ملفات وتقارير

التطبيع.. ورقة نتنياهو الرابحة للفوز في انتخابات "الكنيست"

نتنياهو تعهد بزيارة المزيد من الدول العربية وفتح علاقات معها- مكتب نتنياهو
نتنياهو تعهد بزيارة المزيد من الدول العربية وفتح علاقات معها- مكتب نتنياهو

لا يدخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جهدا في ترويج لقاءاته التطبيعية الأخيرة مع زعماء دول عربية وإسلامية، في سبيل الفوز في انتخابات الكنيست الإسرائيلي (البرلمان)، والتي ستجري في التاسع من نيسان/ أبريل القادم.

وباتت لقاءات نتنياهو الأخيرة وجهوده نحو التطبيع؛ مادة دسمة في الدعاية الانتخابية لحزبه "الليكود"، ولا يكاد يخلوا خطاب أو تصريح لنتنياهو من تسويق لما يصفها انجازات على صعيد العمل الخارجي، خاصة ملفات التطبيع، والضربات في سوريا، والأوضاع في غزة. في محاولة للتغطية على قضايا داخلية تؤرقه، وقد تسحب من رصيده في الانتخابات، لعل أبرزها ملفات الفساد المفتوحة ضده.

وكان نتنياهو زار في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي سلطنة عمان، والتقى بالسلطان قابوس بن سعيد في زيارة معلنة، فيما تبادل نتنياهو ورئيس تشاد ادريس ديبي الزيارات المتبادلة، وأعلنا استئناف العلاقات الدبوماسية بينها بعدما توقفت منذ عام 1972.


وتعهد نتنياهو بزيارة المزيد من الدول العربية، وفتح علاقات معها، فيما التقى على هامش قمة وارسو التي أقيمت في بولندا قبل أيام؛ بوزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، وظهر جالسا إلى جانب وزير الخارجية اليمني خالد اليماني في المؤتمر ذاته.


ووصف الكاتب الإسرائيلي روعي يالينك، في مقال تحليلي نشره موقع "ميدا" وترجمته "عربي21"، قمة وارسو واللقاءات التي جمعت نتنياهو مع عدد من الزعماء العرب، بأنها شكلت ذروة عملية إقليمية مركبة تتركز بإقامة تحالف إقليمي لمواجهة التهديد الإيراني، ووضعت القضية الفلسطينية في الزاوية، وأبعدتها عن جدول الأعمال السياسي اليومي للمنطقة والعالم".

المتخصص في الشؤون الإسرائيلية علاء الريماوي قال، إن نتنياهو يسوق داخليا على أنه الوحيد القادر على إقامة علاقات مع دول عربية وإسلامية غير التي تقيم معها إسرائيل علاقات (مصر والأردن)، متجاوزا بذلك ما كان يعرف بأن بوابة التطبيع مع العرب تمر عبر حل القضية الفلسطينية.


وأضاف الريماوي في حديث لـ"عـربي21" أن ماكنة نتنياهو الانتخابية تروج إلى أنه استطاع أن يفك الحصار والمقاطعة العربية لإسرائيل، وأنه نجح في تكوين ما يعرف بجبهة مواجهة إيران التي تشمل دولا عربية على رأسها السعودية، وذلك للمرة الأولى في تاريخ زعماء إسرائيل؛ كما تقول دعاية حزب الانتخابية.

 

اقرأ أيضا: خصما نتنياهو يشكلان تحالفا مشتركا لخوض الانتخابات

ويرى الريماوي أن ترويج نتنياهو إلى زيادة مساحة التطبيع في فترة ولايته ترجع لأسباب ثلاث، أولا، استطاعته خلق دوائر اقتصادية متبادلة مع دول عربية، فيما السبب الثاني ربطه للعلاقة مع العرب بأبعاد أمنية، تشكل عصب العلاقة، فيما حل ثالثا نجاحه في إحكام الحصار على قوى المقاومة في المنطقة من خلال طوق عربي بات يرى أن هناك عدوا مشتركا.

