هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع مجلة "ناشونال إنترست" مقالا للكاتب كارلو خوسيه فيسينت كارو، تحت عنوان "قتال التشدد الإرهابي الإسلامي يبدأ بالسعودية"، يقول فيه إن موقف ترامب تجاه السعوديين يتناقض مع أحد أهم وعود حملته: أن تكون صارمة ضد "الإرهاب الإسلامي الراديكالي".
ويبدأ كارو مقاله بالقول: "كان لدي انطباع ولبعض الوقت أن خسارة هيلاري كلينتون السباق الرئاسي عنت استعادة الولايات المتحدة استقلاليتها بصفتها قوة محصنة من الضغوط الخارجية عندما تحاول إملاء السياسة على الشرق الأوسط، إلا أن اعتماد ترامب الشديد على السعودية، وعدم استعداده لاتخاذ إجراءات ضدها بسبب الجريمة البشعة التي تعرض لها الصحافي جمال خاشقجي، أدى إلى تقويض افتراضي هذا".
ويجد الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أنه "بشكل أكثر تحديدا، فإن موقف ترامب من السعوديين يتناقض مع واحد من أهم وعوده الانتخابية، التي وعد فيها بممارسة التشدد ضد (الراديكالية الإسلامية الإرهابية)، وبدلا من ذلك وضع ترامب ثقته في السعوديين، وردد خطاب بلادهم، مصنفا إيران بأكبر داعم للإرهاب في العالم، وفي الوقت الذي تمثل فيه خطرا على إسرائيل، من خلال دعمها لحزب الله، إلا أن أيا من الجماعات المتطرفة في سوريا، مثل تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة أو هيئة تحرير الشام، ليست شيعية، فهذه الجماعات التي نفذت أعمالا إرهابية في الغرب متأثرة بالسلفية والتطرف السني وشيوخ السعودية".
ويشير كارو إلى أن "تعاليم ابن تيمية، الذي عاش في القرن الرابع عشر، أثرت على الوهابية وحركات الإسلام السياسي، ومن تنظيم الدولة إلى تنظيم القاعدة، فمجلة (دابق) بررت الكثير من أعمال تنظيم الدولة بناء على فهم ابن تيمية، الذي اعتقد أن الجهاد هو سنام الدين وثوابه أكبر من الصلاة أو الحج، ونشر ابن قيم الجوزية أفكار أستاذه ابن تيمية، وبعد قرون جاء شاب اسمه محمد بن عبد الوهاب وأحيا تعاليمه ونشرها عبر حركة دينية سياسية تركت تأثيرها حول العالم".
ويرى الكاتب أن "السلفية تعد جسرا للعنف من خلال طبيعتها المتشددة وتفسيرها الضيق للدين الرافض للبدعة والمدارس الإسلامية الأخرى، وصدرت السعودية هذه الأيديولوجية معتمدة على مال النفط، وأنشأت المدارس؛ في محاولة لاقتلاع ألوان الاعتدال الإسلامي كلها، التي تتقبل نوع الحياة والحقوق التي تمارس في الغرب، وتهدف السعودية إلى السيادة على العالم الإسلامي، ولا تهدف فقط إلى مواجهة الشيعة، بل أي نسخة سنية منافسة لها".
ويلفت كارو إلى أن "ابن تيمية دعا إلى ضرورة الالتزام بالحاكمية، والخنوع لله، والالتزام بالقرآن، وأكد أهمية دور العلماء واتباع ما يقولونه، وفي حال لم يلتزم قادة المجتمع المسلم بالشريعة أو يقوموا بتطبيقها فيجب على المؤمنين إجبارهم على عمل هذا".
ويفيد الكاتب بأن "فكرة ابن تيمية عن الإسلام جاءت نتاجا لحصار وتدمير المغول لبغداد، ومن هنا بدت رؤيته للإسلام منغلقة ومتشددة وتوسعية، وبالنسبة له فإن الإسلام يتعرض لتهديد دائم، وهناك حاجة للدفاع عنه من أجل إقامة الخلافة، وقد ألهمت هذه الأفكار السلفية المعاصرة المجتمعات التي تلتزم بالدين وترفض مطلقا التأثيرات الدينية والسياسية الأجنبية، وقاتل ابن تيمية في حياته الممارسات الوثنية والعادات، أما السلفية المعاصرة فهي تحارب أي نوع من الإصلاح الديني، وهذا هو الخطر الأكبر".
