هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد أكثر من أسبوعين على حادثة اختفاء الصحفي السعودي البارز جمال خاشقجي أثناء دخوله قنصلية بلاده في إسطنبول، تراجعت السلطات السعودية عن روايتها الرسمية الأولى واعترفت بمقتل خاشقجي إثر "شجار وقع في القنصلية، عقب مناقشات تمت بينه وبين الأشخاص الذين قابلوه".
وكان أول المسارعين للتعليق على الرواية السعودية
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قال إنه "لا يعتقد أن القيادة السعودية
كذبت عليه، وأعتقد أن الإعلان الذي أصدرته الرياض بشأن خاشقجي خطوة أولى جيدة
وكبيرة"، مشددا في الوقت ذاته على "حاجته للسعودية كقوة لتحقيق التوازن
أمام إيران"، على حد قوله.
وفي حين تقوم السلطات التركية بعملية تحقيق مستمرة
منذ اللحظة الأولى لحادثة الاختفاء، والتي كشفت التسريبات غير الرسمية عن اغتيال
متعمد لخاشقجي داخل القنصلية السعودية، إلى جانب تقطيع جثته من قبل فريق
"إعدام سعودي" مقرب من ولي العهد محمد بن سلمان؛ فقد قرأ محللون أتراك
مستقبل العلاقات الأمريكية مع السعودية في ضوء قضية خاشقجي.
اقرأ أيضا: السعودية تعترف بمقتل خاشقجي وتقيل القحطاني وعسيري
بدوره، قال الكاتب الصحفي التركي بشير دوستار إن
"مقتل خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول، يتطلب نظرة فاحصة على العلاقات بين
الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية"، مؤكدا أن "العلاقات بين
البلدين مكثفة وعميقة ومتعددة الأوجه".
وأضاف دوستار في مقال نشرته صحيفة
"جمهورييت" التركية وترجمته "عربي21" أن "واشنطن بحاجة
ماسة لرياض في منطقة الشرق الأوسط"، موضحا أنه "من أجل فهم أبعاد هذه
العلاقة بشكل أفضل، فلا بد من إدراج حسابات الولايات المتحدة في الشرق
الأوسط".
والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، بحسب دوستار
هي كالآتي:
- تعزيز أمن الاحتلال الإسرائيلي.
- توسيع نفوذ الولايات المتحدة على الطاقة ومواردها.
- رعاية أمريكا للرغبة الإسرائيلية في إنشاء دولة كردية، بهدف تقسيم أربعة بلدان في المنطقة (تركيا، إيران، العراق، سوريا).
- منع التأثير المتزايد لإيران في المنطقة وحصارها.
- تقييد النفوذ الروسي المتزايد في الشرق الأوسط.
- منع تصاعد نفوذ الصين في المنطقة، بسبب قوتها الاقتصادية الهائلة.
وشدد الكاتب التركي على أن "المصالح السابقة،
تؤكد أن واشنطن لن تستغني عن المملكة العربية السعودية مهما تطورت أزمة خاشقجي،
نظرا لتأثير المملكة على الدول العربية في الخليج، إلى جانب علاقتها الوثيقة مع
إسرائيل"، مشيرا إلى أن "هناك تنافسا عربيا لتحسين العلاقة مع إسرائيل،
وتحديدا بين السعودية ومصر".
واستدرك دوستار قائلا: "مع ذلك، هناك فجوة بين
طموحات السعودية السياسية وقدرة الدولة"، مبينا أن "الدولة التي تعد
أكبر منتجي النفط في العالم، تعاني من انخفاض أسعار النفط، ما تسبب في عجز
الميزانية الحكومية، لذلك لجأ ولي العهد لرؤية 2030 لتنويع مصادر الدخل والحد من
اعتماد المملكة على صادرات النفط".
وأشار دوستار إلى أن "السعودية تسعى لتطوير
علاقاتها مع روسيا والصين دون إثارة الرعب الأمريكي"، مبينا أن "علاقة
الرياض الوثيقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، تسببت بغضب من الدول الإسلامية تجاه
النظام السعودي".
من جهتها، قالت الكاتبة والمحللة التركية بريل ديدي
أوغلو إنه "من المعروف أن السعودية هي إحدى الدول المفضلة للرئيس الأمريكي
دونالد ترامب"، مستدركة بقولها: "من المعروف أيضا أن كونك محبوبا من قبل
ترامب أو من قبل الولايات المتحدة بشكل عام، ليس دائما أمرا جيدا".
اقرأ أيضا: ترامب يدافع عن رواية السعودية: لا أعتقد أنهم كذبوا علي
وأضافت أوغلو في مقال اطلعت عليه "عربي21"
أن "واشنطن لا تعتبر شريكا متساوٍ، بل تجعلك دائما تشعر بالدونية"،
مشيرة إلى أن "ترامب قال في اجتماع حاشد إن الملك السعودي لن يدوم في السلطة
لمدة أسبوعين دون الدعم العسكري من الولايات المتحدة".
وأكدت أوغلو أن "هذه الملاحظة غير الدبلوماسية
تعني أنه إذا لم تدفع السعودية، فلن تحظى بالحماية الأمريكية بعد الآن"،
منوهة إلى أن "الرياض تحاول إثبات مدى تصميمها على القضاء على المعارضين
أينما كانوا، لكن هذه المواجهة قد تكون لها نتائج قضائية، ما يضع حكام البلاد في
موقف حساس"، بحسب تقديرها.
ورأت أن "السعوديين لا يهتمون بعواقب كهذه في
الوقت الحالي، لكن قد يتعرضون للإجراءات القانونية الدولية في يوم من الأيام، لذا
فعليهم التصرف بشكل أفضل"، مستشهدة "بحادثة اختفاء جمال خاشقجي بعد
دخوله القنصلية السعودية، والتي أكدت أن سلطات الرياض لا تتردد في تعقب مواطنيها
الذين يعيشون في الخارج، دون الالتفات إلى العواقب الدولية لهذه الحماسة".