هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تناولت صحيفة إسرائيلية، تداعيات حالة التوتر والمظاهرات التي تعصف بالجزائر، رفضا لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، والتي من الممكن أن تدفع الجيش للعمل بقوة ضد المتظاهرين وربما فرض حالة الطوارئ.
وأوضحت صحيفة "هآرتس" العبرية في مقال للكاتب تسفي برئيل، أن "خروج عشرات آلاف المتظاهرين في شوارع الجزائر في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، يثير بشكل طبيعي السؤال: هل الجزائر التي نجحت في التملص من ثورة "الربيع العربي" تقف على عتبة ثورة؟".
ونوهت إلى أن "السبب المباشر للمظاهرات، إعلان الحزب الحاكم (جبهة التحرير الوطني) أن الرئيس بوتفليقة سيترشح لولاية خامسة"، مضيفة أنه "في الشهر الماضي استيقظت الشبكات الاجتماعية بعد الإعلان عن ترشحه، على طلب عشرات الآلاف منه الانسحاب، وانزلق هؤلاء من الشبكات إلى الشوارع وهم يرفعون لافتات تذكر بالتي رفعها المتظاهرون في مصر وتونس وليبيا".
وذكرت الصحيفة، أنه "يمكن لـ41 مليون مواطن جزائري الانتظار حتى الانتخابات لتحديد من سيكون الرئيس مثلما فعلوا في الحملات الانتخابية الأربع السابقة، منذ انتخاب بوتفليقة عام 1999، ولكن هذه الانتخابات بعيدة عن أن تكون انتخابات حرة".
اقرأ أيضا: استقالة نائبين ومذيعة بتلفزيون الجزائر رفضا لترشح بوتفليقة
وأضافت: "بوتفليقة المريض والبلغ من العمر 82 عاما، ما زال يحظى بتأييد الجيش والأجهزة الأمنية وأصحاب رؤوس الأموال في الدولة، وهكذا يمكنه الفوز في الانتخابات والاستمرار بولاية خامسة، لكن المعارضين يطالبون البرلمان بتطبيق البند 102 في الدستور، الذي ينظم انتقال السلطة بصورة مؤقتة لرئيس البرلمان في حالة عجز الرئيس، لأسباب صحية أو غيرها، باختصار، هم يريدون انتخابات بدون بوتفليقة".
وأشارت "هآرتس"، إلى أن بعض "مراكز القوة في الجيش تخشى مما سيكون في اليوم التالي، وبدأت الذاكرة الجماعية المخيفة منذ بداية التسعينيات تطفو وتظهر من جديد، حين اندلعت احتجاجات كبيرة بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، وسياسة التقشف الاقتصادي التي أشعلت الشوارع".
وعقب فوز الحركات الإسلامية في الانتخابات المحلية، ألغى الجيش الانتخابات عام 1991 وقام بتعيين حكومة، وفي ذات العام بدأ "العقد الأسود" الذي حدثت فيه حرب أهلية قتل فيها نحو 200 ألف شخص، بحسب الصحيفة التي قالت: "بعد ثماني سنوات، عاد بوتفليقة من المنفى في سويسرا، التي هرب إليها لتفادي تقديمه للمحاكمة بسبب سرقات ضخمة، وكأنه بطل قومي واختير بأغلبية 74 في المئة، كرئيس".
ومع عودة بوتفليقة فقد "عاد الاقتصاد أيضا لسابق عهده مستندا لارتفاع سعر النفط، ولكن إلى جانب النمو الاقتصادي تم تقييد الدولة بقيود قمع ومنع حرية التعبير، وفرضت رقابة شديدة وكانت سيطرة الاستخبارات شاملة".
وقدرت أن "الاعتماد المطلق على النفط والغاز جبى خلال سنوات قليلة ثمنا اقتصاديا وسياسيا عاليا، والصندوق المليء واحتياطي العملة الصعبة الكبير مكن الحكومة من شراء الهدوء، وهو ما منحها إمكانية دعم السلع وخفض أسعار السلع الأساسية، وهكذا وضمن أمور أخرى اجتازت الجزائر بسلام عاصفة الربيع العربي عام 2011".
اقرأ أيضا: الشرطة تقمع مظاهرة طلابية ضد ترشح بوتفليقة بالعاصمة
وتابعت: "بعد ثلاث سنوات في 2014، جاءت ضربة انخفاض أسعار النفط، فمن دخْل وصل عام 2007 إلى 74 مليار دولار، انخفض عام 2017 إلى 24 مليارا، وانخفض احتياطي العملة الصعبة من 178 مليار دولار عام 2014، إلى 97 مليار دولار بداية 2018، وبذلك بدأت تتلاشى الإمكانيات التي كانت في متناول يد الحكومة في بداية سنوات الألفين".
وفي ظل هذا الواقع، ارتفعت البطالة في هذا العام إلى 12 في المئة، وفي أوساط الشباب الذين يشكلون نصف عدد السكان وصلت إلى 29 في المئة، ومعدل النمو الذي وصل قبل عامين إلى أكثر من 5.3 في المئة انخفض إلى 0.8 في المئة، كما أنه يتوقع أن يصل العجز في الميزانية إلى 10 في المئة من الناتج الاجمالي الخام، والعجز في الميزان التجاري إلى نحو 12.5 في المئة، وفق "معاريف" التي زعمت أن هذه الأزمة الاقتصادية تحتاج إلى "إصلاح عميق وسيطرة سياسية قوية تمكن من تنفيذه".
وأكدت "هآرتس"، أن "النخبة العسكرية والسياسية والاقتصادية الجزائرية؛ والتي تسمى (أصحاب السلطة) تتعاون لتقتطع معا الكوبونات السمينة، وهي لن تسمح بصعود قادة أقوياء يمكنهم أخذ دور الرئيس على عاتقهم"، منوهة إلى أنه "برز أكثر من اللازم ووجد نفسه خارج دائرة متخذي القرارات".
وتابعت: "ذات يوم كان هذا هو رئيس المخابرات محمد توفيق مدين، الذي أقيل من منصبه، ومرة أخرى كان سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، الذي كان يطمح بأن يكون الرئيس حتى تم تقزيمه لدرجة مستشار؛ نتيجة لذلك فإنه لم يتطور في الجزائر بديل مناسب للحكم، ولم يظهر زعيم قوي يمكنه استبدال بوتفليقة".
اقرأ أيضا: معارضة الجزائر تدعم الحراك الشعبي وتدعو الجيش لحمايته
ونبهت إلى أن "التوق لإبقاء بوتفليقة لولاية خامسة، هو أمر مشترك بين الجيش ودول أوروبية، وبالأساس فرنسا وإيطاليا وإسبانيا التي تعتمد على النفط والغاز الجزائري".
وفي نهاية تقريرها توقعت الصحيفة الإسرائيلية، أن تقف خلال الفترة القادمة أمام "موجة عاصفة من المظاهرات والاضطرابات التي ستجبر الجيش والشرطة على العمل بكامل القوة، وربما حتى فرض حالة الطوارئ".