هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد
سيطرتها على المساجد، تسعى وزارة الأوقاف المصرية لإحكام سيطرتها على كتاتيب تحفيظ القرآن
الكريم، عبر تقنين أوضاعها، والرقابة عليها وعلى العاملين فيها.
وكشف
وكيل وزارة الأوقاف لشؤون المساجد والقرآن الكريم، هشام عبدالعزيز، أنه تم تقنين أوضاع
1957 مكتبا لتحفيظ القرآن عن طريق وزارة التضامن الاجتماعي، وأن الوزارة أنشات 764
من المدارس القرآنية يدرس بها نحو 22 ألف طالب.
وقال
لبرنامج "هنا العاصمة"، بفضائية "cbc"، الأحد، إن
الوزارة انتبهت لخطورة مكاتب تحفيظ القرآن الكريم التي لا تخضع لإشرافها، وعملت على
تقنينها، والإشراف عليها، ومتابعتها، مؤكدا أن الوزارة تتابع محفظي القرآن، وتقوم بالتفتيش
عليهم باستمرار؛ للتأكد من فكرهم وما يبثونه للطلاب، وأنها تقيم لجان اختيار للمحفظين
بمقر الوزارة، موضحا أن محفظي القرآن ومدرسي المدارس القرآنية يحصلون على 300 جنيه
شهريا، وسيتم زيادة رواتبهم لـ400 جنيه.
وإثر
الانقلاب العسكري منتصف 2013، اتخذ وزير الأوقاف
محمد مختار جمعة عدة قرارات في إطار ما أسماه سياسة الوزارة لضبط المساجد والابتعاد
بها عن أي توجهات حزبية أو سياسية، حيث تم قصر صلاة الجمعة على المساجد الجامعة، ومنع
إقامتها بالزوايا أو المصليات إلا للضرورة، ومنع غير المصرح لهم بالخطابة من اعتلاء
المنابر، وتوحيد خطبة الجمعة على مستوى الجمهورية، ومنع الخطباء من الحديث بقضايا سياسية
والخروج عن موضوع الخطبة، وعدم جمع أموال بالمساجد إلا في إطار القانون.
"البديل جاهز"
وفي
تعليقه، قال الشيخ محمود (30 عاما) وينتمي للتيار السلفي: "لقد مُنعت من الخطابة
في المسجد الذي ارتاده منذ 5 سنوات، ومع ذلك اكتفيت بالحضور في موعد الكتاب بالمسجد
عصر كل يوم، مؤديا رسالتي، إلا أن إمام المسجد الجديد أبلغني أوامر إدارة الأوقاف بالتوقف
عن الحضور، وقيل لي إن الكتاب مغلق لحين النظر في أمره"، مؤكدا لـ"عربي21" أنهم "لن يتمكنوا من حصاري، فقد نقلت كتابي وتلاميذي لحجرة ببيتي".
"معاملة الأجير"
ويقول
الخطيب بالأوقاف ومحفظ القرآن، الشيخ محمد فضيل (55 عاما): "يتم التعامل معنا
بنظام المكافأة، بنحو 500 جنيه عن الخطابة، تزيد وتنقص و300 جنيه عن تحفيظ القرآن شهريا، وهو مبلغ لا يقيم أود فرد فما بالك بأسرة، مبينا أن الأوقاف تعاملنا كأننا أجراء، رغم
أن ما نقوم به هو أسمى الأعمال عند الله".
وعن
مخاوف الأوقاف من الكتاتيب، أوضح لـ"عربي21" أنها في غير محلها، موضحا: "دورنا تحفيظ كتاب الله فقط، ولا حديث لي ولغيري بأي أمر آخر مع الأطفال".
"عدم الثقة"
أما
المحفظ بالأزهر الشريف الشيخ أحمد (40 عاما)، فتوقع بحديثه لـ"عربي21"، أن
رقابة الأوقاف "ستقلل أعداد حفاظ القرآن، كون الأهالي يتخوفون من أي شيء حكومي،
وتنعدم ثقتهم به"، مضيفا أن "أجر محفظ الأوقاف ضعيف، لذا فلن يعطي الأطفال الجهد ذاته الذي يبذله مع كتاتيب الأهالي الذين لا يبخلون بالمال على تحفيظ أولادهم القرآن".
"محاولة الذهاب بالدين"
وفي
تعليقه يرى الباحث السياسي، أحمد رشدي، أنه "لا جديد، وأصبح كل ذي عينين ومن دونهما
أيضا يرى أن أبرز ما أضيرت به مصر منذ السطو المسلح الذي قام به السيسي وعصابته هو
محاولة الذهاب بالدين"، مضيفا أن "السيسي الذي يدعو للترحيب بكافة المعتقدات
يضيق ذرعا بعقيدة الإسلام، ويرى أن أتباعه خطر على العالم، ويراه محتاجا لتغيير مسلماته
وتراثه".
رشدي
قال لـ"عربي21" إنه "دائما ما كانت دور التحفيظ والمساجد هي الرافد
الرئيس لسد احتياجات الحركة الإسلامية وتجديد دمائها، وهو ما يظن السيسي أنه حال إعلان
الحرب عليهما يكون قد جفف منابع المعارضة وإحكام السيطرة على مقاليد الحكم".
ويعتقد
الباحث المصري أن "الداعمين الدوليين والإقليمين لهذا الانقلاب يعتبرون الإسلام
بوجه عام والحركة الإسلامية خاصة هم الخطر الحقيقي على مخططاتهم لإعادة هيكلة الشرق
الأوسط"، موضحا أن "إشهار السيسي لسيف العداء ضد الإسلام والحركة الإسلامية
ضمانة هامة (من وجهة نظره) لاستمرار هذا الدعم وزيادة".
"التشيع
قبل التطرف"
وفي
تعليقه، أكد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، أن هذه بداية صحيحة للسيطرة
على أي فكر متطرف بالكتاتيب، مشيرا إلى أن "هذا ما فعلته دولة المغرب مؤخرا بعد
أن استغل الجهاديون دور تحفيظ القرآن للتجنيد".
فرغلي،
أضاف لـ"عربي21"، أن "مشكلة الكتاتيب ليست متعلقة فقط بالفكر المتطرف،
ولكن بعقائد أخرى كالتشيع الذي بدأ يتوغل في مصر عن طريقها"، مؤكدا أنه ولذلك
"لا بد من تقنين أوضاعها".
وحول
احتمالات نجاح الأوقاف بخطتها، يعتقد فرغلي أنه "رغم ما ستفعله الوزارة، إلا أن
السيطرة بشكل تام على المساجد والكتاتيب أمر مستحيل، لكنها محاولات قد تثمر أشياء إيجابية".