قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن
كرة القدم النسائية
في
إيران قدمت "إسهامات مذهلة لكن التاريخ تغاضى عنها" في ظل حظر الحجاب
الذي فرضه اتحاد الكرة الدولي "فيفا".
وذكرت الصحيفة في تقرير ترجمته "
عربي21"، أنه على الرغم من أن لعبة كرة القدم تعج بالأحداث التاريخية المدهشة،
إلا أن كثيرًا منها غير مُوثَّق أو غير معروف. وبالأخص، تاريخ كرة القدم النسائية،
الذي دائماً ما يتم التغاضي عن ذكره.
ويبذل العديد من المُؤرخين ومحبّي كرة القدم
ما في وسعهم لتوعية وتثقيف الأشخاص حول مساهمات النساء الجبارة في هذه الرياضة.
وعلى الرغم من العديد من الإنجازات التي تستحق الثناء، لا يزال هناك "ماض
مظلم، علينا كلاعبين ومؤيدين وكتَّاب إدراكه من أجل أن نوفي هذه الرياضة الجميلة
حقها" بحسب الصحيفة.
ونقلت الصحيفة قصة أسمهان منصور، الفتاة
الكندية التي أثارت ضجة كبيرة على خلفية إقصائها من قبل الاتحاد الدولي لكرة
القدم،
الفيفا من الملاعب. ففي سنة 2007، لم يسمح الحكم للاعبة الشابة، أصيلة
مدينة أونتاريو باللعب بسبب ارتدائها الحجاب في إحدى المباريات. وردا على ذلك،
انسحب فريقها من البطولة التي استضافتها مدينة لافال خلال تلك الفترة.
وأشارت إلى أن الاتحاد الكندي لكرة القدم اطلع
على قضية أسمهان، وعلى قرار الفيفا، التي قررت التمسك بالحظر، وإرساء قانون يمنع
جميع أغطية الرأس ما عدا تلك التي تكون من خلالها الرقبة مكشوفة. وعلى الرغم من
عدم توفر بيانات أو أدلة ملموسة على إمكانية تسبب الحجاب بخنق لاعبة أو جرح
منافستها، إلا أنه اعتبر خطرا. وكانت النتيجة عدم قدرة اسمهان على المشاركة في
المباريات، حيث كان الأمر سيان بالنسبة للآلاف من الفتيات والنساء على مدى السبع
سنوات التي تلت إصدار القرار.
وأضافت الصحيفة أنه تم منع منتخب السيدات
الإيراني من اللعب في التصفيات المؤهلة للأولمبياد سنة 2011 ضد الأردن، نظرا
لارتدائهن الحجاب. وتجدر الإشارة إلى أنهن تقيدن بالمعايير التي فرضتها الفيفا.
وعموما، لم تكن هذه الحادثة متعلقة بنساء مسلمات تعرضن للاضطهاد بسبب عقيدتهن فقط،
بل أصبحت قضية نساء يتم إقصاؤهن بسبب قواعد مجحفة قائمة على
"الإسلاموفوبيا".
وأوردت أن هذا القرار لم يثنهن عن مواصلة تحقيق
أحلامهن المتمثلة في امتهان رياضة كرة القدم. فقد حظين لاحقاً بالدعم من قبل
العديد من الشخصيات على غرار مويا دود، نائبة رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم،
بالإضافة إلى اللاعبة والناشطة أسماء هلال، وأمير الأردن علي بن الحسين، الذي كان
آنذاك نائب رئيس الفيفا ورئيس اتحاد كرة القدم الأردني.
وقد قاد هؤلاء حملات ضغط على اتحاد الفيفا
للموافقة على السماح بمشاركة النساء المحجبات. علاوة على ذلك، قدمت العديد من
الشركات على غرار "كبسترز" و"ريسبورت أون" للاعبات المساعدة
من خلال تصميم ملابس رياضية لهن، تتماشى مع قواعد السلامة التي حددها مجلس الاتحاد
الدولي لكرة القدم.
وذكرت الصحيفة أن الأمين العام لاتحاد الفيفا
آنذاك، جيروم فالكه، أعلن في غرة آذار/ مارس سنة 2014 أن أغطية الرأس (على غرار
الحجاب للنساء المسلمات، والعمائم للرجال السيخ، والطاقيات للرجال اليهود) سيسمح
بها على أرض الملعب، على أن تتماشى مع اللوائح الطبية التي أقرها مجلس الاتحاد
الدولي لكرة القدم. وعلى إثر هذا القرار، تنفست لاعبات كرة القدم المسلمات في كل
أنحاء العالم، الصعداء.
وأفادت أنه بعد مرور أقل من سنتين على إلغاء
حظر الحجاب، وقع تنظيم كأس العالم للسيدات دون 17 سنة، في تشرين الأول/ أكتوبر، في
العاصمة الأردنية عمان. وكانت تلك المرة الأولى التي يُسمح فيها للمتباريات
بارتداء الحجاب والأهم من ذلك أنه وقع الترحيب بهذه الخطوة ضمن بطولة لعبت تحت
إشراف الفيفا، حيث كانت أول بطولة من هذا النوع تستضيفها منطقة الشرق الأوسط.
وذكرت الصحيفة أن تلك اللحظة شكلت نقطة تحول في
تاريخ كرة القدم، رغم تجاهلها بشكل كبير، إذ أتت بعد كد وجهد المناصرين واللاعبات
اللاتي رفضن الاستسلام وآمن بعقيدتهن وحقهن في لعب كرة القدم. وعلى العموم، لا تعد
الرياضة حكرا على أحد، لكن يتحتم على النساء في بعض الأحيان إثبات ذلك.