شهدت مدينة العريش
المصرية بشمال
سيناء مساء الثلاثاء زحاما شديدا وتدافعا بين مئات المواطنين على شاحنات توزيع الطعام، التي وصلت إلى المدينة المحاصرة التي تشهد عمليات عسكرية منذ 19 يوما بعد سماح قوات الجيش لها بالدخول.
ويقول شهود عيان إن الزحام الشديد جاء بسبب تأخر وصول أي شاحنات تحمل المواد التموينية والخضروات منذ أيام طويلة، نتيجة منع القوات المسلحة دخول أي سيارات للمنطقة.
وأعلنت القوات المسلحة شن عملية شاملة ضد تنظيم الدولة في المنطقة أطلقت عليها اسم "
سيناء 2018"، وفرضت حصارا محكما على مدن شمال سيناء منذ ثلاثة أسابيع تقريبا.
ويشتكي مواطنو شمال سيناء منذ بدء العملية من نقص حاد في المواد الغذائية والخدمات بسبب قطع قوات الجيش للطرق الرئيسية ما يؤخر وصول شاحنات الطعام التي تأتي غالبا من القاهرة أو محافظات الدلتا.
فوضى عارمة
وبحسب تقارير صحفية، فقد أصيب خمسة عشر مواطنا بإصابات مختلفة في حي المساعيد بالعريش جراء التدافع على شاحنات المساعدات والمشاجرات للحصول على الخضراوات، حتى أن قوات الجيش قامت بإطلاق الرصاص في الهواء عدة مرات للسيطرة على الموقف.
ونقل الصحفي السيناوي "حاتم البلك" على حسابه على "فيسبوك" عن شهود عيان قولهم إن جنود الجيش خزنوا شحنات الطعام القادمة من القاهرة في أحد المنازل وبدأوا في إلقائه على المواطنين المحتشدين بشكل عشوائي ما أدى إلى حالة من الفوضى العارمة والتدافع.
ويشتكي كثير من الأهالي من عدم العدالة في توزيع المساعدات، مطالبين السلطات بفتح الطرق أمام التجار لجلب البضائع من الدلتا وبيعها بشكل طبيعي للمواطنين.
جهود شعبية
وكان عدد من رجال الأعمال والمتطوعين قد أعلنوا الاثنين الماضي تسيير أكبر قافلة غذائية في التاريخ الحديث، حسب قولهم، تنطلق من القاهرة لتوزع المساعدات المجانية على أهالي شمال سيناء، بعد حصولهم على التصريحات المطلوبة من قبل قوات الجيش.
وأكد عدد من الأهالي أن الجيش سمح لهذه القافلة بدخول العريش بعد مناشدات ووساطات عديدة من نواب برلمانيين وشيوخ قبائل، مشددين على أن المنطقة ما زالت في حاجة إلى أضعاف هذه الكميات من المساعدات بعد نحو ثلاثة أسابيع من الحصار المشدد على شمال سيناء.
وخرجت قافلة مكونة من عشرات الشاحنات صباح أمس الثلاثاء من سوق الخضروات المركزي بالقاهرة متوجهة إلى مدينة العريش لإغاثة الأهالي بعد نفاد المواد الغذائية من الأسواق هناك.
وقال شهود عيان إن قوات الجيش وضعت صورا للسيسي وشعار تحيا مصر على الشاحنات التي وصلت إلى المدينة على الرغم من أن القافلة بالكامل ممولة من جانب مواطنين ورجال أعمال متطوعين.
ويقول مراقبون إن هذه الخطوة من جانب رجال الأعمال تكذب التصريحات الرسمية من قبل قوات الجيش والحكومة، التي تؤكد مرارا توفير احتياجات أهالي شمال سيناء من المواد الغذائية والطبية.
وفي الوقت الذي وصلت فيه هذه القافلة إلى العريش، مازالت مدينتا رفح والشيخ زويد تعانيان من نقص حاد في مستلزمات الحياة الأساسية.
وواصل المسؤولون الحكوميون تصريحاتهم حول توفير تدبير احتياجات شمال سيناء من السلع التموينية الأساسية، بينما يواصل المواطنين شكواهم من عدم كفايتها.
وأكد محافظ شمال سيناء اللواء عبد الفتاح حرحور أنه يتم التنسيق لإدخال كميات إضافية من المساعدات الغذائية قريبا، كما أعلنت القوات المسلحة الدفع بشاحنات محملة بالدواجن واللحوم المجمدة لبيعها للمواطنين بأسعار مناسبة.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية عن وزير التموين على المصلحي تكليفه بمساندة القطاع الخاص في تدبير كميات إضافية من السلع الغذائية خلال الأيام المقبلة وعرضها بسعر التكلفة بالتعاون مع القوات المسلحة.
إذلال الأهالي
وأثارت صور الحشود المجتمعة حول شاحنات المواد الغذائية غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي حيث وصف الوضع بأنه تعمد لإذلال أهالي سيناء مقابل منحهم المواد الغذائية التي يسمح الجيش بتوزيعها.
وكتب أحد مواطني العريش يقول: "أهالي العريش مع حملة الجيش ضد الإرهاب لكن هذه الحملة تقتلهم أيضا ببطء.. لأنهم مش لاقيين أكل ولا بنزين ولا أدوية وأغلبهم ينوي مغادرة المدينة لو أتيحت لهم الفرصة".
وعلّق الإعلامي السيناوي حسام الشوربجي على الوضع قائلا: "حصار خانق على مدينة العريش يضطر سكانها للخروج في طوابير طويلة بانتظار فرصة للحصول على وجبة من القوات المسلحة التي تُباع بأسعار مرتفعة، بعدما دمروا العريش وفشلوا فيها أمنيا حاصروها ويجوّعون الشعب ثم يبيعون الطعام لهم بأسعار مرتفعة!".
فيما قال الصحفي البلك: "إن تصريحات وزير التموين بوجود مخزون من السلع يكفي كافة احتياجات أهالي سيناء لمدة أربعة شهور قادمة كاذبة"، مؤكدا أن "المجمعات الاستهلاكية التابعة للحكومة خالية تماما".
وأضاف حساب باسم "سلاحي دعائي": "دي مش سينما ولا ماتش كورة، الناس دي واقفة علشان تاخد زبادي لعيالها، حسبنا الله ونعم الوكيل".