هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للأكاديمي شبلي التلحمي، يقول فيه إن علاقة الحب بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي قد تؤدي دورا جيدا في مؤتمر "إيباك" هذا الأسبوع، لكنها لا تعكس بالضرورة آراء الناخبين الجمهوريين.
ويقول تلحمي في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن "دعم إدارة ترامب التلقائي ودون تمييز لسياسات الحكومة اليمينية الإسرائيلية، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وقبول تنامي المستوطنات الإسرائيلية، كان مثيرا، ليس في فقط في أحادية الجانب الذي امتازت به، لكن أيضا لتجاهلها القوانين والأعراف الدولية، كما شوهد في تغريدة الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي، التي قال فيه إنه (حان الوقت للولايات المتحدة لأن تعترف اعترافا كاملا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان)، الأراضي السورية التي تحتلها إسرائيل منذ حرب عام 1967، ويثير تصرف البيت الأبيض سؤالا مهما: هل احتضان ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يساعد الرئيس على الأقل مع قاعدته؟".
ويشير الكاتب إلى أن "هذا التحرك الأخير الخارج عن العادة والمتعلق بمرتفعات الجولان، لن يقابل معارضة دبلوماسية واسعة فقط، لكنه سيعطي مادة لأولئك الذين يريدون أن يسخروا من الديمقراطية الأمريكية، البلد الذي استطاع أن ينتخب تاجر عقارات كبيرا لكن جهله واضح، وأنه أتى بزوج ابنته غير المنتخب، الذي تنقصه الخبرة بشكل كبير، جاريد كوشنر، ليقود سياسته الشرق أوسطية، فكوشنر، الذي تربط عائلته علاقات حميمة مع نتنياهو منذ أن كان الأخير مراهقا، تخلى عن سياسات أمريكية استمرت لعقود، وأهمل قرارات الأمم المتحدة والشعب الأمريكي يراقب بلا حول ولا قوة".
اقرأ أيضا: "فايننشال تايمز" بافتتاحيتها: قرار ترامب سابقة خطيرة
ويقول تلحمي إن "المشكلة التي يواجهها نتنياهو في إسرائيل قد تعود لتطارد ترامب أيضا، فالمدعي العام الإسرائيلي أوصى بتوجيه تهم بالفساد لنتنياهو، بالإضافة إلى أنه تم انتقاد رئيس الوزراء على نطاق واسع لوساطته في تحالف تضمن حزب القوة اليهودية -المؤلف من أتباع مئير كاهانا، مؤسس الحركة اليمينية المتطرفة كاخ- التي تعد تنظيما إرهابيا حتى في إسرائيل، ومع ذلك يقف كل من ترامب وكوشنر بجانب نتنياهو لما يبدو أنه مصالح سياسية: مساعدة رئيس وزراء محاصر ليتم انتخابه ثانية، وفي الوقت ذاته كسب نقاط لدى الناخب الجمهوري في أمريكا".
ويلفت الكاتب إلى أن "الحكمة التقليدية التي تقول إن ناخبي ترامب مؤيدون جدا لإسرائيل وتقوم على أدلة حقيقية، تشير إلى أن علاقة ترامب بنتنياهو هي زواج تم ترتيبه في السماء، لكن هناك أيضا أدلة تشير إلى أنه ليس كل شيء على ما يرام".
ويقول تلحمي: "فلنبدأ بالسماء، فكما أن هناك أدلة قوية على أن الديمقراطيين ابتعدوا عن الرغبة بأن تكون السياسة الأمريكية متحيزة لإسرائيل لصالح التعامل دون انحياز، فإن أكثرية الجمهوريين يقولون إنهم يريدون من أمريكا أن تنحاز تماما إلى إسرائيل، خاصة المسيحيين الإنجيليين".
ويضيف الكاتب: "بالإضافة إلى ذلك فإن استطلاعا أجرته جامعة ماريلاند أظهر بأن الجمهوريين يحبون نتنياهو، وفي الواقع وخلال الانتخابات الأولية للمرشحين الرئاسيين 2015- 2016، فقد ردد اسمه في الحوارات الجمهورية الداخلية أكثر من أي زعيم دولي، وبحسب استطلاع أجريته أنا وزملائي أظهر في وقته أن نتنياهو اشترك في المرتبة الأولى مع ريغان بصفته أفضل زعيم بين الجمهوريين -وتجاوز حتى ريغان بين المسيحيين الإنجيليين- في سؤال مفتوح، وحتى الآن ومع أن ترامب هو الزعيم الأكثر شعبية لدى الديمقراطيين، يأتي نتنياهو في الدرجة الثانية مباشرة".
وينوه تلحمي إلى أنه "في المقابل فإن ترامب له شعبية في إسرائيل، ويظهر استطلاع قام به مركز بيو للأبحاث أنه في الوقت الذي يفتقد فيه ترامب إلى الشعبية في أنحاء العالم كله، إلا أن له شعبية واسعة في إسرائيل، وأجرت جامعة ميريلاند استطلاعها الخاص بإسرائيل، الذي أظهر أن ترامب يحظى بشعبية كبيرة بين الإسرائيليين إليه، وحتى العلمانيين منهم كانت آراؤهم الإيجابية حوله أكثر من آرائهم السلبية".
ويرى الكاتب أنه "بناء على هذه المعطيات، فإن الأمر يبدو أنه ربح للطرفين، وهذا ما يوضح لماذا يريد الزعيم الإسرائيلي المحاصر أن يبدو أفضل صديق لترامب في إسرائيل، ولماذا يقوم ترامب بفعل الأشياء التي تريدها إسرائيل كلها، بما في ذلك تأييده المعلن لسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، وقام بمقابلة رئيس الوزراء في واشنطن يوم الاثنين، قبل أسبوعين من الانتخابات الإسرائيلية".
