صحافة دولية

إيكونومست: لماذا يؤجج السياسيون مشاعر العداء للاجئين بلبنان؟

إيكونومست: السياسيون يثيرون مشاعر معادية للاجئين في لبنان- جيتي
إيكونومست: السياسيون يثيرون مشاعر معادية للاجئين في لبنان- جيتي

نشرت مجلة "إيكونومست" تقريرا، تقول فيه إن السياسيين اللبنانيين يؤججون المشاعر المعادية للاجئين السوريين في لبنان.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن الجدار الإسمنتي الذي يحيط بمخيم العودة للاجئين السوريين يبدو مبهجا، حيث تزين القلوب الوردية جزءا منه، وأجزاء أخرى تزينها الشخصية الكرتونية سبونج بوب سكوير بانتس. 

 

وتستدرك المجلة بأن تلك الجدران هي كل ما تبقى من المخيم، بعدما تم هدم 178 بيتا في حزيران/ يونيو، بحجة مخالفة القوانين، مشيرة إلى قول أبي جواد الذي عاش في المخيم لفترة طويلة: "إنه أمر مؤلم.. فحتى لو كان مؤقتا، كان هذا المكان هو الذي ربيت فيه أبناءك".

 

ويلفت التقرير إلى أن الهدم كان جزءا من حملة وحشية ضد اللاجئين السوريين في لبنان، فعلى مدى الأشهر القليلة الماضية أبعدت الحكومة اللبنانية مئات منهم، وشددت الإجراءات على من بقي، مشيرا إلى أن السياسيين يلومونهم في عدد من المشكلات الاقتصادية، تشجعهم على ذلك تقارير صحافية نارية. 

 

وتذكر المجلة أن مجموعات اللجان الشعبية "فيجلانتي" قامت بمهاجمة مخيمات اللاجئين السوريين، ومضايقتهم في الشوارع، مشيرة إلى قول كارمن جيها من الجامعة الأمريكية في بيروت: "لا أظن أن هناك سيناريو يمكن أن ينتهي بشكل جيد".

 

ويبين التقرير أنه على المستوى الرسمي فإن اللاجئين السوريين لم يكن مرحبا بهم في لبنان، وكانت هناك لسنوات عديدة صعوبة في الحصول على تأشيرات دخول، وإجراءات محلية مثل حظر التجول عليهم، مشيرا إلى أنه عندما بدأ اللاجئون بالوصول عام 2011، فإن الحكومة منعت المنظمات الإنسانية من إنشاء معسكرات لاجئين رسمية.

 

وتفيد المجلة بأن السياسيين خافوا من أن يؤدي بقاء السوريين إلى التأثير على التوازن الطائفي الذي تقوم عليه محاصصة السلطة في لبنان، لافتة إلى أن الحكومة طلبت في عام 2015، عندما أصبح اللاجئون السوريون يشكلون ربع السكان، من الأمم المتحدة أن تتوقف عن تسجيل حالات لجوء جديدة.

 

ويستدرك التقرير بأن الحملة الأخيرة كانت أكثر حدة، التي قادها التيار الوطني الحر، وهو حزب ماروني مسيحي، يحكم في ائتلاف مع حزب الله، فيما أثار وزير الخارجية وصهر الرئيس ميشيل عون، جبران باسيل، قلق الكثيرين عندما غرد عن الصفات "الجينية" الإيجابية للبنانيين في حزيران/ يونيو وسط حملة ضد العمالة الأجنبية. 

 

وتنوه المجلة إلى أن الإعلام المتعاطف نشر فيديوهات لشباب من التيار الوطني الحر يضايقون السوريين في بيروت، ومداهمات الشرطة للعمال السوريين غير المصرح لهم، مشيرا إلى قول سائق سيارة أجرة سوري: "عندما تموت من الجوع، ماذا عليك أن تفعل؟.. علي أن أعمل لأعيش".  