ويقول كارو إن "فتاوى ابن تيمية ضد الغزاة المغول تخدم باعتبارها مبررا وإلهاما للجهاد ضد القوى الأجنبية، ودعا ابن تيمية لاستخدام الجهاد وسيلة لفرض مرجعية الإسلام، وتأثر محمد بن عبد الوهاب بأفكار ابن تيمية، واستعار الكثير من آرائه بشأن التكفير".
ويرى الكاتب أن "السعودية هي قوة توسعية تهدف إلى مواجهة أي منافسة لأيديولوجيتها، سواء كانت محلية أو غربية، ففي باكستان، التي تعد القوة النووية، دعمت السعودية المدارس الدينية، وأثرت على الخطاب الديني في البلاد منذ ثمانينيات القرن الماضي، وفي أندونيسيا أكبر دولة مسلمة تعدادا للسكان، مولت السعودية مساجد أدت إلى خلق مشكلة طائفية لم تكن معروفة في البلاد من قبل".
ويقول كارو: "باختصار إن السعودية تريد أن تكون قادرة على السيطرة على ملايين الناس وتلقينهم لجعل الشعوب والقيادات المسلمة تابعين، ومنع أي تأثير من أي قوة عظمى، بما فيها الحليفة المفترضة، وهي الولايات المتحدة".
ويقول الكاتب إنه سمع عندما كان في الأردن من فلسطينيين درسوا وعاشوا في السعودية إن المدارس التي تعلموا فيها هناك تقدم صورة مشوهة للشيعة ولليهود والمسيحيين، و"أنك لو صافحت مسيحيا لأصبحت واحدا منهم، فيما دعا المفتي السعودي إلى تدمير الكنائس في الجزيرة العربية".
ويستدرك كارو بأن "المشكلة لا تتوقف عند العالم الإسلامي؛ لأن السعودية مولت مساجد ومدارس في الغرب، ففي عام 2017 وجد تقرير لوزارة الداخلية البريطانية أن السعودية هي المصدر الأول للتشدد في المملكة المتحدة، وفي أعقاب نشر التقرير، قال السفير البريطاني السابق في السعودية سير ويليام باتي، إنه في الوقت الذي قامت فيه السعودية بتمويل المساجد، التي تحولت لمراكز للتشدد، فإنهم لم يكونوا واعين لآثار أيديولوجيتهم".
ويعلق الكاتب قائلا إن "هذا دفاع ومحاولة لتبييض صفحة السعوديين، مع أن إمام الحرم المكي الشيخ عادل الكلباني قال إن تنظيم الدولة هو نتاج للسلفية".
ويرى كارو أن "العالم الغربي ليس بحاجة إلى دبلوماسيين مثل سير ويليام باتي وغيره، فما يحتاجه هو قادة جادين لا يخافون من الدفاع عن المصالح القومية، ولسنا بحاجة إلى جارد كوشنر، الذي لا تتجاوز أهليته للتعامل مع الشرق الأوسط أهلية نيكولاس مادورو لحكم فنزويلا".
ويعتقد الكاتب أنه "لا يوجد هناك طريق لقتال الراديكالية دون مواجهة الدور السعودي، ولو عنى ترامب ما قاله في رسالته عن (أمريكا أولا) لكانت الولايات المتحدة أكثر وعيا استراتيجيا في التعامل مع قضية خاشقجي، وكانت ستعرف كيفية معاقبة السعودية دون تأثر العلاقات الثنائية".
ويختم كارو مقاله بالقول إن "واشنطن لا تحتاج لقطع علاقاتها مع السعودية، بل كان عليها اتخاذ الخطوات للضغط على الملك لعزل الأمير محمد من ولاية العهد، وإلغاء صفقات السلاح، ومعاقبة السعوديين على نشر أيديولوجيات الكراهية، وكان عليها أن تقول للسعوديين إن خاشقجي كانت القشة الأخيرة، ويجب عليهم الإصلاح أو مواجهة العزلة تماما مثلما جربتها إيران".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)