ملفات وتقارير

ما سبب تباين مواقف صحف عمل فيها خاشقجي حيال قضيته؟

وكالات أنباء عالمية أفردت مساحات واسعة من تغطيتها للتضامن مع خاشقجي- جيتي
وكالات أنباء عالمية أفردت مساحات واسعة من تغطيتها للتضامن مع خاشقجي- جيتي
خلت وسائل الإعلام السعودية وخاصة التي عمل فيها الصحفي جمال خاشقجي من أي خبر أو مقال تعبر عن تضامنها معه أو بالحد الأدنى السؤال عن مصيره بعد اختفائه في الثاني من تشرين الأول\ أكتوبر الحالي.

ولم تكتف هذه الوسائل الإعلامية بتجاهل الأمر بل حاولت الترويج إلى أن هناك جهات معادية للمملكة العربية السعودية تستغل هذا الحدث لتوجيه سهامها اتجاه المملكة، بل حتى أن بعض الكتاب السعوديين كتبوا مقالات هاجموا خاشقجي بها.

حيث اتهمه الصحفي علي سعد الموسى في مقال له بصحيفة الوطن السعودية بأنه متناقض وينتقل في رأيه ومواقفه بين التناقضات، فتارة يعارض القاعدة وتارة يؤيد الأخوان الذين يحاربون السعودية، بحسب الكاتب.

وكتب أيضا الصحفي محمد صلاح مقالا في جريدة الحياة، اتهم فيه من أسماهم "حزب قطر والاخوان" باستغلال قضية اختفاء جمال خاشقجي للتغطية على "نصر المخابرات باعتقال ضابط الصاعقة السابق وعضو تنظيم الدولة هشام عشماوي"، وادعى الصحفي بأن الإخوان يبنون سيناريوهات مضادة للمملكة وحلفها المتمثل بدول حصار قطر للتغطية على إرهاب قطر والإخوان المسلمين.

بالمقابل قامت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية التي عمل فيها جمال خاشقجي مؤخرا ككاتب مقال، قامت بالتضامن معه عبر عدة وسائل، حيث قامت أولا بنشر مقاله فارغا وكتبت أنه مختف، ومن ثم نشرت مقالا آخر تسأل فيه عنه باللغة العربية لأول مرة بتاريخ الصحيفة.

وطالبت واشنطن بوست أيضا بضرورة الكشف عن المتسبب باختفاء جمال خاشقجي ومحاسبته، وهددت بفضح من كان مسؤولا عن ذلك.

ما سبب تباين المواقف؟

ودفع هذا التباين في مواقف وسائل الإعلام التي عمل بها خاشقجي تجاه قضية اختفائه مراقبين للتساؤل عن سببه، خاصة في ظل وجود انباء عن أنه قتل.

ويرى الكاتب الصحفي جمال الجمل بأن "هناك اختلافا في المعايير بين الصحافة الغربية عموما والأمريكية بشكل خاص وبين مثيلتها العربية، ففي عموم العالم العربي ينظرون للإعلام باحتقار وخاصة مساحات الرأي والكُتاب، بالتالي المقارنة هنا ظالمة جدا".

وتابع الجمل في حديث لـ"عربي21": "بينما في الإعلام الغربي المعايير تختلف، حيث نرى مثلا كيف يقوم صحفي مثل "بوب وودورد" بمهاجمة أكبر رأس في البيت الأبيض، ولا يملك إزاءه شيئا وحتى عندما تم الطلب من القضاء محاسبته لم يتم الاستجابة لهم احتراما لحرية الصحافة".

وأضاف: "بالتالي وضع طبيعي جدا أن تقف واشنطن بوست مع خاشقجي وتهدد بأنه لو تم معرفة من قتله أو إخفاه، فلن يمر الأمر بسلام وأن المؤسسة ستقف بجانب كاتبها".

وأشار الجمل إلى "أنه بالمقابل كان هناك ارتباك في الإعلام السعودي تجاه قضية خاشقجي، بل حتى المقالات التي عالجت الموضوع كانت قليلة، وهي تتبع خط النظام".

وأضاف: "وأيضا الارتباك الشديد الذي نراه في موقع العربية نت، فيبدو أنه يتعامل ببرود شديد ولم ينقصه إلا أن ينفي الحادثة برمتها، وبينما هو يهاجم بعض الأصوات التي يراها أنها تستخدم قضية خاشقجي، يبتعد تماما عن جوهر القضية وهو يتعامل معها بطريقة تبدو خارج المعايير المهنية".

