أثارت
تأكيدات رئيس وزراء
إيطاليا، جوزيبي كونتي، عن عزم بلاده تنظيم
مؤتمر دولي كبير بخصوص
ليبيا بالتنسيق مع الولايات المتحدة، تساؤلات عن أهداف المؤتمر الآن، وعلاقته بمؤتمر
باريس الأخير الخاص بأطراف النزاع الليبي.
وقال
كونتي إنه "بالاتفاق مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أعتزم تنظيم مؤتمر بشأن
ليبيا، ونود التعامل مع كل القضايا المتعلقة بالشعب الليبي ومناقشتها، ويشمل ذلك كل
الأطراف المعنية والفرقاء في منطقة البحر المتوسط بأسرها".
مباركة ترامب
وأوضح
المسؤول الإيطالي أن "ترامب وافق على أن تصبح إيطاليا "مرجعا" في أوروبا
والمحاور الرئيسي بخصوص القضايا الأساسية التي ينبغي التصدي لها، فيما يتعلق بليبيا
بشكل خاص"، مضيفا: المؤتمر سيناقش الجوانب الاقتصادية والاجتماعية، وحماية الحقوق
المدنية ومشكلة العملية الدستورية".
وأشار
خلال لقاء جمعه بترامب، الاثنين، إلى أن "بلاده من خلال المؤتمر المرتقب ستساهم
في مساعدة ليبيا في سن وإقرار القوانين؛ من أجل الوصول إلى انتخابات ديمقراطية في حالة
من الاستقرار التام"، وفق كلامه.
لماذا
الآن؟
ويأتي
الإعلان عن مؤتمر دولي برعاية إيطالية وبمباركة من ترامب في ظل حالة من تنافس فرنسي-
إيطالي على الاستفراد بالملف الليبي، وتخوفات من قبل روما من إخراجها من إدارة الملف،
ما جعلها تستنجد بحليفتها واشنطن عبر مؤتمر دولي ربما يحاول نسف مخرجات مؤتمر باريس
الأخير"، وفق مراقبين.
تحقيق
مصالح وأجندات
من
جهته، قال عضو المجلس الأعلى للدولة، إبراهيم صهد، إن "الأطراف الدولية تتنافس
على عقد مؤتمرات حول ليبيا؛ بهدف الحرص على تأكيد مصالح الدول الراعية من ناحية، وصياغة
لب المشكلة الليبية ومستقبلها بطريقة تخدم مواقع اللاعبين المحليين المرتبطين بهذه
الدول، وهذا رأيناه واضحا في مؤتمر باريس الأخير".
وأضاف
في تصريحات لـ"
عربي21"، أن "ملتقى باريس كان يهدف إلى إسعاف الموقف
المنهار لحفتر بفرضه على الواجهة كطرف يتساوى مع رؤساء "الرئاسي والنواب والأعلى"،
أما مؤتمر "روما" المعلن عنه فسيسير على الطريقة ذاتها، ولا أرى جدوى لنا نحن
الليبيين بمثل هذه المؤتمرات التي تعقد بالخارج".
كيف
ينجح مؤتمر روما؟
وفي
تعليقه على أهداف المؤتمر ومحاوره، قال صهد: "يجب توافر معطيات لها حتى تنجح، أولها
أن تشارك الأطراف الليبية في وضع جدول الأعمال، وأن يتم إجراء المشاورات للوصول إلى
توافقات قبل المؤتمر، بحيث يكون المؤتمر للإعلان عنها فقط، كذلك معرفة الأطراف الدولية
المشاركة، وما هي حيثيات ودوافع مشاركتها".
من
جهته، يرى المحلل السياسي الليبي، أسامة كعبار، أن الصراع الفرنسي- الإيطالي حول ليبيا
اشتد في الآونة الأخيرة، في محاولة من
فرنسا لسحب البساط من إيطاليا وتهميشها، كما
حاولت فرنسا الهيمنة على المشهد الليبي في صدام واضح مع الولايات المتحدة الأمريكية،
لكن روما تملك علاقات قوية مع واشنطن.
وأضاف
في تصريح لـ"
عربي21" أن "الحكومة الإيطالية سعت بتحالفها مع أمريكا
إلى إقناعها بالتدخل بشكل مباشر في ليبيا، وتقليص الدور الفرنسي، وهذا اتضح جليا بعد
تعيين نائبة أمريكية للمبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، ما جعل الكفة الآن تميل
ناحية روما"، وفق تعبيره.
تقويض مؤتمر باريس
ورأى
الخبير الليبي في التنمية، صلاح بوغرارة، أن "الإعلان عن مؤتمر برعاية إيطاليا
هو إعلان صريح وواضح بأن إيطاليا ما زالت معنية بالملف الليبي بشكل كبير، وأن أمريكا
تدعمها، وهي محاولة لتقويض نتائج لقاء باريس الأخير، والتي تحاول فرنسا استغلاله للتأكيد
على أنها تقود أطراف النزاع في ليبيا".
وأشار
في تعليقه لـ"
عربي21"، إلى أن "تدخل واشنطن الآن هدفه تسريع الحل في
ليبيا؛ لتحقيق مصالح أمريكا، التي تحاول الخروج من مأزق ترسيم شرق أوسط جديد، وما يصاحبه
من تغيرات جيوسياسية، خاصة أن الأمريكان يرون في استقرار ليبيا مخرجا لأزمة نفطية قادمة
بعد توتر علاقاتهم مع إيران"، على حد قوله.