واستطرد قائلا: "نتنياهو يخاطب جمهورة بمنطق القدرة والقوة، ويعتمد في دعايته على الاقتصاد والأمن، ونجح في تمرير صفقات غاز مع مصر والأردن، وتعهد بفتح المجال العربي أمام الشركات الإسرائيلية، فيما يروج أنه يقدم بدائل أمنية ناجحة من خلال ضرباته في سورية، أو محاربته للمقاومة في الفلسطينية، وحزب الله في لبنان". متوقعا أن تكون هذه الدعاية كفيلة بجلب مؤيدي نتنياهو إلى صناديق الاقتراع، "إذ أنه الأوفر حظا حتى الآن بين منافسيه".

الخبير في الشؤون الإسرائيلية مأمون أبو عامر قال، إن نتنياهو يدفع بأزماته الداخلية نحو الخارج، محاولا لفت أنظار الناخب الإسرائيلي إلى ما يعتبرها إنجازات حققها خارجيا، أبرزها مساعي التطبيع مع دول عربية جديدة.

ولفت أبو عامر في حديث لـ"عربي21" أن نتنياهو استغل حالة التطبيع التي تجلت مؤخرا مع عدد من الدول العربية في معركته الانتخابية، إضافة إلى استغلاله الضربات والقصف داخل سوريا لتحفيز الناخب الاسرائيلي للتصويت له عبر تخويفه من الوضع الأمني المحيط، وإظهار أنه الأقدر على مواجهة ذلك.

وأشار إلى أنه بخلاف الأحزاب المنافسة التي تركز على الملفات الداخلية، فإن نتنياهو يسير في دعايته الانتخابة باتجاه معاكس، فهو يفجر أزمات أمنية وسياسية ،ويفتح ملفات العلاقات الدولية، وبذلك ينقل النقاش من الداخل إلى الخارج، كونه أكبر المتضررين من فتح ملفات الفساد التي تلاحقه.

واستطرد خبير الشؤون الإسرائيلية قائلا: "نتنياهو استغل علاقته بالإدارة الأمريكة لحثها على الضغط على بعض الدول العربية لفتح أبوابها لنتنياهو، ولذلك شاهدنا زيارته لعُمان، وتشاد، ولقاءاته في مؤتمر وارسو مؤخرا، التي بدا فيها نتنياهو متصنعا،  وقد عمد إلى فضح حلفائه بطريقة سافرة بعد تسريب اللقاءات التي كانت يفترض أن تبقى سرية".


من ناحية أخرى، قال أبو عامر، إن نتنياهو يحاول ترويج نجاحه في قلب هرم الصراع مع الفلسطينيين وفق رؤية حزب الليكود الذي يترأسه، وليس حزب العمل أو الأحزاب الأخرى، بمعني أنه يروج لإمكانية إقامة علاقات كاملة مع العرب، دون الحاجة إلى حل القضية الفلسطينية.

على صعيد آخر، "أعطى نتنياهو أوامره بتكثيف القصف الجوي داخل سوريا خلال الفترة الأخيرة، وعلى غير العادة، أصبح يصرح بالمسؤولية عنها، رغم الشكوك التي تحوم حول جدوى بعضها ومدى نجهاها، وواضح أن الهدف منها لفت أنظار الإسرائيليين في الداخل إلى الأخطار الخارجية". بحسب الخبير.

 

اقرأ أيضا: يديعوت: زيارة مرتقبة لنتنياهو لدولة عربية قبل الانتخابات

وأخيرا، رأى أبو عامر أن نتنياهو: "يسوق داخليا أنه حافظ على مستوى معين من التصعيد مع قطاع غزة، في إطار مواجهة منخفضة، بحيث يبقى على القلق الداخلي من الخطر القادم من غزة، فيما سعى  إلى إبطال تأثير الدعاية التي تقول أنه اتفق مع حماس على التهدئة. وبالتوازي؛ يشن حملة على السلطة، ويخصم من أموال الضرائب، وهو بذلك يقلص الحديث حول الوضع الداخلي ويفتح نقاشا خارجيا يستفيد منه ويحقق فيه انجازات".

التعليقات (0)