هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يواجه ملف رواتب الأسرى والشهداء ضغوطا سياسية تقودها "إسرائيل" لثني السلطة عن الاستمرار في دفع الرواتب لهذه الفئات، كان من نتائجها مصادقة الكنيست الإسرائيلي بصورة نهائية على اقتطاع مخصصات مالية من أموال الضرائب التي تحولها للسلطة بقيمة 300 مليون دولار سنويا، بحجة دفعها كرواتب لذوي أسر الشهداء والأسرى.
ونجحت إسرائيل في اقناع عدد من دول العالم بانتهاج ذات السياسة حيث نقلت قناة "i24” العبرية عن أحد المساعدين في لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي قوله إن المساعدات الأمريكية التي تستفيد منها السلطة الفلسطينية بشكل مباشر تم تجميدها لعدم التزامها بمتطلبات قانون "تايلور فورس" الذي يلزم السلطة باتخاذ خطوات لمواجهة "الإرهاب".
وانضمت أستراليا للدول التي علقت مساعداتها المالية للسلطة بحجة ذهاب أموالها "لنشاطات إرهابية" والتي تبلغ 10 ملايين دولار سنويا.
في المقابل أعربت السلطة عن رفضها لهذه الضغوط، حيث جاء على لسان وزير المالية شكري بشارة بتأكيده استمرار السلطة بدفع رواتب أسر الشهداء والأسرى، معتبرا ما تقوم به إسرائيل قرصنة تتجاوز كل الأعراف السياسية والدبلوماسية.
اقرأ أيضا: السلطة الفلسطينية تندد باقتطاع إسرائيل مخصصات الأسرى
وبالرغم من إعلان السلطة رفضها لهذه السياسة إلا أن "عربي21" رصدت قيام السلطة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بالتوقف عن دفع رواتب أسر الشهداء والجرحى خصوصا في قطاع غزة.
إلى ذلك أكد الأسير المحرر ومدير مركز نفحة لدراسات الأسرى، أحمد الفليت، أن "السلطة الفلسطينية تقوم منذ عدة أشهر بإرسال كشوفات للبنوك لتجميد حسابات أسر الشهداء والأسرى والتوقف عن دفع مخصصاتهم المالية منذ بداية العام، حيث تخطى عدد من تم قطع رواتبهم ما يزيد عن 360 أسيرا وشهيدا في غزة فقط، ناهيك عن الآلاف من الحالات التي لم يتم اعتمادهم كشهداء أو أسرى خلال الحروب الأخيرة على غزة".
وأوضح الفليت في حديثه لـ"عربي21" أن "السلطة الفلسطينية لم تتوقف عند هذا الحد بل وصل الأمر لأن تقوم بخصم ما يزيد عن 50 بالمئة من رواتب الأسرى داخل السجون التي تبلغ 100 دولار تدفع لكل أسير شهريا، واقتطاع ذات النسبة للآلاف من رواتب عائلات الشهداء والأسرى التي تبلغ قيمتها 300 دولار شهريا".
ولفت الأسير السابق أن "البعد الآخر من تواطؤ السلطة بهذه المؤامرة لا يتوقف على البعد المالي، بل أن الأخطر هو أن قيامها بقطع مخصصات الشهداء والأسرى يأتي في سياق تبنيها للرواية الإسرائيلية بتجريم العمل المقاوم وإدراجه ضمن الأعمال الإرهابية".
وتقدر فاتورة رواتب الأسرى والشهداء التي تدفعها السلطة شهريا بنحو 300 مليون دولار (1.15 مليار شيكل) وهي تشكل 7 بالمئة من موازنتها المالية، و20 بالمئة من الدعم المالي الخارجي السنوي.
اقرأ أيضا: الكنيست يصادق على "خصم مخصصات الأسرى الفلسطينيين" نهائيا
وتجدر الإشارة إلى أن حادثة قطع السلطة لرواتب الأسرى وذوي الشهداء لم تكن الأولى من نوعها حيث شهد شهر حزيران/ يونيو من العام الماضي قيام السلطة بوقف رواتب ما يزيد عن 277 من أسرى صفقة وفاء الأحرار في الضفة الغربية وقطاع غزة.
إلى ذلك أكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين، عيسى قراقع، أن "السلطة الفلسطينية ما زالت مستمرة في دفع رواتب الأسرى والشهداء رغم كل الضغوط التي تمارس عليها من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وما تدفعه السلطة هو نوع من الرعاية الاجتماعية لذوي الأسرى والشهداء انطلاقا من مسؤوليتها القانونية التي أقرها المجلس التشريعي في العام 1996".
وفي معرض رده على أسباب وقف السلطة مخصصات رواتب أسرى وشهداء القطاع، أكد قراقع أن "من تم قطع رواتبهم لا يتجاوز 300 أسير من المنتمين لحركة حماس"، مؤكدا أن "القرار تم اتخاذه من حكومة الوفاق وليس للهيئة أي علاقة بهذا القرار". دون إعطاء مزيدا من التفاصيل.
وفي سياق متصل أكد الكاتب والمحلل السياسي، مصطفى الصواف، أن "استجابة السلطة للضغوط الأمريكية والإسرائيلية بوقف مخصصات رواتب الأسرى والشهداء يأتي انعكاسا لضعف السلطة عن ممارسة ضغط سياسي أكبر على إسرائيل، حيث يمكن لها أن تقارع إسرائيل في هذا الملف من خلال التلويح بوقف التنسيق الأمني بشرط أن تمتلك الإرادة القوية لاتخاذ مثل هذا القرار التاريخي".
اقرأ أيضا: أستراليا توقف الدعم المالي للسلطة بحجة "رواتب الأسرى"
وأضاف الصواف في حديث لـ"عربي21" أنه من "الواضح أن السلطة انتهزت هذا الهجوم الإسرائيلي لممارسة ضغطها السياسي والاقتصادي على سكان القطاع، حيث من غير المقبول أن يستثنى أسرى حماس دون غيرهم من وقف هذه المخصصات وهذا ما يؤكد تواطؤ السلطة في السير بهذه المؤامرة".