ملفات وتقارير

قانون لتجريم انتقاد الشخصيات التاريخية بمصر.. هذه خطورته

وصف محللون القانون بأنه يفتح باب السجون على مصراعيها لكل من يشكك في روايات الأنظمة المتعاقبة- جيتي
وصف محللون القانون بأنه يفتح باب السجون على مصراعيها لكل من يشكك في روايات الأنظمة المتعاقبة- جيتي

أثار تهديد الكاتب والروائي المصري الحاصل على جائزة البوكر العربية يوسف زيدان بالهجرة من مصر والبحث عن جنسية أخرى في حال أقر البرلمان مشروع قانون يجرم إهانة الرموز التاريخية؛ ردود فعل واسعة تجاه القانون.


ففي وقت رآه البعض ضروريا لوقف التشويه الذي يتعرض له رموز التاريخ المصري، وصفه آخرون بأنه يفتح باب السجون على مصراعيها لكل من يشكك في الروايات أو المواقف التاريخية التي رسختها الحكومات والأنظمة المصرية المتعاقبة.


بدوره، قال أمين سر لجنة الشؤون الدينية ومقدم مشروع القانون عمر حمروش في تصريح وصل "عربي21" نسخة منه، إن "المقترح تتم مناقشته الآن باللجنة المشتركة من لجنة الشؤون التشريعية والدستورية ومكتب لجنة الإعلام والثقافة والآثار، بناء على قرار رئيس البرلمان علي عبد العال".


وأضاف حمروش أن مشروعه "سيكون في مقدمة المشروعات التي ستتم مناقشتها فور عقد البرلمان"، مشيرا إلى أن "هدفه حماية الرموز والشخصيات التاريخية من العبث وعدم خداع الشعب بتشوية صورتهم، والإضرار بالمجتمع وزعزعة الثقة لدى الشباب في الرموز والشخصيات التاريخية، بإثارة الجدل حولها، وهو ما يؤدي لآثار خطيرة على المجتمع"، وفق تقديره.

 

عقوبات القانون


وطالب حمروش في مشروعه بـ"حظر التعرض بالإهانة لأي من الرموز والشخصيات التاريخية، وفقا لما يحدده مفهوم القانون واللائحة التنفيذية الخاصة به، وأنه يقصد بالرموز والشخصيات التاريخية الواردة في الكتب والتي تعد جزءا من تاريخ الدولة".


واقترح حمروش أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه ولا تزيد على 500 ألف كل من أساء للرموز والشخصيات التاريخية، وفي حال العودة يعاقب بالحبس بمدة لا تقل عن 5 ولا تزيد على 7 سنوات وغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تزيد على مليون جنيه، على أن يعفى من العقاب كل من تعرض لهذه الرموز بغرض تقييم التصرفات والقرارات وفقا للدراسات والأبحاث العلمية المعتمدة.


وبالإضافة لتهديد الروائي يوسف زيدان بالهجرة والبحث عن جنسية أخرى في حال إقرار القانون، انتقد رجل الأعمال ومؤسس حزب المصريين الأحرار نجيب ساويرس، القانون المزمع مناقشته، مؤكدا في تدوينة له على حسابه في "تويتر" أنه من الأفضل أن يطلقوا على هذا القانون "قانون منع الكلام والنقد".


من جانبه، أكد الكاتب الصحفي أحمد الجيزاوي لـ"عربي21" أن "هذه القوانين تأتي ضمن سلسلة من التشريعات التي ترمي لمنع توجيه أي انتقاد سواء للأحياء أو الأموات"، موضحا أن القانون "معناه أمر واحد وهو كتابة التاريخ من منظور معين وهو منظور المناخ السياسي الذي كُتب فيه، خاصة أن الكتابة عن الرموز والأحداث التاريخية كانت تخضع لأهواء وحسابات سياسية كثيرة".

 

اقرأ أيضا: ما مصير الإنترنت بمصر بعد إقرار السيسي لـ"جرائم المعلومات"؟


وأضاف الجيزاوي أن "النظام العسكري الحاكم بمصر الآن يضيق بالنقد والتشكيك، وبالتالي فهو يحصن نفسه ويحصن منظومته بأكملها، في ظل انتشار الكثير من الدراسات التاريخية الحديثة التي كشفت عن عمليات التزييف والتدليس التي كان يتم كتابة التاريخ بها، والتي تناولت أزمنة بعينها مثل عهد الملك فاروق، وحركة الضباط الأحرار، وما حدث مع محمد نجيب، وغير ذلك من الأحداث الحديثة والقديمة التي تكشف الدراسات أخطاء كثيرة في كتابتها وتناولها".


من جهته، رأى الباحث السياسي أسامة أمجد في حديث لـ"عربي21" أن "قانون تجريم إهانة الرموز التاريخية ارتبط بعدة أحداث، منها الانتقادات التي وجهها كتاب وسياسيون ومفكرون للرئيس السابق جمال عبد الناصر، وحركة الضباط الأحرار، وكيف تحولت مصر على أيديهم لخرابة كبيرة بعد أن كانت دولة متقدمة".


وأوضح أمجد أن "تمرير القانون مرتبط كذلك بتفجير قضية أشرف مروان زوج ابنة عبد الناصر، والمستشار الإعلامي والسياسي المقرب من أنور السادات، والذي اعتبرته إسرائيل أحد أهم رجالها في القصور الرئاسية المصرية، وهو ما يعني كشف كثير من الحقائق التي كانت غائبة عن الشعب".


وأكد الباحث السياسي أن "تطور علم الدراسات التاريخية، وإفراج عدد من الدول الكبرى عن وثائق هامة مرتبطة بالمنطقة العربية، أصبح خطرا يهدد بفضح كثير من الملفات لأنظمة الحكم المصرية خلال السبعين عاما الماضية، وهو ما يمثل ضربة موجهة لحقبة حكم العسكر التي بدأت عام 1952 وما زالت مستمرة، وبالتالي فإنه يسعى برلمان الانقلاب لصناعة سياج قانوني يمنع الاقتراب منها، حتى لا يفيق الناس من الوهم الذي صنعه إعلام الصوت الواحد طوال عشرات السنوات الماضية".


وأشار أمجد إلى أن "الرسالة من هذا القانون موجهة للباحثين والكتاب المهتمين بالتدقيق في الأحداث التاريخية، بأن السجن سيكون مصير من يشكك أو ينتقد أو يدقق في ما كان يتم تقديمه من أحداث وشخصيات لعبت أدوارا خطيرة، سواء بالسلب أو الإيجاب، وبالتالي فإن النظام العسكري يريد أن نأخذ التاريخ كما يحب هو أن يكون، وليس كما يجب أن يكون".

 

 

التعليقات (0)