من جهته قال رئيس المرصد العربي لحرية الإعلام، قطب العربي: "بالتأكيد هناك فارق بين واشنطن بوست التي عمل فيها جمال مؤخرا ككاتب مقال، وبين الصحف الأخرى التي عمل فيها من قبل مثل الحياة والوطن وغيرها".

وتابع في حديث لـ"عربي21" أن "الصحف التي عمل فيها جمال عربيا هي مؤسسات سعودية مملوكة إما لرجال أعمال مقربين من السلطة أو لأمراء من العائلة المالكة، وبالتالي لم يكن أبدا متوقعا أن يتعاطفوا مع جمال أو حتى القدرة على التعبير عن رأيهم حتى على صفحاتهم الشخصية في وسائل التواصل الاجتماعي وليس فقط بالصحف التي عمل فيها جمال سواء داخل المملكة أو خارجها".

وأكد العربي على "أنه لا توجد حرية للصحافة في السعودية حتى يستطيع زملاء جمال أن يشاطروه أو يتضامنوا معه، فهم أنفسهم خائفون أن يلمس أي أحد منهم أو أن يظهر عليهم ولو ذرة تضامن مع جمال، فيلقون نفس مصيره وهو في الأساس معتدل جدا ومع ذلك حدث ما حدث معه بالتالي طبيعي كلهم خائفون".

وتدخل مهمة الدفاع عن حقوق الصحفيين ضمن مهام النقابات الصحفية والاتحادات العربية الصحفية، إلا أننا لم نر أي تعليق أو تصريح من هذه المؤسسات على قضية اختفاء خاشقجي، فما الذي يمنعها من ذلك؟

ويرد الكاتب والصحفي جمال الجمل على هذا التساؤل بالقول: "غياب الرواية الرسمية يربك المنظمات الحقوقية، فهي محكومة أما بقوانين داخلية أو بمسائل التمويل، وبالتالي هي تتريث وتؤثر السلامة حتى ترى الرواية التي لا تهدد وجودها لتسير باتجاهها".

وخلص الجمل بالقول: "أيضا لا توجد استقلالية كاملة لنقابات الصحفيين العربية بحيث نستطيع القياس عليها بأن هذه المنظمات تعمل وفق معايير حقوقية وقانونية ومحترمة تدافع عن حريات الآراء وإلا لما رأينا قمعا للصحفيين، هذا عربيا وأما سعوديا فمن الأساس لا توجد نقابة للصحفيين في السعودية".

بدوره قال قطب العربي: "النقابات الصحفية العربية تعبر عن الحكومات الرسمية، وبالتالي لا يوجد أي نقابة صحفية حرة في الوطن العربي، ربما باستثناء الموجودة بتونس ولبنان أو المغرب أو الجزائر، ما عدا ذلك لا يوجد نقابة صحفية حرة".

وختم حديثه بالقول: "أيضا كل مجالس إدارات النقابات الصحفية العربية تابعة تماما للأنظمة الحاكمة، وهي أصلا من تشكل في النهاية اتحاد الصحافيين العرب الذي لغاية الآن لم يعلق على حالة اختفاء جمال، مع أنه كان بإمكانه على الأقل إصدار بيان متوازن، بحيث لا يلقي باللائمة على أي طرف من الأطراف، وحتى هذا لم يفعله اتحاد الصحفيين العرب، للتأكيد على أنه يهتم بمنتسبيه العرب أيا كانت دولهم واتجاهاتهم السياسية".
التعليقات (1)
مصري
الجمعة، 12-10-2018 02:39 ص
في بلاد البلطجي بن سلمان و اشباهه لا توجد صحافة أو قضاء أو أي مؤسسات متعارف عليها في الدول الراسخة في الديمقراطية و بالتالي فلا أي مساحة لمجرد التعبير عن القلق أو التساؤل في مثل تلك القضايا و مع الأسف فهذة القضية سوف تمر و تهدأ مع الوقت مثل كثير من قضايا الإجرام و إرهاب الدولة و انتهاك حقوق الإنسان التي يرعاها الغرب في البلاد العربية و الإسلامية ، المهم أن تستمر مصالح الغرب بواسطة عملاءه من الخونة الذين يحكمون العالم العربي من امثال الشيطان السيسي و بن سلمان و بن زايد و القائمة تطول .