هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت هجمات سريلانكا الدامية، التي تبناها تنظيم الدولة، وأوقعت أكثر من
250 قتيلا ومئات الجرحى، تساؤلات بشأن التحولات الاسترايجية، في طريقة عمله، بعد
خسارته لمناطق تواجده في العراق وسوريا؟.
ونفذ تنظيم الدولة هجماته في سريلانكا،الأسبوع الماضي، على يد 8 انتحاريين،
عرف منهم واحد وهو زهران هاشم، وكان أحد مؤيدي التنظيم، وله مقاطع مصورة، منذ
سنوات تؤيد أفكاره.
واختار تنظيم الدولة في هجماته الخارجية، دولة لم يسبق أن انخرطت ضمن
التحالف الدولي، الذي خاض معارك ضده خلال السنوات الماضية، وقام بهجوم واسع، أوقع
عددا كبيرا من القتلى، في فنادق وكنائس.
ويعزز فرضية تحول التنظيم، في طريقة عمله خارجيا، عبر تشكيل خلايا نائمة،
تعمل بطريقة لا مركزية، في ظل غياب موقع معروف لقيادة التنظيم، ما كشفته صحيفة
"التايمز" البريطانية، من أن جهاز المخابرات البريطاني "أم آي
5" يبحث عن ما أسمته بـ"خلايا التمساح".
وأوضحت أن "خلايا التمساح"، هي مجموعات نائمة لتنظيم الدولة،
بانتظار الأوامر للتحرك وتنفيذ الهجمات، في بريطانيا وأوروبا، وسط شكوك بوجود
أصابع لأشخاص، بريطانيين من التنظيم، في تشكيلها.
الباحث والخبير في الجماعات الجهادية، حسن أبو هنية، قال: إن "تحولات
التنظيم بعد فقدان مواقعه بسوريا والعراق، مرتبطة بقدراته التشغيلية، في بعض
المناطق، حول العالم، ومنها شرق آسيا".
وأوضح أبو هنية لـ"عربي21"، أن تنظيم الدولة "وجد منطقة
رخوة، في ظل امتلاك قدرات على التحرك فيها، لذلك وبدون تردد قام بتنفيذ الهجمات،
بكل قوة، وأرسل برسالة أنه لا يزال موجودا".
وأشار إلى أن "كل ما هنالك أن المشروع السياسي، والسيطرة المكانية،
انتهت للتنظيم، وبدأ العمل كمنظمة لا مركزية، لديها فعالية، في الهجمات، وتخطط
للتحرك في أوروبا وآسيا، وأي مكان تتاح لها الفرصة فيها".
إقرأ أيضا: "داعش" يعلن مفاجأة عن زهران هاشم قائد هجمات سريلانكا (صورة)
وأضاف أبو هنية: "المشروع السياسي للتنظيم هُزم، لكن أبو بكر البغدادي
موجود، وجميع القيادات الكبيرة أيضا لا تزال موجودة، وتحرك المشهد".
وشدد على أن صعوبة ملاحقة التحول الجديد للتنظيم، "يكمن في كونه عدوا
غير منظور، وغير مرئي، ويسبب مشكلة استخبارية عبر الهجمات الفردية، أو الذئاب
المنفردة، وهناك على ما يبدو أزمة استخبارية عالمية، تركز عملها على جماعات، موجودة
وليست أخرى تخلقت، بعد خسارتها الأرض".
وأكد أبو هنية على أن التحدي الأمني عالميا، هو في مواجهة جهات، "ليس
لها قيادة ولا هيكل معروف لضربه، كما حصل في سوريا والعراق".
من جانبه قال خبير الجماعات الإسلامية، مروان شحادة: إن فكرة القضاء على
التنظيم بعد خسارته معاقله وتوزعه في العالم "باتت صعبة".
وقال شحادة لـ"عربي21": إن تنظيم الدولة، "يتوسع فكريا في
دول العالم، المرشحة لأن تكون فاشلة، والضربات الأخيرة، كانت رسالة واضحة، أنه
مستمر وقادر على توجيه ضربات، يزعم فيها حماية المسلمين حول العالم، على خلفية
هجوم نيوزيلندا، لكن بشكل قوي، ويفوق هجماته السابقة".
وتابع: "هذه الضربة تبناها التنظيم على الفور، وظهر منفذوها وهم
يبايعون البغدادي، للقول إننا أقوياء، لكنها في المقابل استهدفت أناسا مدنيين آمنين،
داخل دور عبادة، وفي فنادق".
ولفت شحادة إلى أن الهدف الذي اختاره التنظيم، كان مقصودا كونه منطقة رخوة
في العالم، وغير متوقعة في قلب المحيط، وكذلك هي صعبة الوصول، "لكن اللافت
فيها كان قدرته، على اختراق التنظيمات الموجودة هناك، والتي لا يعرف عنها استخدام
العنف".
إقرأ أيضا: التايمز: MI5 تبحث عن "خلايا التمساح" التابعة لـ"داعش"
وأشار إلى أن التحول الهام، "هو قيامه بجر بعض عناصر جبهة لا يمكن أن
يتماهى معها، وهي جبهة التوحيد الوطنية، واستقطب عددا من عناصرها، وقام بشتغيلهم
لصالحه".
وعلى صعيد إخفاق الولايات المتحدة في كشف الهجمات، أو تقديم معلومات
استخبارية، من شأنها إحباطها، قال شحادة: "واشنطن قادرة على حماية نفسها،
لكنها في المقابل ليست قادرة على الإحاطة، بكل ما في العالم من تحركات".
وأشار إلى أن التنظيم "فاجأ الجميع بهذه الضربة، وانتقى هدفا بعيدا،
وحقق عنصري الرعب والمفاجأة، ولم يكترث بكون الهدف عبارة عن مدنيين، لكن أعاد
التأكيد على أنه يريد استهداف كل من هو غير مسلم وأنه ما زال يعمل".