قضايا وآراء

عندما يتحدث السيسي!!

محمد شريف كامل
1300x600
1300x600
من المعلوم أن العميل المزدوج ينتحر عندما يُكتشف أمره، والعميل المستتر تطالب المخابرات باسترداده. وقد اكتُشف مؤخرا نوع ثالث، وهو العميل الأرعن الذي يتفاخر بعمالته، ولا يدرك أن ما يتفاخر به هو العمالة، وقد اكتشفنا ذلك النوع النادر ونحن نتابع حوار CBS مع السيسي.

ولقد تابع العديد بشغف ذلك الحديث الذي أجراه "سكوت بيللي" من برنامج 60 دقيقة على قناة CBS الأمريكية، وبالرغم أن الحديث لم يأت بالجديد، إلا أن ذكاء قناة CBS ومعدة البرنامج "راشيل مورهاوس"، واحترافية المحاور، وغباء وعنجهية النظام الحاكم في مصر.. جعلوا من الحوار مادة تسويقية شيقة.

وبعيدا عن اعتراف السيسي بالتعامل الرسمي مع الجيش الإسرائيلي، فإننا يجب علينا أن ندرس الحدث وليس الحوار وحسب. والحدث يبدأ مع تجهيز اللقاء وإدارة الحوار وموقف النظام المصري بعد الحوار. والمتابع لذلك الحدث يدرك من الوهلة الأولى الفرق الشاسع بين إدارة قناة تلفزيونية أعدت للبرنامج فظهرت بصورة المحترف الذي يحترم عمله وجمهوره، ونظام يدير دولة ليحطمها.. نظام أرعن لا يحترم حتى هؤلاء الذين يطيعونه طاعة عمياء، وكيف يُحترم من يطيع الكاذب القاتل؟

لقد أدرك "سكوت" و"راشيل"، كما أدرك الغالبية من المشاهدين، أنهم يحاورون قاتلا تمكن من جريمته بفضل صمت العالم الذي تركه يتحكم في أكبر دولة في الشرق الأوسط ليدمرها. فقبل أن يلتقوا به، التقوا وحاوروا المتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة "عبد الموجود الدرديري"، و"محمد سلطان"، أشهر سجناء السيسي من الأمريكان، بالإضافة إلى السياسي الأمريكي المخضرم "أندرو ميلير" الذي عمل لأكثر من عشرة أعوام في الشرق الأوسط، ويعتبر من خبراء الشرق الأوسط. والحق يقال، لقد ظهر الجميع محترفين ومتمكنين، ولا مقارنه بينهم وبين ذلك السيسي، وقد تحدثوا جميعا بلسان حالنا وحال كل مصري يحمل ما بقي من الأدمية في دمه.

وكما قال "سكوت"، هناك من يرفض تسمية ذلك القاتل "رئيسا"، وأنا من هؤلاء، ولكن للأسف المراسم الدبلوماسية تسميه كذلك؛ بدلا من أن تلقيه في السجون انتظارا لحبل المشنقة. وليس هذا بشاق، والشهود على جرائمه يمتدون من مجزرة الحرس الجمهوري لمجزرة رابعة، حيث سمته "هيومان ريتس وواتش" كمتهم أول، وتدمير سيناء، وقتل فيه أكثر من أربعة آلاف من أهلها في حرب لم تنته بعد، رغم أن عصابته قتلت حتى الآن أربعة أمثال العدد الذي حدده هو وشركاؤه بألف من الإرهابيين.

إن أداء السيسي الفاشل أمام الكاميرا، من العرق والضحك الهيستيري المصطنع، يعادل فشل إدارة مشروع الحوار مع القناة قبل الحديث وبعده، بداية من طلب الأسئلة مسبقا، إلى محاولة وقف إذاعة الحوار، حتى محاولة رشوة "راشيل مورهاوس" بزيارة إلى مصر! وما الغريب في ذلك؟ فمصر يمثلها في الخارج دبلوماسيون غير احترافيين، وما هم إلا مرآة تعكس الداخل بفشله وعمالته واحترافه للتملق والارتزاق. وهل يقبل الدبلوماسي المحترف أن يمثل مثل ذلك النظام؟!

وإن كانت متابعة والاستماع لذلك السيسي  تصيبني والكثيرين بالتقزز، فإن متابعة الحوار مع سكوت وراشيل في ما يعرف بما وراء الكواليس أو ما تسميه CBS ، "60 minutes overtime"، يشعر الجميع باحتقار ذلك الشخص وكل من يقف في صفه، ويزداد احتقارك لذلك السيسي بمتابعة الحوار مع "ألكسندرا أوكاسيو-كورتز"، عضوة الكونجرس المنتخبة حديثا، والتي لم يصل عمرها لـ30 عاما. وللإمعان في فضح السيسي، أُذيع ذلك الحوار مباشرةً قبل حوار السيسي، والذي ظهرت فيه الفتاة الشابة على أعلى درجة من التمكن وهي تتحدث عن أهدافها كممثلة للشعب، وما تسعى له للعمل لبناء مستقبل أفضل، ليس مثل ذلك المستأجَر لتدمير وطن. 

إن استمرار السيسي في استخدام كذبة "30 مليون"، والتي اعترفت مخابراته بعدم مصداقيتها، وتفاخره بتعاونه مع الجيش الإسرائيلي لمحاربة الإرهاب المفتعل، يمثل في حد ذاته رسالة لكل من أيده من قبل بأنه قد آن الأوان لتضع ذاتك جانبا، وتقدم وطنك على كبريائك، وتعترف بأنك كنت ضحية لكذبة كبيرة، وإلا فأنت جزء من تلك المؤامرة الدنيئة التي تهدف للقضاء على وطننا؛ مؤامرة صاغها وينفذها أل زايد وأل سعود تحت إشراف إسرائيل ولصالحها.

أعتقد أن ذلك الحديث وما قد أثير حوله يجب أن يكون نقطة انطلاق لمن تبع السيسي ليقفز من قاربه، وأن يكون نقطة انطلاق لكل قوى الشعب المصري لتتحد في مواجهة ذلك التدمير المتعمد. إن كل من يدعي أنه ضد ذلك النظام، ثم نراه يتهجم على شركاء الوطن أو يقلل من شأنهم، ويتهم يمينا ويسارا، ما هم إلا منافقون يسبحون في مستنقع السيسي، ولا يعرفون كيف يخرجون منه. 

هذه المرحلة تحتاج لكل الأيدي، وكل الجهود لتحقيق حلم الربيع العربي الذي لن يتحقق إلا باتحاد قوى الرفض، من الليبراليين والإسلاميين واليمينيين واليساريين، لإنقاذ مصر من ذلك المستنقع، ولبناء مصر المستقبل الذي يحلم بها شباب 25 يناير.
التعليقات (0)