هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن الممارسات القمعية المسلطة على المعارضين في مصر من قبل نظام العسكر، علما بأن السياسة تغلغلت في الكثير من المجالات بما في ذلك رياضة كرة القدم.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مصر تواصل اندفاعها نحو تطبيق سياسة الاستبداد، حيث أطلق نظام السيسي موجة جديدة من عمليات اعتقال الناشطين والسياسيين في ظل تقاعس المجتمع الدولي.
وتبرز ثلاثة أحداث جدت في مصر خلال الأسابيع الأخيرة، بشكل واضح، الديمقراطية المصرية في أسوأ تجلياتها.
وأوردت الصحيفة أن الرئيس المصري السابق محمد مرسي توفي أثناء محاكمته في قفص عازل للصوت. وبعد مرور ثمانية أيام على وفاته، اتهمت قوات الأمن المصرية "باختطاف" عدد من نشطاء المجتمع المدني والمحامين من بينهم زياد العليمي، الذي كان عضوا في البرلمان المصري.
وفي اليوم ذاته، انتشر خبر اعتقال وترحيل مشجع كرة قدم من الجماهير الجزائرية على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن رفع لافتة ذات صبغة سياسية. لكن هذه الأحداث لم تتصدر صفحات الصحف المحلية المصرية.
ويستخدم السيسي آلية القمع منذ توليه السلطة لكتم أفواه المعارضين، ليخون بذلك العهد الذي قطعه بأنه سيكون رئيسا لكل المصريين بجميع توجهاتهم واختلافاتهم.
وذكرت الصحيفة أن السياسة القمعية المصرية أثارت ردود فعل كثيرة في صفوف المنظمات العالمية، حيث دعت منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش والمتحدث باسم لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق مستقل حول وفاة الرئيس محمد مرسي.
وأفادت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بأن وفاة محمد مرسي كشفت عن ظروف السجون المصرية وكيفية معاملة المعتقلين السياسيين، مؤكدة أن السجون تضم أكثر من 60 ألفا من سجناء الرأي.
وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات المصرية اعتقلت بعض المتعاطفين مع جماعة الإخوان المسلمين إثر الانقلاب العسكري والعديد من النشطاء الآخرين والمدافعين عن حقوق الإنسان، فضلا عن الفنانين والصحفيين وحتى الكوميديين مثل شادي أبو زيد، الذي قبع في السجن لأكثر من سنة.
اقرأ أيضا : هذه أبرز وقائع تسليم معارضين مصريين بالخارج إلى القاهرة
وعادة ما توجه الحكومة المصرية اتهامات ضد منظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية حول التحيّز السياسي والكذب في كل مرة تنشر فيها هذه المنظمات تقارير تتحدث عن التعذيب المنهجي في السجون المصرية.
ونوهت الصحيفة بأن مصر تحولت إلى عدو لدود لأي صوت منتقد لانتهاك حقوق الإنسان أو للأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد في ظل الحكم العسكري. وعادة ما يصنّف النظام هذه الانتقادات في خانة "تهديد أمن الدولة" أو "الإرهاب".
ومن خلال بيان صحفي، أكدت الداخلية المصرية إثر اعتقال زياد العليمي أنها اعتقلت سبعة أشخاص لديهم علاقة بما يسمى "خطة أمل" المزعومة التي وصفتها بأنها "مؤامرة مشتركة بين بعض قادة الإخوان المسلمين المنفيين والمعارضة المصرية المدنية".
لكن اتّضح فيما بعد أن الفريق الذي تم اعتقاله بصدد المشاركة في ائتلاف جديد ينوي الترشح للانتخابات البرلمانية في السنة المقبلة. وقد سلطت الداخلية الضوء على نشاطاتهم السياسية خلال عملية الاستجواب.
وأكدت الصحيفة أن سمير سردوك مجرد محب لرياضة كرة القدم، وقد جاء إلى مصر حتى يشاهد الفريق الجزائري بصدد المنافسة على كأس أمم أفريقيا لسنة 2019.
وقد قرر سردوك التقاط صورة في القاهرة حاملا لافتة كتب عليها "جميعهم عليهم بالرحيل"، وهو من أكثر الشعارات تداولا في المظاهرات التي حدثت في الجزائر.
وفي الواقع، يعني هذا الشعار أن المتظاهرين الجزائريين لا يطالبون بإسقاط الرئيس عبد العزيز بوتفليقة فحسب، بل يهدفون إلى استئصال شبكة المسؤولين الفاسدين التي أبقته على رأس السلطة لعقود.
وقد رغب هذا الشاب الجزائري في التقاط صورة، لكن السلطات المصرية لا تسمح حتى بفكرة الاحتجاجات الفردية.
ونقلت الصحيفة أن السلطات المصرية ما زالت تحتجز الشاب الذي رفع في ميدان التحرير لافتة عبّر فيها عن رفضه لمسألة الاستفتاء الدستوري الذي وهبه السيسي لصالح حكومته منذ شهر نيسان/ أبريل الماضي.
اقرا أيضا : بهذه القوانين دمر مجلس النواب المصري حياة المصريين
لكن السلطات المصرية لا تكترث لنتائج أفعالها، سواء عندما انتهجت سياسة الموت البطيء في السجن ضد الرئيس مرسي أو عند اعتقال النشطاء أو طرد أحد مشجعي فريق أجنبي لكرة القدم.
في الحقيقة، يعلم النظام المصري أن المجتمع الدولي أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة ليس لديهم ما يقولونه إزاء هذه المسألة.
وعادة ما تعبر هذه الأطراف عن تنديدها بالانتهاكات المصرية بصوت منخفض غير مؤثر مثل الإبلاغ عن آرائهم عبر حسابات مواقع التواصل الاجتماعي.
وبيّنت الصحيفة أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت المساحة المتاحة الوحيدة لدى المصريين للتعبير عن آرائهم على الرغم من أنهم يخاطرون في تعريض أنفسهم لخطر المحاكمة بتهمة الإرهاب وتهديد أمن الدولة من قبل النظام المصري، وذلك باستخدام القوانين التي تم إنشاؤها حديثًا.
وفي الختام، خلصت الصحيفة إلى أن المصريين أصبحوا يعيشون على وقع الشعور بالخوف، أي الخوف من الاحتجاجات المصرية والخوف من البديل السياسي والخوف من احتمال تكرار سيناريو 25 كانون الثاني/ يناير مرة أخرى، حتى وإن حذر زعيم الانقلاب عبد الفتاح السيسي من أنه لن يسمح أبدا بقيام ثورة أخرى.