هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتب ديفيد هالبفنغر، يقول فيه إن عجز إسرائيل عن إيقاف الأدوات الحارقة المحمولة بواسطة الطائرات الورقية وبالونات أعياد الميلاد جعل الحكومة الإسرائيلية تلجأ يوم الاثنين للعقوبات.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه تم التشديد على دخول شاحنات البضائغ لغزة؛ أملا في قيام قادة غزة بوقف الطائرات الحارقة، لافتا إلى أن القيود الجديدة المفروضة على معبر البضائع الرئيسي تمنع استيراد المواد كلها، ما عدا الطعام والدواء و"المعدات الإنسانية"، بالإضافة الى التصدير.
ويقول هالبفنغر إن حركة حماس، التي تحكم قطاع غزة، وتشجع من يطيرون الطائرات الحارقة، وصفت القرار بأنه "جريمة ضد الإنسانية"، فيما اعتبرته حركة الجهاد الإسلامية المنافسة "إعلان حرب".
وتنقل الصحيفة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قوله لاجتماع لحزبه يوم الاثنين، بأنه يهدف من التحرك للضغط على حركة حماس؛ لتقوم بحملة ضد إشعال الحرائق المتعمدة، "وسنضغط على قيادة حركة حماس بشكل أكبر ابتداء من الآن".
ويستدرك التقرير بأن هذه القيود تبدو بأنها تهدف أيضا لإرضاء الجمهور المحلي، حيث نفد صبر الناس بسبب عجز نتنياهو عن توفير حل فعال للنيران التي تسقط على السكان عبر الحدود، أو أن يقوم بتشكيل استراتيجية عريضة تعالج مشكلات غزة الأساسية.
ويجد الكاتب أن هذه القيود تمثل ارتدادا حادا من الجيش الإسرائيلي، خاصة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الفريق غادي ايزنكوت، الذي دعا إلى تخفيف الضغط الاقتصادي عن غزة، بما في ذلك زيادة المساعدات الاقتصادية، كونها سبيلا للتقليل من فرص التوترات، التي قد تؤدي إلى حرب جديدة مع إسرائيل.
وتلفت الصحيفة إلى أن المحللين حذروا من أن تخفيض البضائع الداخلة إلى القطاع عبر معبر كرم أبو سالم سيخنق ما تبقى من حيوية في اقتصاد غزة، في وقت كان فيه الاقتصاد على حافة الانهيار.
ويورد التقرير نقلا عن الكاتب في صحيفة "معاريف" بن درور يميني، الذي دعا لأن تقدم إسرائيل رزمة مساعدات اقتصادية لغزة مقابل نزع سلاحها، قوله: "انا محبط من حكومتي.. فلا يكفي أن تكون على صواب، لكن يجب أن تكون ذكيا، وهذه ليست خطوة جيدة باسم إسرائيل".
ويبين هالبفنغر أن الهدف المباشر من القيود هو حث حركة حماس على التخلي عن تكتيك مبتكر ومربك بالنسبة لإسرائيل، فمنذ نيسان/ أبريل قام المتظاهرون في غزة بتحويل الطائرات الورقية والبالونات إلى قنابل حارقة حرقت مساحات شاسعة من أراضي المزارع، وأشغلت رجال مكافحة الحريق من أنحاء البلد كلها للذهاب من مكان إلى آخر لإطفاء الحرائق المشتعلة قبل أن تنتشر.
وتنقل الصحيفة عن الجيش الإسرائيلي، قوله إنه استخدم الطائرات المسيرة لإسقاط 670 طائرة ورقية وبالونا، لكن مئات الطائرات الأخرى نفدت، وقال المسؤولون إنه مع منتصف شهر حزيران/ يونيو اندلع 412 حريقا، فيما قال الجيش إنه غير قادر على إيقاف تلك الطائرات، مشيرة إلى أن 28 حريقا على الأقل اشتعلت يوم الاثنين فقط حتى ساعات المساء الأولى؛ بسبب أجهزة حارقة تحملها طائرات ورقية وبالونات.
