هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تقريرا تحدّثت فيه
عن اكتشاف مقاتلي الحكومة الليبية لمخبئ يضمّ صواريخ أمريكية قوية في قاعدة تابعة
للمتمردين التابعين للواء المتقاعد خليفة حفتر في الجبال الواقعة جنوب طرابلس هذا الأسبوع.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن
صواريخ "إف جي إم-148 جافلين" الأربعة تُعزّز ترسانة الجنرال خليفة
حفتر، الذي تشن قواته حملة عسكرية للاستيلاء على ليبيا والإطاحة بالحكومة التي
تدعمها الولايات المتحدة. وتشير العلامات الموجودة على حاويات الصواريخ إلى أنها
بيعت سنة 2008 إلى الإمارات، التي تعدّ بدورها شريكا أمريكيا هاما.
وأكدت الصحيفة أنه في حال قامت الإمارات بنقل الأسلحة إلى الجنرال
حفتر، فإنها بذلك تنتهك اتفاقية بيع الأسلحة مع الولايات المتحدة وحظر الأسلحة
الذي تفرضه الأمم المتحدة. وحيال هذا الشأن، قال مسؤولون في وزارة الخارجية ووزارة
الدفاع يوم الجمعة أنهم فتحوا تحقيقات حول كيفية وصول هذه الأسلحة إلى ساحة
المعركة الليبية.
ونقلت الصحيفة بيان مسؤول في وزارة الخارجية ورد فيه: "نحن نأخذ
كل المزاعم المتعلّقة بسوء استخدام تجهيزات الدفاع التي تصنّعها الولايات المتحدة
على محمل الجد. ونتوقع من جميع متلقي هذه الأجهزة الالتزام بتعليمات الاستخدام
الخاصة بهم". وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة تدعم الجهود التي تقودها
الأمم المتحدة للتوسط في حل سلمي للأزمة الليبية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الصواريخ اكتشفت بعد أن نفّذت القوات
الموالية لحكومة الوحدة الوطنية التي تدعمها الأمم المتحدة هجومًا مفاجئًا ناجحًا
يوم الأربعاء على منطقة غريان، وهي منطقة جبلية على بعد 40 ميلا جنوب طرابلس. وبعد
الاستيلاء على غريان، كشف المقاتلون الموالون للحكومة عن طائرات هجومية دون طيار
صينية الصنع وأربعة صواريخ "جافلين" أمريكية الصنع في قاعدة مهجورة، وهي
أسلحة تعتمد على تكنولوجيا الأشعة تحت الحمراء وقادرة على تدمير جميع دبابات
القتال الرئيسية الميدانية.
وذكرت الصحيفة أن العلامات الموجودة على الصناديق الصاروخية تحمل
أسماء مصنّعيها، وهما عملاقا الأسلحة رايثيون ولوكهيد مارتن، ورقم عقد بقيمة 115
مليون دولار لصواريخ جافلين وضعته كلّ من الإمارات وسلطنة عمان سنة 2008. وفي حين
أن سلطنة عمان ليست طرفا فاعلا في حروب ليبيا، فإن الإمارات تحت قيادة الحاكم
الحالي الأمير محمد بن زايد تعدّ من أكبر الداعمين الأجانب للجنرال خليفة حفتر.
وأوضحت الصحيفة أنه عندما شرع الجنرال حفتر في شنّ هجومه على طرابلس
في الرابع من نيسان/ أبريل، في مواجهة الكثير من المعارضة الدولية، واصل
الإماراتيون دعمه. وقال مسؤول غربي كبير مطلع على تجارة الأسلحة إن الإماراتيين
زوّدوا حفتر بنظام صواريخ أرض جو روسي الصنع، وطائرات دون طيار صينيّة من طراز
وينغ لونغ، وطائرات مسيّرة إماراتية. وأضاف المسؤول أن الأردن بدوره أرسل لحفتر
نظاما مضادا للدبابات يعرف باسم "نشاب".
على الجانب الآخر من القتال، تدخلت تركيا، وهي المنافس الإقليمي
للإمارات، من خلال إرسال طائرات مسيّرة وعربات مدرعة لمساعدة الحكومة المدعومة من
طرف الأمم المتحدة في طرابلس.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تدعم حكومة
طرابلس، إلا أنه يبدو أن ترامب يؤيد الجنرال حفتر وحملته العسكرية بعد المحادثة
التي أجراها كلاهما عبر الهاتف في شهر نيسان/ أبريل.
وأضافت الصحيفة أن التدخلات الأجنبية، التي انتهكت الحظر الذي فرضته
الأمم المتحدة على جميع مبيعات الأسلحة إلى ليبيا، تسلط الضوء على كيفيّة تحوّل
الصراع الذي نشأ نتيجة الإطاحة بالدكتاتور الليبي العقيد معمر القذافي، منذ سنة
2011، إلى صراع بالوكالة بين القوى الإقليمية المتنافسة. وإلى حدود اليوم، يتجنّب
هؤلاء الداعمون الأجانب استخدام التكنولوجيا العسكرية الأمريكية المقيدة.
وأوردت الصحيفة أنه حسب المحلل الأمني الإسرائيلي المتخصص في النزاع
الليبي، عوديد بركوفيتز، فإن "الإمارات كانت تزوّد الساحة الليبية بأسلحة متطورة
منذ سنوات. ولكن اليوم يبدو أنهم يقدّمون لليبيين مختلف الأسلحة من بينها
"جافلين"، وهي أسلحة شديدة القوّة". وحيال هذا الشأن، صرّح الباحث
في معهد كارنيجي فريدريك وهري بأن الجدل الدائر حول صواريخ "جافلين"
يوحي بأن الإماراتيين يستعرضون عضلاتهم العسكرية دون أخذ القواعد التي وضعها
حلفاؤهم الأمريكيون بعين الاعتبار.
ووفقا لسفيرة الولايات المتحدة في ليبيا، ديبورا جونز، فقد استخدم
الإماراتيون الأسلحة الأمريكية المقيدة في ليبيا من قبل. وفي سنة 2014، شعر
المسؤولون الأمريكيون بالقلق عندما قصفت الطائرات الحربية الإماراتية أهدافا في
غرب ليبيا بالذخيرة الأمريكية. وتَذكُر السيدة جونز، التي سافرت إلى أبو ظبي
لمقابلة ولي العهد، أن انتقاد إدارة أوباما للإجراءات الإماراتية قد أثار
"غضب" الأمير.
وأكدت الصحيفة أن الرئيس ترامب، رغم كل شيء، يحظى بعلاقة وثيقة جدا
مع حلفائه الإماراتيين والسعوديين في الخليج العربي، وقد ترك هذا التقارب البعض
يتساءل عما إذا كان ذلك قد شجع الإماراتيين على تقوية نفوذهم في ليبيا. وفي هذا
الصدد، قال وهري: "عندما قصف الإماراتيون طرابلس سنة 2014، أطلِق إنذار في
البنتاغون وكانت هناك بعض الجهود المبذولة لتحذيرهم. لكن في الوقت الحالي، علينا
أن نتساءل عما إذا كانوا يدركون حقا حجم هذه التكلفة".
اقرأ أيضا: واشنطن تعلن تحقيقا بشأن صواريخ أمريكية عثر عليها مع قوات حفتر