصمة الإدارية، وهل هي ترفيهية أم سكنية أم عاصمة للمال والاستثمار، أم عاصمة للحكم، جعل التخطيط لها يقوم على العشوائية والتخبط، ما سيكون له تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد المصري، سواء على المدى القصير أو البعيد.

التعليقات (0)