هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا للمحلل المتخصص في تمويل الإرهاب، جوناثون شانزر، يقول فيه إن التجارة بين الصين وأمريكا -والحديث مؤخرا عن احتمال تنازلات في مفاوضات التجارة بين الرئيس دونالد ترامب وشي جينبينغ- جعلت الأسواق تتأرجح.
ويستدرك شانزر في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بأنه "مهما كان ما اتفق عليه ترامب وشي بشأن التجارة، فإن على أمريكا ألا تتنازل عن تحدي الصين في انتهاكات حقوق الإنسان".
ويقول الكاتب إن "سياسات الصين القمعية في التبت أدت إلى انتقادات وعلى مدى عقود، وتثير الصين مرة أخرى الغضب بسبب تكتيكاتها البلطجية في هونغ كونغ، وبسجنها ما لا يقل عن مليون مسلم من أقلية مسلمي الإيغور، فيما تطلق عليها (مراكز إعادة تعليم) في أنحاء إقليم تشنجيانغ في الصين، والحملة ضد الإيغور يجب أن تعد أكبر جرائم حقوق الإنسان فظاعة في عصرنا الحديث، وربما تأتي بالترتيب الثاني بعد المذابح التي ارتكبها بشار الأسد بحق الشعب السوري".
ويشير شانزر إلى أنه "رغم أن احتجاجات أمريكا كانت أكثر صخبا من أي دولة ذات غالبية إسلامية، إلا أنها كانت صامتة نسبيا تجاه ما يحصل في الإقليم، وهذا يتماشى مع سياسة التحفظ التي تتبعها واشنطن والحزبان لفترة طويلة؛ بسبب تنامي قوة الصين الاقتصادية والسياسية والعسكرية، لكن بإمكان واشنطن اتخاذ إجراءات تستهدف مهندس معسكرات إقليم تشنجيانغ دون تحدي بكين مباشرة، وهذا التحرك هو أقل بكثير من السياسة التي نحتاجها في المحصلة، لكنها ستكون خطوة في الاتجاه الصحيح".
ويلفت الباحث إلى أن الرجل الذي يقف خلف "مراكز إعادة التعليم" هو تشين قوانغو، مشيرا إلى أن قانون ماغنتسكي العالمي ينطبق عليه بشكل واضح.
ويبين شانزر أن "مشروع قانون سيرغي ماغنتسكي الأصلي أصبح قانونا في كانون الأول/ ديسمبر 2012، يجبر الإدارة على فرض عقوبات على المتورطين في قتل المحامي الروسي سيرغي ماغنتسكي، الذي مات في السجن بعد أن كشف عن مخطط احتيال ضريبي، كما فرض عقوبات على أشخاص في روسيا (مسؤولين عن عمليات القتل خارج القانون والتعذيب، وغير ذلك من الانتهاكات لحقوق الإنسان المعترف بها دوليا، ضد أشخاص يسعون لفضح الأنشطة غير القانونية التي يقوم بها مسؤولون في الحكومة الروسية، أو الحصول على حقوق الإنسان والحريات المعترف بها دوليا وممارستها والدفاع عنها ودعمها)".
ويلفت الكاتب إلى أنه "لإدراك الكونغرس بأنه أصبح يملك أداة لمكافحة انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها حكومات أخرى، فإنه قام عام 2016 بإقرار قانون ماغنتسكي العالمي لمساءلة حقوق الإنسان، من خلال الأمر التنفيذي 13818، وأصبح القانون قابلا للتطبيق على أي شخص في العالم يكون (مسؤولا عن أو مشاركا في أو متورطا بشكل مباشر أو غير مباشر في اعتداءات حقوقية خطيرة)".
ويفيد شانزر بأنه "منذ ذلك الحين، فرضت عقوبات بحسب القانون على أكثر من 100 شخص وكيان من أماكن مثل جنوب السودان وروسيا وبلجيكا واسرائيل وغامبيا وغواتيمالا وأوزبكستان وأوكرانيا ونيكاراغوا وجمهورية الدومنيكان وباكستان وميانمار (التي تعرف أيضا ببورما) والبوسنة والهرسك، ويولد الإجراء ما يكفي من الضجة لإخافة البلد المتورط في اعتداءات على حقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته فإن هذا الإجراء محدود الهدف بما يكفي لضمان ألا يتسبب بتداعيات كبيرة".
