هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يفتح غياب رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس،
المتكرر عن حضور الاجتماعات، في ظل "تدهور" حالته الصحية، وفق ترجيح بعض
المحللين، الباب للسؤال؛ من يدير السلطة الفلسطينية؟ وإلى أين تتجه الأمور؟
"عباس ليس كالمعتاد"
وأكدت مصادر قيادية فلسطينية مطلعة، أن رئيس
المنظمة محمود عباس (أبو مازن) غاب عن اجتماع اللجنة التنفيذية الأخير
لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي عقد في رام الله على مدار يومي 9- 10
حزيران/ يونيو الحالي، حيث كشفت "عربي21" عن كواليس هذا الاجتماع العاصف.
وأوضحت في حديث لـ"عربي21"، أن أمين سر
اللجنة التنفيذية، صائب عريقات، "هو من قام بإدارة هذا الاجتماع، الذي شهد
خلافات حادة بين أعضاء التنفيذية، بسبب قرارات عباس التي نقلها عريقات لهم خلال
الاجتماع".
اقرأ أيضا: "عربي21" تكشف كواليس
اجتماع تنفيذية منظمة التحرير الأخير
وحول دلالة غياب عباس عن الاجتماعات،
أوضح أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، مخيمر أبو سعدة، أنه
"منذ أن خرج أبو مازن من المستشفى الاستشاري برام الله مؤخرا، ووضعه الصحي
ليس بالجيد، وهناك عدة مؤشرات على ذلك".
ولفت في حديثه لـ"عربي21"، أن أول تلك
المؤشرات أنه "لم يعد يظهر في العلن كما كان سابقا، كما لم يعد يحضر
اجتماعات اللجنة التنفيذية أو المركزية، إضافة إلى أنه لم يعد يذهب لمكتبه أيضا كما
كان سابقا".
ونوه أبو سعدة بأن استقبال عباس بمقر
الرئاسة بمدينة رام الله، أمس، الأمير ويليام دوق كامبريدج، نجل ولي عهد
بريطانيا، "لم يكن كالمعتاد في استقبال الرئيس عباس للوفود الأجنبية، حيث
استقبله على باب القاعة، ولم يستعرض معه حرس الشرف".
كما نبه إلى أن صور عباس مع الأمير ويليام "توضح أنه خسر جزءا من وزنه، وهو ما يشير إلى أن وضعه الصحي ليس
جيدا"، مشيرا إلى أن "وضعه الصحي سيتضح أكثر عندما يذهب لزيارة روسيا
منتصف الشهر القادم".
"لم يعد يمارس مهامه"
ومع "الوضع الصحي غير الجيد" الذي يمر
به رئيس السلطة، وردا على سؤال: "من يدير السلطة في ظل هذا الوضع؟"،
قال أستاذ العلوم السياسية: "ما زال أبو مازن يمارس بعض الأعمال، وهو
غير مغيب تماما عن عملية صنع القرار"، مضيفا: "لكنه لم يعد يمارس مهامه
وصلاحياته كالمعتاد؛ بسبب وضعه الصحي".
وحول تفويض عباس لبعض قادة فتح بصلاحياته،
ذكر أبو سعدة أن رئيس الحكومة رامي الحمدلله "يدير الحكومة منذ أكثر من
خمس سنوات، كما أن أبا مازن منذ بعد أن دخل المستشفى فوض مؤقتا صلاحيات إدارة
جلسات اللجنة التنفيذية لصائب عريقات".
من جانبه، قال الكاتب والباحث السياسي، منصور أبو
كريم: "غياب أبي مازن عن بعض اجتماعات اللجنة التنفيذية واللجنة
المركزية لحركة فتح، هي محاولة منه للتأكد من عمل هذه المؤسسات في حالة وجوده أو
غيابه؛ لأن الفراغ الذي بدأ ظاهرا خلال فترة مرضه ومكوثه في المستشفى أقلق الجميع،
بمن فيهم هو نفسه".
ورأى في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذا
الغياب المقصود يهدف إلى إعطاء الرئيس الراحة بعد فترة مرضه من جانب، واختبار قدرة
هذه المؤسسات على العمل في ظل غيابه لأي سبب كان من جانب آخر".
ونوه أبو كريم بأن "لدى أبي مازن رغبة للسماح
للدكتور صائب بقيادة اللجنة التنفيذية، واللواء محمود العالول (نائبه في قيادة
فتح) بقيادة اللجنة المركزية لحركة فتح، ومراقبة عمل هذه المؤسسات من بعيد"،
موضحا أن تلك "المساحة التي منحها للدكتور صائب واللواء العالول تأتي في إطار
الاستعداد لمرحلة ما بعد أبي مازن".
"شراء للأسلحة"
وأوضح الكاتب أن "كل هذا يندرج في سياق
تحضير الكل الفلسطيني لمرحلة ما بعد أبي مازن"، منوها بأن من يدير السلطة في
ظل غياب عباس، "هي المؤسسات التي يحاول (عباس) تقويتها واستمرار عملها، بغض
النظر عن بقائه أو غيابه"، وفق قوله.
وأكد أن غياب عباس "سيؤثر بشكل كبير في
الحالة الفلسطينية؛ نظرا لكثرة المواقع التي يشغلها، لذلك فإن هذا الغياب قد يخلق حالة
صراع بين حركتي فتح وحماس على تلك المناصب، خاصة منصب رئيس السلطة"، وفق
تقديره.
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: واشنطن تدخل على خط
ترشيح ورثة لعباس
وحول نظرة الاحتلال لغياب عباس عن اجتماعات فتح
والمنظمة، أوضح المتابع والمختص في الشأن الصهيوني، سعيد بشارات، أن "إسرائيل
تنظر لعباس على أنه شخص يائس وغاضب، ويشك فيمن حوله، خاصة بعد دخول الأخير للمستشفى
برام الله".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21: "وبعد تدهور
صحته بشكل كبير، دائرة الشك توسعت لديه، فبعد أن كان يشك بارتباط أشخاص من حوله
بمحمد دحلان (قيادي مفصول من فتح)، فهو اليوم يشك بأن هناك مؤامرات عليه من قبل
جماعة رامي الحمد الله (رئيس الوزراء) واللواء توفيق الطيراوي (رئيس المخابرات
الفلسطينية السابق)".
ونوه بشارات بأن "شك عباس زاد بعد إلحاح من
حوله بضرورة إيجاد نائب له؛ كي لا يأخذ مكانه بعد وفاته الدكتور عزيز دويك، رئيس المجلس التشريعي".
كما لفت المختص في الشأن الصهيوني إلى أن
"إسرائيل ترى أن من حوله بدأوا بتجهيز أنفسهم لخلافته؛ فهناك شراء للأسلحة
لإيجاد مليشيات مساندة لكل قطب من أقطاب السلطة الفلسطينية في حال اشتداد الصراع
على خلافته".