قضايا وآراء

دعوة لإنقاذ ثورة مصر.. ونخبتها

عزت النمر
1300x600
1300x600
لا شيء أسوأ من قضية عادلة بين يدي محامي فاشل.. لا أدري إلى أي مدى يمثل هذا الكلام حال المشهد المصري.

الثورة المصرية أو مقاومة الانقلاب هي قضية عادلة بالأساس، زادها توهجا حُمْق الانقلاب وشوفينيته، وإهداره لكل حقوق الشعب المصري، وتضييعه كل مقومات الوطن ومقدراته.

بعيدا عن التمزق والشقاق؛ هناك حالة من الكسل والتراخي والسلبية تطوق نخبة الثورة وتتلبس دعاة الحرية ومعارضي الانقلاب.

ربما الخيارات صعبة، لكن صورة العجز البادية توحي بمشكلة في الإرادة والأداء على السواء.

نمط مزر من الغياب يكتنف المشهد، ويجعل من البحث عن نخبة فاعلة للثورة والشرعية عملية مضنية وغاية بعيدة.

مثل هذا الواقع هو من يسبب قتامة الصورة، ويزيد من حالة التولي والهروب التي ننكرها جميعا على الشعب، لكنه في الوقت نفسه يدعونا إلى مراجعة جادة لأنفسنا وتحَسُس مواقع أقدامنا؛ بحثا عن نخبة أصيلة وجادة تنهض بالعبء وتؤدي واجب الوقت، وتحيي فينا وفي شعبنا الأمل في الخلاص.

أعتقد أننا الآن في الوقت المناسب، بعدما كشفت سنوات خمس من عمر الانقلاب عن فشل كامل في إدارة الدولة، ما أتى بنتائج كارثية على المواطن، فضلا عن عمالة صارخة لإسرائيل فقدت مصر فيها كل مقومات أمنها القومي ومقدراتها وثرواتها.

انقلاب السيسي وجنرالاته وطغمته فقد في لحظتنا الراهنة كل أتباعه، وتولى عنه اليوم كل مغفلي الأمس، وأصبح الشعب بأكمله يلعنه صباح مساء.

ربما تكون هذه هي اللحظة المناسبة لأي فكرة أو مبادرة أو خطوة أو قيادة أو فعل؛ يستهدف إعادة إنتاج الثورة أو حتى إلقاء حجر في مياهها الراكدة.

سرعة التحرك بإيجابية وطرق كل الأبواب يلزمنا جميعا الآن كفريضة واجبة، خاصة أن كوارث السيسي وتنازلاته وإهداره لكل مقدرات الوطن، تفاجئنا يوما بيوم وتحاصرنا ساعة بساعة.

خطيئة الاكتفاء بالفعل الإعلامي والحقوقي دون السياسي أو الثوري؛ تلطمنا جميعا، وتوشك أن تورد ثورتنا موارد الهلاك وتصم من يتورط فيها بالغفلة والخذلان أو بالعمالة والتواطؤ.

كل التقدير للإعلاميين وجهدهم، فقد كشفوا إلى حد بعيد عورات الانقلاب، وأفادوا ثورتنا بفضح الهدايا السوداء التي قدمها لهم الانقلاب بغباء. لكن الأداء الإعلامي إن لم يصاحبه مسار سياسي وثوري، فإنه قد يصل بمتابعيه إلى شعور بالعجز، وحالة من القهر والخور تدعو للاستسلام والتولي.

على النسق ذاته؛ كل التقدير لخطوات الحقوقيين في شرق الأرض وغربها في جهودهم لاستنقاذ روح، أو تخفيف معاناة أو تحسين ظروف الاعتقال، أو الضغط الخارجي على شرذمة المجرمين. لكن الجهد الحقوقي مهما بلغ؛ لن يؤدي لأثر يُذكر في طريق إنقاذ الوطن أو تحرير ساكنيه.

بقي إذن على النخبة السياسة أن تقوم بواجبها، بدلا من أن تكون هي ذاتها عُذْر كل معتذر وشماعة مقبولة لدعاة اليأس والقعود.

دعوة أتقدم بها في ظرفنا الراهن إلى نخبة الثورة من كل الاتجاهات، ليتوافقوا على حكومة للثورة تكون مهمتها توحيد خطاب جاد يُوَجَّه إلى الشعب المصري باللغة التي يفهمها، ويتناول احتياجاته، ويتجاوز خلافات النخب وهيمنات السياسة.

هذا المسار يُسَهِّل على نخبتنا - إذا ما أرادت - أن تنتقل من ادعاء الثورية ومعارضة الانقلاب؛ إلى جدية الفعل الثوري وصراحة المقاومة.

لنبدأ بالتوافق على أسماء تمثل هذه الحكومة، بدءا من رئيس لها يملك كل صلاحيات رؤساء الحكومات، ويتولى الحديث باسم حكومة الثورة والشعب.

