هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لم يستبعد سياسيون مصريون تحول التعديلات الدستورية التي بدأ التجهيز لها بمصر، للعنة قد تصيب رئيس نظام الانقلاب عبد الفتاح السيسي، انطلاقا من تاريخ التعديلات الدستورية التي شهدتها مصر خلال الأربعين عاما الأخيرة.
وأكد السياسيون والقانونيون الذين تحدثوا لـ"عربي21" أن التعديلات التي أدخلها الرئيسان السابقان أنور السادات وحسني مبارك على دستور 76، لم يستفيدا منهما، حيث اغتيل الأول بعد تعديلات 1980 الشهيرة، بينما تم عزل الثاني بعد تعديلات 2007 المثيرة للجدل، وحتى الرئيس محمد مرسي تم الانقلاب عليه بعد أشهر من إقرار دستور 2012.
وحسب الخبراء، فإن نفس المصير يمكن أن يواجه السيسي الذي يسعى لتعديل دستوري يمكنه من البقاء بالسلطة حتى عام 2034، خاصة وأن الأجواء التي صاحبت تعديلات دستور 76 على يد السادات ثم مبارك، هي نفسها التي تصاحب تعديلات السيسي على دستور 2014.
اقرأ أيضا: خطوات تعديل دستور السيسي قبل إقراره (إنفوغرافيك)
"باب الشر"
ووفقا للباحث القانوني والدستوري الدكتور أشرف الأحمدي فإن النائبة السابقة فايدة كامل كانت أول من فتح باب الشر لاختراق الدستور المصري، لخدمة رغبات الرئيس الأسبق أنور السادات، عندما تقدمت بتعديل دستوري في بداية 1980، وقبل أكثر من عامين على موعد الانتخابات الرئاسية التي كان مقرر عقدها عام 1981، وهو التعديل الذي طالبت بمقتضاه تعديل المادة 77 من دستور 1976، بما يسمح بفتح مدد الرئاسة.
وأضاف الأحمدي لـ "عربي21" أن المادة كانت تنص على أن "مدة رئيس الجمهورية 6 سنوات ويجوز أن تجدد لمدة واحدة أخرى"، فتحولت بعد التعديل لجواز تجديدها لمدد أخرى، ولكن الرئيس السادات لم يستفد من هذا التعديل حيث تم اغتياله في حادث "المنصة" يوم 6 أكتوبر 1981، قبل أشهر من الموعد المقرر للانتخابات الرئاسية، ليستفيد من التعديل خلفه حسني مبارك.
وأشار إلى أن مبارك أجرى تعديلين جوهريين على دستور 1976، الأول بشباط / فبراير 2005 لتعديل المادة 76 من دستور 1976، والمتعلقة بطريقة اختيار رئيس الجمهورية والتي تحولت من الاختيار من خلال ترشيح البرلمان ثم الاستفتاء، للانتخاب الحر المباشر، ولكن دون الاقتراب من مدد الرئاسة، لتشهد مصر نهاية 2005 أول انتخابات تنافسية في تاريخها الجمهوري بين مبارك والمعارض أيمن نور ورئيس حزب الوفد نعمان جمعة.
وأضاف الباحث الدستوري أن "التعديل الثاني بعهد مبارك كان الأكثر والأشهر، حيث أرسل مبارك للبرلمان نهاية 2006 تعديلات تشمل 34 مادة بدستور 76، كان أهمها المواد (5 و76 و77 و88) وهي المواد المتعلقة بمنع قيام الأحزاب على خلفية دينية، وطريقة اختيار رئيس الجمهورية، وإطلاق مدد الرئاسة، وإلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات، وقد عرفت هذه التعديلات بأنها تعديلات مشروع التوريث الذي كان يسعى إليه جمال مبارك وعدد من قيادات الحزب الوطني الحاكم وقتها".
ولفت الأحمدي إلى أن هذه التعديلات كانت أحد أهم أسباب ثورة 25 يناير 2011، حيث أجرى مبارك انتخابات البرلمان في ظل التعديلات المشبوهة، ما استفز القوى السياسية والشباب الثائر ومختلف فئات الشعب المصري، الذين شكلوا جميعا وقودا لثورة 25 يناير، التي اندلعت قبل الانتخابات الرئاسية التي كان مقرر لها نهاية 2011، بعدة أشهر، ليرحل بعدها مبارك ويتم سجنه وعزله عن الحياة السياسية هو وأبناؤه وحزبه الحاكم.
البحث عن الشرعية
وفي تعليقه على التعديلات الجديدة للسيسي، أكد عضو البرلمان المصري السابق عزب مصطفى لـ "عربي21"، أنه كان عضوا بالبرلمان الذي ناقش تعديلات مبارك عام 2007، وقد حذروا وقتها من أن هذه التعديلات سوف تدفع للانسداد السياسي، وتأزم الوضع الداخلي، نتيجة الرفض الشعبي والسياسي لملف التوريث، خاصة وأن المواد التي تم تعديلها تم تفصيلها على مبارك ونجله.
اقرأ أيضا: تفاصيل كيان المعارضة الجديد لمواجهة تعديل الدستور بمصر
ورأى النائب السابق، أنه رغم سوء تعديلات 2007، إلا أن الحالة الراهنة مختلفة، لأن السيسي مازال يبحث عن شرعية دستورية لطمس معالم الانقلاب العسكري الذي قام به في تموز/ يوليو 2013، وبسببه تم القفز على دستور 2012 الذي كان أحد نتائج ثورة 25 يناير، ووافق عليه الشعب المصري بنسبة 65 بالمئة، وكان يرسخ لحياة مدنية سياسية حقيقية تنهي سطوة الدولة العسكرية على الدولة المصرية، وهو ما كان سببا في تحرك العسكر للانقلاب على الرئيس مرسي ووقف العمل بالدستور كأول قرار للانقلاب.
وأضاف مصطفى، أن السيسي أكثر الشخصيات التي انتهكت الدساتير، وحتى دستور 2014 الذي أشرف على صياغته، وتولي الحكم تحت مظلته، كان أكثر من انتهكه وخالفه، سواء في العلاقة بالبرلمان أو باقي المؤسسات، وتشكيل الحكومة، وعزل القيادات التي حصنها دستور الانقلاب مثل وزير الدفاع وأعضاء المجلس العسكري، ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات وغيرها من الانتهاكات الأخرى الكثيرة.
وتوقع النائب السابق أن تصيب لعنة التعديلات الدستورية السيسي، كما أصابت السادات ومبارك، انطلاقا من القاعدة الشهيرة "أن ما بني على باطل فهو باطل".