ويستدرك تلحمي بأن "هناك مؤشرات أخرى تشير إلى أن الجمهوريين، بمن فيهم الناخبون الإنجيليون، قد يكونون سئموا المدى الذي ذهب إليه ترامب في احتضانه لنتنياهو واليمين الإسرائيلي، وأحد المؤشرات هي الفارق بين من يريدون ترامب أن يأخذ جانب إسرائيل (57%) ومن يعتقدون أن ترامب في الواقع يأخذ جانب إسرائيل (71%). وهذا يؤشر إلى مستوى من عدم الارتياح بين قطاعات من الناخبين الجمهوريين".
ويشير الكاتب إلى أن "الأمر الثاني هو أنه على خلاف 2015، عندما لم يكن لدى الجمهوريين زعيم واضح وكان نتنياهو أحد أبرز الشخصيات المعارضة لصفقة أوباما النووية مع إيران، بما في ذلك انتقاد صفقة أوباما في اجتماع للكونغرس، فإن ترامب الآن هو أكثر الزعماء شعبية بين الجمهوريين، لكن قاعدة ترامب تدعمه لأنه دونالد ترامب وليس كثيرا لأنه صديق نتنياهو".
ويفيد تلحمي بأن "قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل يجعلان الأمر واضحا، فقبل هذا التحرك أظهر استطلاع أجريناه في جامعة ماريلاند بأن الجمهوريين كانوا منقسمين حول هذه القضية: حيث أيدها 49% في الوقت الذي عارضها 44%، لكن بعد أن قام ترامب بنقل السفارة، زاد التأييد بين الجمهوريين لهذا التحرك، وهذا التوجه باتخاذ موقف سياسي بناء على القبلية السياسية وسياسية الهويات -بدلا من التحليل الموضوعي للقضايا- واضح عندما يتعلق الأمر بالمواقف تجاه قضايا أخرى، مثل الإسلام والمسلمين، وكثيرا ما يتبنى الأمريكيون الآن مواقف سياسية فقط بناء على إشارات من ترامب، وأولئك الذين يحتضنون الرئيس عادة يغيرون آراءهم لدعم مواقفه، وأولئك الذين يرفضونه يعارضون سياساته كرد فعل".
ويقول الكاتب: "ثالثا، وعلى خلاف غالبية الديمقراطيين الذين يقولون إن لدى إسرائيل تأثيرا واسعا على السياسة الأمريكية، فإن معظم الجمهوريين يقولون إن مستوى التأثير الإسرائيلي يقع في مجال المستوى الطبيعي، وفي الوقت ذاته فإن عدد الجمهوريين الذين يقولون إن لدى إسرائيل نفوذا كبيرا في أمريكا هو ضعف من يقولون إن نفوذ إسرائيل في أمريكا قليل جدا، وهو ما يعكس مستوى من عدم الارتياح من الدعم الذي لا لبس فيه لنتنياهو".
ويضيف تلحمي: "أخيرا، هناك تحول يتم على مستوى أمريكا، لكنه أوضح بين مجموعة تعد حجر الزاوية في الدعم الجمهوري لإسرائيل: المسيحيين الإنجيليين، وبشكل عام فإن الأمريكيين تحت سن 35 عاما يريدون أن تكون أمريكا أقل تحيزا لإسرائيل ولصالح تعامل دون انحياز بأعداد أكثر ممن هم أكبر من 35 عاما، لكن أكبر تحول يبدو أنه يحصل بين المسيحيين الإنجيليين: ففي الوقت الذي يريد فيه 45% من الإنجيليين في سن 35 عاما أو أكبر من إدارة ترامب أن تنحاز أكثر إلى إسرائيل، لكن 21% فقط ممن هم أقل من 35 عاما يريدون ذلك، وفي الوقت الذي يرى فيه 1% ممن هم 35 عاما أو أكبر أن على ترامب أن ينحاز للفلسطينيين، فإن هذه النسبة تصل إلى 18% بين من هم تحت سن 35 عاما، وبالإضافة إلى أن هناك تحول أجيال بين الإنجيليين الشباب حول قضايا مثل قضية الزواج المثلي، فإن هناك انقساما أكبر بين الإنجيليين الشباب وكبار السن حول إسرائيل".
ويختم الكاتب كقاله بالقول إن "هذه المؤشرات تشير إلى أن قاعدة ترامب ليست كلها راضية عن احتضانه لرئيس الوزراء الإسرائيلي، وبالتأكيد، فإن الدعم بين الجمهورين للسياسة الإسرائيلية اليمينية لا يزال قويا، ولا يبدو أن هناك نهاية منظورة لهذا، بالرغم من علامات عدم الارتياح، لكن قد يكون هذا ناتجا عن حقيقة غياب ثمن وشيك لعلاقة الحب مع نتنياهو وللأفعال المتهورة التي يقوم بها لإظهار ذلك الحب، وإن ظهرت تكاليف لتلك الأفعال فيجب توقع ردة فعل تدوم أبعد من ترامب، لكن إلى الآن فإن أولوية الحزب الجمهوري هي الوقوف خلف ترامب في أمريكا، التي هي مستقطبة بشكل كبير، والتغطية على الخلافات بخصوص إسرائيل بين ناخبي الحزب، إلا أن هذه الخلافات لن تبقى بعيدة عن الأنظار إلى الأبد".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)