وينوه الباحث إلى أن "إدارة ترامب قامت في آب/ أغسطس من العام الماضي بفرض عقوبات على مسؤولين أتراك بسبب الاحتجاز غير القانوني للقس أندرو برنسون لمدة عامين تقريبا، ما دفع أنقرة للإسراع في إطلاق سراحه بعد شهرين من العقوبات، وهذا دليل على أن العقوبات المستهدفة فاعلة، وفي تشرين الثاني/ نوفمبر قامت الإدارة بفرض عقوبات على 17 سعوديا متهمين بقتل الصحافي جمال خاشقجي، مع أن الناقدين يرون بأن ذلك لم يكن كافيا".
ويجد شانزر أن "تشين يشكل هدفا ممتازا للقانون، وبحسب ملف شخصي له ظهر العام الماضي في (بلومبيرغ نيوز) فإنه تم تعيين تشين بصفته أبرز مسؤول في الحزب الشيوعي في التبت، في الوقت الذي كان يشهد فيه الإقليم اضطرابات، وبحسب التقارير، فإن تشين قام بنشر الموالين للحزب في القرى والمعابد والأديرة البوذية، ومع حلول عام 2015، بحسب (بلومبيرغ نيوز) قام تشين بنشر 100 ألف عضو، فيما نشرت بكين أكثر من 12 ألف شرطي".
ويقول الكاتب إن "نجاح تشين في التبت دفع شي لإرساله إلى تشنجيانغ، حيث وجدت الصين صعوبة في قمع المسلمين الصينيين المتحدثين بإحدى اللغات التركية، وبحسب التقارير، فإن حوالي 11 مليون إيغوري انضموا إلى المجموعات المتطرفة، لكنهم ليسوا المسؤولين عن الاضطرابات التي تحدت الحكم الصيني منذ عام 2000".
ويستدرك شانزر بأنه "مع ذلك، فإن شي وجه أمرا لتشين لجلب الإقليم كله تحت السيطرة، وقام تشين مرة أخرى بإرسال المسؤولين الحزبيين والصينيين من إثنية الهان الصينية للعيش في مناطق الإيغور، ووصف لي أحد المسؤولين أثناء زيارتي في عام 2016 العملية بأنها تهدف لـ(تحقيق انسجام)".
ويذكر الباحث أن "عدد عناصر الشرطة في تشنجيانغ ارتفع بشكل كبير، بحسب تقرير لمؤسسة (جيمستاون)، حيث وصل عدد محطات الشرطة في الإقليم إلى 7500، وقام تشين بإنشاء شبكة من الحواجز وكاميرات التعرف على الوجه".
ويقول شانزر: "أخيرا، قام تشين بإنشاء ما يطلق عليها (مراكز إعادة التعليم)، التي تضم أكثر من مليون إيغوري، ويطلق على تلك المراكز أيضا (مراكز تدريب مهني)، لكن من الواضح أن المشاركة فيها ليست طوعية، وهناك تقارير موثوقة بأنه يتم تعذيب المعتقلين أو غسيل أدمغتهم، بالإضافة إلى أن هناك تقارير تقول إن الأطفال يفصلون عن عائلاتهم، ويجبرون على رفض هويتهم الإيغورية".
ويشير الكاتب إلى أن تقارير العام الماضي أشارت إلى أن إدارة ترامب كانت تزن العقوبات ضد الصين لانتهاكاتها لحقوق الإنسان في إقليم تشنجيانغ، واختار البيت الأبيض أهدافا أخرى، مثل مخترقي العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية وإيران، "لكن ليس هناك ما يمنع أن تعود الإدارة للموضوع ثانية".
ويختم شانزر مقاله بالقول: "يبقى تشين من أشد المنتهكين لحقوق الإنسان في عصرنا، والأدلة ضده غير قابلة للدحض، وهناك سببان قويان لأن يقوم البيت الأبيض بالتحرك، سواء كانت هناك مفاوضات تجارية أم لم تكن".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)