وينقل التقرير عن مديرة مجموعة "غيشا" الإسرائيلية التي تدعو لحرية الحركة للفلسطينيين تينا هاري، قولها: "ما يحصل في الجنوب، والخراب الذي يصيب المزارع والوضع البيئي -كنت في تلك المنطقة حديثا، في تلك الأماكن وفي تلك المجتمعات، أصبح المرء يتنفس سموما، إنه أمر سيئ، وأعتقد أنه يجب أن يكون هناك رد.. لكن هناك حاجة لأن يكون الرد متناسبا مع التهديد، والأفعال التي تهدف لمعاقبة حوالي مليوني شخص في القطاع بالتأكيد ليست متناسبة".
وينوه الكاتب إلى أن بعض السياسيين اليمينيين الإسرائيليين دعوا لقتل من يطيرون الطائرات الورقية، لكن الجيش رفض استخدام القوة القاتلة، ولم يذهب أبعد من اطلاق عيارات تحذيرية، وتدمير السيارات التي تعود لمطلقي الطائرات الورقية، مشيرا إلى أنه تم النظر إلى الأضرار الحاصلة من تلك الطائرات الورقية على أنها تهديد اقتصادي للزراعة، فاختارت إسرائيل رد الفعل الاقتصادي.
وتذكر الصحيفة أنه بالإضافة إلى القيود المفروضة على معبر كرم أبو سالم، فإن إسرائيل قالت إنها شددت القيود على صيادي السمك، وحددت المساحة المتاحة لهم بستة أميال بحرية، بعد أن سمحت لهم للوصول حتى 9 أميال بحرية على مدى الثلاثة أشهر الماضية.
وينقل التقرير عن محللين، قولهم إنه ليست لدى إسرائيل خيارات كثيرة أقل من الفعل العسكري، خاصة أن الحصار يحد بشكل كبير من حركة الناس من وإلى غزة، حيث تقول نائبة مدير عام مؤسسة التعاون الاقتصادي الإسرائيلية سيلين توبول: "الإجراء الوحيد الذي تستطيع إسرائيل اتخاذه هو إغلاق الحدود".
ويفيد هالبفنغر بأن البضائع التي تدخل إلى غزة كلها تقريبا تدخل عبر معبر كرم أبو سالم، حيث دخلت خلال الستة أشهر الأولى من عام 2018، بحسب أرقام الأمم المتحدة، 48424 شاحنة بضائع، ثلثها مواد غذائية وأدوية، وهي ما ستكون معفية من الحظر، مشيرا إلى أن مواد البناء والمواد الاستهلاكية غير الغذائية، التي يطبق عليها الحظر الإسرائيلي، تشكل معظم ما تبقى من المواد المستوردة.
وتورد الصحيفة نقلا عن هاري من مجموعة "غيشا"، قولها: "ليس هناك مخزون كبير من المواد في غزة، وهذا يعني أنها ستشهد نقصا خلال أيام".
ويذهب التقريرإلى أن القيود الجديدة على معبر كرم أبو سالم قد تندرج ضمن كفاح دبلوماسي أكبر، يشمل إسرائيل ومصر وأمريكا والسلطة الفلسطينية، فيما يتعلق بكيفية تخفيف معاناة غزة، ومن الذي يتحمل مسؤولية ذلك.
ويشير الكاتب إلى أن إسرائيل ومصر اشتركتا في الحصار العقابي على غزة، الذي استمر 11 عاما، فيما تقوم السلطة الفلسطينية بفرض حصارها المالي الخاص بها على حركة حماس، وهو ما جعل عشرات آلاف الغزاويين يفقدون وظائفهم، وجعل الكهرباء تتوفر لساعات محدودة في اليوم، لافتا إلى أن أمريكا تلقي باللائمة للأوضاع التي تعاني منها غزة على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وتنقل الصحيفة عن الخبير في شؤون غزة في مجموعة الأزمات الدولية، ناثان ثرول، قوله إن إسرائيل ومصر ليست لديهما رغبة بأن تكونا المسؤولتين عن غزة، ولذلك فإنه كلما فتحت مصر معبر رفح فإنها كانت تخشى أن تغلق إسرائيل المعابر، مبقية مصر المنفذ الوحيد لغزة.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول ثرول: "إن سمحت مصر بدخول البضائع إلى غزة عبر معبر رفح، فإن ذلك أفضل للغزيين، حيث البضائع المصرية أرخص، ولا تفرض السلطة عليها ضرائب، وإن استطاع مسؤولو غزة تنسيق ذلك، وفرض ضرائب على البضائع المصرية، فإنهم سيحصلون على ما يكفي من الأموال لإبقاء حكومتهم قائمة".