سياسة دولية

هل ينجح السيسي في توظيف الدين لزيادة حصيلة الضرائب؟

يتهم البعض السيسي باستخدام المؤسسات الدينية للترويج لقراراته- جيتي
يتهم البعض السيسي باستخدام المؤسسات الدينية للترويج لقراراته- جيتي

أثارت فتوى وزير الأوقاف المصري، محمد مختار جمعة، بأن المتهرب من دفع الضرائب لن يُقبل منه صيام ولا صلاة ولا حج، انتقادات عامة في البلاد، ورفضا من جانب رجال الدين.


كما أثار حديث الوزير استياء كثير من المواطنين، الذين اتهموه بتوظيف الدين لخدمة السياسة؛ تنفيذا لتعليمات الحاكم، حسب قولهم.

 

وكان مختار جمعة قد أكد على تحريم الاستيلاء على المال العام، مشددا على أن الاعتداء عليه أشد جرما من أكل المال الخاص.

 

وأضاف وزير الأوقاف، في تصريحات صحفية، أن من يعتدي على المال العام، أو يسهل الاعتداء عليه، أو من يتهرب من دفع أموال الضرائب أو الرسوم الجمركية، يرتكب إثما كبيرا، ولن يقبل الله منه أي عبادة قبل الوفاء بالالتزامات المستحقة عليه للدولة التي تعد واجبا شرعيا ووطنيا، محذرا من أن من أسماهم "أعداء الوطن والقنوات الفضائية المغرضة" تبث الأكاذيب والشائعات، وتحرض المواطنين على عدم سداد فواتير المياه والكهرباء والضرائب حتى يسقطوا الدولة".


وأضاف أن الاعتراض على الضريبة العقارية مكانه البرلمان والقنوات الشرعية في مؤسسات الدولة، مشيرا إلى أن الامتناع عن سداد الضريبة العقارية وأي ضريبة أخرى هو دعوة إلى تفتيت الدولة، وكل من يتهرب منه فهو آثم.

 

"توجيه للمنابر"

 

وانتقد عدد من علماء الدين توظيف وزير الأوقاف للفتاوى الدينية لتحقيق أهداف سياسية واقتصادية من بينها مكافحة التهرب الضريبي.

 

وقال عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، الدكتور محمود مهنى، إن الشريعة الإسلامية أوجبت على جموع الشعب طاعة ولي الأمر، وبالتالي وجب على القادرين ومن ينطبق عليهم شروط استحقاق الضرائب أن يدفعوها للدولة، مؤكدا أن عدم دفع المستحقات المالية من رسوم وضرائب وجمارك يعد مخالفة شرعية وخروجا على طاعة ولي الأمر.

 

ونفى مهنى، في تصريحات صحفية، أن يترتب على التهرب من دفع الضرائب عدم قبول العبادات مثل الصلاة والصوم والحج، مؤكدا أن قبول الأعمال بيد الله تعالى، ولا يمكن أن يفتي أي إنسان بقبولها أو رفضها.

 

وانتقد تصريحات وزير الأوقاف بالحكم على الناس بقبول أعمالهم أو رفضها، مؤكدا أن دور رجال الدين هو توضيح الطريق الصحيح للناس، وحثهم على فعل الخيرات والبعد عن الخبائث فقط.

 

من جانبه، قال الباحث السياسي مجدي سرحان إن الحديث المسيس الذي أدلى به وزير الأوقاف، وفتواه بأن المتهربين من دفع الضرائب لا صوم لهم ولا صلاة ولا حج، ينطوي على خلط واضح في مفاهيم ومقاصد الشريعة، وهو خطأ ما كان ينبغي أن يقع فيه المسؤول الأول عن صياغة الخطاب الديني في البلاد.

 

وأكد أن الوزير أدلى بهذه التصريحات بسبب الجدل الدائر بين الناس حول الضريبة العقارية على الوحدات السكنية، وما يراه البعض من عدم جواز فرضها، وتحريضهم لملاك العقارات على عدم دفعها، فأراد الوزير أن يوجه منابر المساجد -كالعادة- للتأثير على مواقف الناس وتوجهاتهم، مؤكدا أن هذا التوظيف في غير موضعه.