ثم يمكننا أن نجمع كل القامات والكفاءات والكوادر في كل تخصص في كيان جامع، ويختار هؤلاء منهم وزيرا يمثل الوزارة والتخصص، ويتناول الوزير وكيانه المعاون كل ما يتعلق بوزارته في الحكومة المأمولة، ويقدموا للشعب خطة واضحة وخارطة طريق لليوم وغدا وبعد سقوط الانقلاب.

المتشائمون ربما يعاجلونا بأن الشعب المصري انصرف عن المشهد، ولن يعود إليه أبدا!!

لهؤلاء أقول: لا شك عندي أن مسلك النخبة وتنازعها وانشغالها بأولوياتها في الفترة السابقة، هو السبب المباشر في تولي الشعب وانصرافه.

وأعتقد أن خطوة كهذه من شأنها أن تجعل النخبة تستعيد الشعب وتستميله خطوة خطوة، من خلال الإعلان المتتالي عن رؤية عملية وواقعية للحكومة المنتظرة من بلايا السيسي اليومية، وموقفها الجاد من جرائم حكومة العسكر وبرلمان العار.

ثمة حقيقة أخرى لا تقبل المزايدة؛ أن إعلان وزارات حكومة الثورة عن خطواتها وقرارتها بشأن الأوضاع الاقتصادية والصحية والتموين والغلاء، وكذلك الكشف عن خططها المستقبلية في دعم المواطن، سيكسبها شعبية تتزايد يوما بعد يوم، ولن يضرها إذا ما بدأت هذه الشعبية في المثقفين أولا، ثم لن تلبث حتى تتجذر في عموم الشعب وكل طبقاته خاصة الفقيرة والمطحونة، وهم عامة المصريين اليوم.

حقيقة أخيرة أن نجاح هذه الحكومة مرهون بكوادرها ومفرداتها وكيان كل وزارة ومخرجاتها، وأعتقد أنه أمر ميسور ولا زلنا نملك فيه الكثير.

وفي الختام، ربما يحاول هذا الطرح أن يتجاوز معضلات النخبة ومُعَطِلاتها، ويقدم لها طريقا للمسير يسمح بترك المختلف فيه لكلمة الشعب غدا، ويدعو الجميع للتوحد على دعم مسار الحكومة المنتظرة والوقوف خلفها كراية واحدة وجادة وفاعلة، في مكافحة سرطان السيسي وإيدز الانقلاب.
التعليقات (3)
عمر عبد الستار عثمان
السبت، 10-03-2018 05:01 م
مقال رائع حقا وبه البداية التي نستطيع أن نبني عليها ولكن من يتجرد لتلك الفكرة التي تحتاج إلى رجال إن مصابنا في النخبة الثورية لولا أنها نخبة حقه ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه ولكنه في رأي نخبة السبوبة إلا من رحم وهذا نتاج الحكومات المتجبرة وقد يتغير الوضع الآن لو أنهم اطرقوا جيدا وابعدوا المنافع والمصالح قد يتغر الوضع على الأرض لا فوض فوك أستاذ عزت
مصري جدا
السبت، 10-03-2018 02:58 م
بعد الثورة بدأت النخبة فحضر الشعب فورا رغم غياب الاعلام المقاوم ،،، وفي المشهد الحالي غاب الجميع حين اخفقت النخبة بعد الثورة وضيعت ثقة الشعب فيها ،،، نحن فعلا بحاجة الى نخبة جديدة ،، شابة واعية ناضجة ،، تتسلح بسلاح العلم في السياسة والاقتصاد والاعلام وغير ذلك ،،، واتصور انها موجودة لكنها ايضا محجوبة وسط ركام التزاحم والتنافس بي بقايا نخبة عهد مبارك ونخبة ما بعد الثورة سواء في الحركة الاسلامية او الحركة المدنية ،، بقايا النخبة السابقة لم تعد مناسبة والنخبة الجديدة محجوبة وتحاول الظهور والتصدر وهذا الصراع الحقيقي للفترة القادمة ،،، قيادات الاخوان والجهاد والجماعة الاسلامية وقيادة الحركة المدنية تجاوزها الزمن ولا جديد لديهم ،، نفس العقول ونفس الخلافات رغم قسوة التجربة لم يتعلموا ،، النخبة الجديدة امامها مشوار طويل ونضال ليس سهلا ،،، نضال ضد القمع والاستبداد ونضال ضد قيادات الماضي التي اهدرت كل الفرص وما زالت حريصة على تصدر المشهد
جزائري
السبت، 10-03-2018 10:08 ص
تحليل مقبول واقتراح مأمول لكن هل ينفع مع عسكريين متصهينين وتلفيين جبناء سلوليين وعلمانيين أغبياء وإعلاميين فاسدين كذّابين وشعب جيعان ؟؟؟