هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب جيرود ليبور، يقول فيه إن الولايات المتحدة تشن حربا سرية في الصومال، وزادها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سوءا.
ويقول ليبور في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعدما أصبحت حركة الشباب لا تشكل خطرا على الولايات المتحدة، ودخلت في نزاعات داخلية، فإن الرئيس ترامب غير الواقع.
ويشير الكاتب إلى أن القيادة المركزية لأفريقيا قالت إن القصف الأمريكي قتل أو جرح اثنين من المدنيين، مشككا في تصريحات المسؤولين الأمريكيين، فالحملة الأمريكية ضد التنظيمات الجهادية في الصومال مضى عليها أكثر من عقد، وكشفت وثائق جديدة نشرها موقع "ذا إنترسيبت" الأسبوع الماضي، وقدمت أدلة موثوقة على أن الولايات المتحدة كانت "على علم بعدة هجمات، خلفت ضحايا وجرحى بعد العمليات التي قامت بها الولايات والقوى المتحالفة معها".
ويقول ليبور إن "هناك أسئلة أثيرت حول عدد المدنيين الذين قتلتهم الطائرات المسيرة، وظل ذلك محلا للجدل، لكنْ، هناك سؤال أكبر يظل مطروحا: ما الذي تهدف الحملة الأمريكية لتحقيقه في الصومال؟".
ويفيد الكاتب بأن "هناك أجوبة قليلة تحمل قيمة، وبعد هذا كله، فإن جماعة الشباب وتنظيم الدولة في الصومال لا يشكلان تهديدا للولايات المتحدة، بل كانا يواجهان بعضهما، وبعد سنوات من الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة، فإنها لم تؤثر على قدراتهما على شن هجمات محلية، في وقت تستمر فيه الولايات المتحدة بقصف الصومال، ونشر قوائم عن القتلى من المتشددين دون تغيير على الوضع الأمني".
ويجد ليبور أن "هذه الهجمات لا تعدو سوى حملات علاقات عامة، فهي محاولات استعراض عضلات، واحتفال بعدد الإرهابيين الذين يتم قتلهم، دون أن تفعل الولايات المتحدة أي شيء للحد من الدوافع التي تحفز الجهاديين على شن هجمات، بل على العكس ربما أسهمت في زيادة هذه الظاهرة".
ويقول الكاتب: "يجب علينا أن نتذكر ولادة حركة الشباب، وأنها نتيجة للسياسة الخارجية الأمريكية، فعلى مدى عقدين من الزمان، أي من بداية التسعينيات من القرن الماضي عاش الصومال شبه فوضى كاملة ودون حكومة مركزية، لكن الولايات المتحدة دعمت في بداية القرن الحالي أمراء الحرب الأقوياء هناك، في مقايضة لمواجهة عناصر تنظيم القاعدة، وكان أمراء الحرب قساة وكرههم الناس، خاصة في العاصمة مقديشو، وفي عام 2006 تجمعت المجموعات الإسلامية معا، وشكلت المحاكم الإسلامية، وأخرجت أمراء الحرب من العاصمة، وسيطرت على معظم الجنوب والمدن الكبرى في البلاد".
ويستدرك ليبور بأنه "رغم وجود عناصر من تنظيم القاعدة في المحاكم الشرعية، إلا أنهم كانوا أقلية، منهم عدد من الأجانب والصوماليين الباحثين عن الجهاد العالمي، بحسب تحقيق قام به الصحفي جيرمي ساشيل".
ويجد الكاتب أنه "مع أن اهتمام المحاكم الشرعية كان محليا، إلا أنه لم يسمح لها بإدارة البلاد؛ لأن استراتيجية إدارة جورج دبليو بوش في مرحلة ما بعد 11/ 9 قامت على أساس التدخل الأجنبي، (الوطن الأمريكي هو القارة)، أي إن أي عنصر منتم لتنظيم القاعدة في أي مكان من العالم يمثل خطرا على أمريكا، ولهذا دعمت الولايات المتحدة لاحقا الغزو الأثيوبي، وهزمت المحاكم الشرعية".
ويلفت ليبور إلى أنه "من رماد المحاكم خرجت حركة الشباب، التي كانت في عام 2010 تسيطر على مناطق أكثر من الحكومة الفيدرالية المركزية التي تدعمها الولايات المتحدة".
ويستدرك الكاتب بأنه "رغم هزيمة حركة الشباب لاحقا، إلا أن التدخل فتح منفذا لتنظيم الدولة، كما فعل عند هزيمة المحاكم الشرعية، وبالطريقة ذاتها التي أدى فيها الغزو الكارثي للعراق إلى ظهور تنظيم الدولة، فقد وجد فرصة للتجنيد، وزاد أعداده في الصومال للمئات".
ويبين ليبور أنه "مع أن حركة الشباب وتنظيم الدولة تنظيمان متنافسان، وتريد أمريكا سحقهما دون النظر للظروف التي أسهمت في نشوئهما في المقام الأول ودورها فيه، فإن أيا منهما لم يشكل خطرا على الأمن القومي، فقد كان قصفا من أجل القصف".
ويقول الكاتب: "مثل معظم ملامح السياسة الخارجية الأمريكية، فإن السياسة في الصومال تدفعها أهداف غير حقيقية، وذلك لأن الإرهاب والتمرد هما موجودان في الواقع ولا يمكن سحقهما، ووجودهما في مناطق من العالم وبأشكال مختلفة لا يعني أنهما خطر على الأمن القومي الأمريكي، ولأسباب غير معروفة زادت الغارات في عهد ترامب أضعافا مضاعفة".
وينوه ليبور إلى أن "عدد أفراد حركة الشباب يتراوح في الوقت الحالي بما بين 5 آلاف إلى 10 آلاف، ويسيطرون على 20% من البلاد، والنقطة التي توحدهم هي العداء للحكومة الصومالية التي يدعمها الغرب، ولهذا لن تفلح الغارات لمنعهم عن القيام بعمليات ضدها، بل على العكس تزيد الغارات من قوتهم".
ويختم الكاتب مقاله بالقول: "لهذه الأسباب كلها، فإنه يجب على الولايات المتحدة إنهاء هذه المهزلة في الصومال، فهي لا تجني فوائد، بل تخلق حزازات وعداوات، والدول غير الصديقة في القرن الأفريقي عادة لا تهتم بتداعيات أعمالها على الأمن الأمريكي، وأمريكا لا مصلحة لها في الصومال".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)