 

نتيجة عكسية

 

وتعليقا على هذه التصريحات، قال الخبير الاقتصادي أحمد سليمان إن هذه التصريحات لا تؤدي إلى زيادة الحصيلة الضريبية كما يعتقد وزير الأوقاف، مشيرا إلى أن هذه الطريقة قد تأتي بنتيجة عكسية على غير المرغوب فيه، حيث يتم استفزاز المواطنين بهذه الفتاوى الغريبة.

 

وأضاف سليمان، في تصريحات لـ"عربي21"، أن الأمور الاقتصادية لا تدار بهذه الطريقة، فبدلا من إقحام الدين فيها، يجب تطبيق القانون على الجميع دون تمييز، وأخذ حق الدولة من رجال الأعمال الكبار الذين يتهربون من دفع الضرائب المستحقة عليهم وقيمتها بالمليارات، قبل مطالبة البسطاء بدفع الالتزامات عليهم.

 

وأوضح أن دول العالم تعتمد على طريقتين أساسيتين لحث المواطنين على دفع الضرائب المستحقة عليهم، الأولى هي وضع قوانين واضحة وعادلة بقيمة الضرائب وتطبق على الجميع دون استثناء، وتوقع عقوبات رادعة على من يتهرب من دفعها. أما الطريقة الثانية، فهي توظيف أموال الضرائب بشكل واضح في تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين، بحيث يشعر المواطن أن الضرائب التي يدفعها تعود له مباشرة في شكل خدمات حكومية جيدة مثل الصحة والتعليم له ولأبنائه.

 

"تناقض فج"

 

من جانبه، قال الأستاذ بجامعة الأزهر، جمال القاضي، إن وزير الأوقاف الذي صدع رؤوسنا طوال الأعوام الماضية عن خطورة خلط الدين بالسياسة، وعاقب من يتحدثون في السياسة ومنعهم من اعتلاء المنابر، الآن يناقض نفسه بشكل فج حتى ينال رضا رؤسائه.

 

وفي تصريحات لـ"عربي21"، حول ربط دفع الضرائب بقبول الصلاة والصيام والحج، قال جمال إن هذه العبادات هي أعمال خاصة بين العبد وربه، ويتوقف قبولها أو ردها على الإخلاص في أدائها، مؤكدا أنه لا يعلم إلا الله فقط هل قبل العمل أم لا.

 

وأشار إلى أن علماء الدين لم يتفقوا على رأي واحد حول مشروعية فرض الضرائب، بل إن بعضهم ذهب إلى جواز الامتناع عن دفع الضرائب إذا كانت الدولة تصرفها في غير مصارفها الشرعية.

التعليقات (2)
مصري جدا
الأحد، 28-10-2018 03:31 م
توظيف الدين وسيلة مستخدمة من الدولة والاحزاب والجماعت والافراد ،،، الكل يوظف الدين عند الحاجة فقط ،، وفي الوضع الطبيعي فلا سياسة ولا دين ،، وتغلب انماط دعه يعمل دعه يمر ،،،، ربك رب قلوب ،،، الدين يسر ،،، نحن بحاحة لبناء فكر ووعي جديد للدين فيه مكانه الطبيعي جنبا الى جنب مع مكونات الشخصية الانسانية وفي المقدمة الاسلوب العلمي للتفكير ،،،، فالاصل في الاتسان انه كيان له عقل ،، وهو مناط التكليف الشرعي والمسؤلية القانونية ،،، بالدين وحده وبطريقة السلطة وشيوخ السلطة فسيكون عندنا سلاسل من القطعان كالموجودة خاليا ،،
واحد من الناس... لم نسمع منه فتوى عن التهرب من أداء الزكاة التي لها مصارف محددة شرعا
الأحد، 28-10-2018 06:57 ص
.... بينما يفتي في الضرائب التي تذهب لجيوبه و جيوب من استولوا على السلطة بقوة السلاح؟؟؟

خبر عاجل