 

ويورد التقرير نقلا عن وكالة المخابرات اللبنانية الرئيسية، قولها إن حوالي 170 ألف سوري عادوا منذ نهاية عام 2017، إما بأنفسهم أو بمساعدة من برنامج الوكالة "للعودة الطوعية"، الذي تقوم الوكالة بموجبه بنقل اللاجئين الذين يرغبون بالعودة في حافلات إلى سوريا، مشيرا إلى أن مجلس الدفاع اللبناني الأعلى أصدر أوامر ببدء ترحيل السوريين الذين يدخلون لبنان بشكل غير قانوني، وتم منذ ذلك الحين إبعاد مئات السوريين، بينهم منشقون عن الجيش، دون المرور بعملية قانونية، بحسب المنظمات الإنسانية، وقالت المحامية غيدا فرنجية التي تعمل مع مؤسسة المفكرة القانونية: "هذا خط أحمر تم تجاوزه". 

 

وتقول المجلة إن الأشخاص الذين يريدون إعادة السوريين إلى ديارهم يشيرون إلى أن نسبة اللاجئين إلى السكان المحليين في لبنان أكبر من أي بلد آخر (يمكن لنصف المكسيك أن تستقر في أمريكا وسيبقى لبنان هو الأول). 

 

وينقل التقرير عن المسؤولين، قولهم إن اللاجئين يتسببون بالضغط في الشوارع والمستشفيات والمدارس والكهرباء والماء، ويتسببون ببطالة اللبنانيين، بالإضافة إلى أنهم يشكون بأن السوريين يقطعون الحدود فقط للحصول على مساعدات، وأن العاملين في المجال الإنساني يبالغون في وجود أزمة لتبرير وظائفهم، مشيرا إلى قول نيكولاس تشدراوي من التيار اللبناني الحر: "من هو الخاسر الوحيد هنا؟ إنه لبنان".

 

وتجد المجلة أن "الأثر الحقيقي للاجئين على الاقتصاد غير واضح، وينافس السوريون اللبنانيين في الوظائف ذات المهارة المنخفضة، لكن الطلب المتزايد على المدرسين والأطباء ومقدمي الخدمات خلق فرص عمل جديدة أيضا، والمساعدات المالية أعطت دفعة للاستهلاك، ومعظم المشكلات التي يعاني منها لبنان من انقطاع للكهرباء وعدم جمع القمامة ليست بسبب اللاجئين، لكن بسبب السياسة الفاشلة والفاسدة فيه". 

 

ويورد التقرير نقلا عن المسؤولين اللبنانيين، قولهم بأن سوريا أصبحت آمنة، لكن "ذلك غباء، غباء، غباء"، بحسب ما قال موظف في العمل الإنساني، فقتل عشرات المدنيين في الفترة الأخيرة، في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة السورية السيطرة على آخر موقع يسيطر عليه الثوار في محافظة إدلب وحولها، لافتا إلى أن خطر الاعتقال التعسفي والاختفاء يبقى عاليا، فيما يواجه الشباب الذين يعودون التجنيد الإجباري، ويتعرض الآخرون للهجمات من الجيران الحاقدين أو المليشيات العديدة الخارجة عن السيطرة.

 

وتقول المجلة: "يبدو أن السلطات في لبنان لا يمنعها مبدأ (عدم الإعادة القسرية)، الذي يمنع إعادة الأشخاص إلى بلدان قد يواجهون فيها الاضطهاد، وتفكر حكومات أخرى في الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى في القيام بإجراءات شبيهة، وتقوم بها، فتركيا التي وصل عدد السوريين فيها إلى 3.6 مليون سوري، متهمة بإبعاد بعضهم إلى إدلب". 

 

وتختم "إيكونومست" تقريرها بالإشارة إلى أن الكثير من اللبنانيين يعتقدون أن باسيل يثير النعرة المحلية لتحقيق طموحاته الرئاسية، ويقول أحمد فتفت، وهو عضو برلمان سابق مع تيار المستقبل: "إنه ترامبنا (ترامب لبنان) نوعا ما"، أما ردود فعل السياسيين الآخرين فكانت صامتة، فمعظمهم يبدون راضين عن جعل السوريين كبش فداء، بدلا من تحمل مسؤولية فشلهم.

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)