هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
مع استمرار العمليات العسكرية والأمنية الإسرائيلية في سوريا خلال السنوات الماضية، لم يستبعد خبير عسكري إسرائيلي بارز، أن ما حدث بالأمس من إسقاط طائرة إف-16 كان نتاج "كمين وفخ" خطط له، في ظل واقع استراتيجي مختلف.
واقع استراتيجي مختلف
رأى الخبير العسكري الإسرائيلي لدى صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، أن المعنى الأساسي في القتال الذي وقع أمس في الشمال، هو أن إسرائيل وإيران، دخلتا لأول مرة في مواجهة مباشرة على الأراضي السورية".
وأوضح في تقرير له بـ"هآرتس"، أنه، "في حال انتهت هذه الجولة بالهدوء، فإنه بات يتشكل هنا، على المدى البعيد، واقع استراتيجي مختلف".
اقرأ أيضا: نتنياهو: وجّهنا ضربات قاسية للقوات السورية والإيرانية
ووفق هذا الواقع الجديد، "يتطلب الأمر من إسرائيل مواجهة مزيج إشكالي من التطورات وهي؛ استعداد إيراني للعمل ضدها، ثقة متزايدة بالنفس لدى نظام بشار الأسد"، بحسب هرئيل الذي أكد أن "الأمر المقلق بشكل أكبر؛ هو دعم روسي للخط العدواني لبقية أطراف المحور".
ونوه أن سنوات الحرب السبع في سوريا، "سمحت لإسرائيل بحرية العمل الواسع في الأجواء الشمالية، وعندما تم اكتشاف خطر يهدد مصالحها الأمنية، قام سلاح الجو بالعمل بدون أي إزعاج تقريبا".
ولفت الخبير، إلى أن "حكومات بنيامين نتنياهو المتعاقبة أصرت على الحفاظ على الخطوط الحمراء التي حددتها؛ وفي مقدمتها منع تهريب الأسلحة المتطورة إلى حزب الله".
الضغط على النظام
وقدر أن "الظروف تغيرت في السنة الأخيرة، رغم أن حكومات نتنياهو أدارت في سوريا خلال الفترة الماضية من العام، سياسة مسؤولة وحكيمة، منعت التدهور الإسرائيلي المبالغ فيه نحو الحرب"، وفق قوله.
وأشار هرئيل، أنه "في ضوء الانتصار التدريجي للنظام السوري في الحرب - والذي يركز الآن على المذابح في عدة جيوب للمعارضة-، فقد استأنفت سوريا محاولات إسقاط طائرات إسرائيلية أثناء قيامها بالهجوم".
اقرأ أيضا: إسرائيل تعزز دفاعاتها الجوية وتواصل التحقيق بإسقاط الطائرة
والى جانب ذلك، "بدأت إيران بدفع مصالحها؛ عبر نشر ميليشيات شيعية في جنوب سوريا، والضغط على النظام لكي يسمح لها بإنشاء قاعدة جوية وميناء بحري"، وفق الخبير الإسرائيلي.
وبين أن "إسرائيل واصلت العمل في الشمال، وفقا لمخططاتها الهجومية السابقة، حتى وقعت في الفخ الاستراتيجي أمس، والذي لا يستبعد أن يكون نتاج كمين خطط لها"، مستعرضا لملخص الأحداث الذي وقع بالأمس؛ والذي بدأ بإطلاق طائرة إيرانية مسيرة، وإسقاطها من قبل مروحية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي.
ومن ثم تدمير مقاتلات إسرائيلية لمنصة الإطلاق الإيرانية في قاعدة سرية قرب مدينة تدمر في جنوب سوريا، وهو ما أدى على الأرجح إلى إصابة جنود أو "مستشارين" إيرانيين، ورد الجيش السوري بإطلاق أكثر من 20 صاروخا مضادا للطائرات، والتي أصاب أحدها، كما يبدو، طائرة إف 16، وبعدها هاجمت إسرائيل 12 هدفا سوريا وإيرانيا في سوريا، وهو الهجوم الأوسع منذ عام 1982.
تمرير رسائل تهديد
من ناحية عملية، قدر الخبير أمن "سلاح الجو الإسرائيلي وشعبة الاستخبارات، سجلت سلسلة من النجاحات العسكرية، لكن في عصر الحرب على الوعي، سيطغى على هذا كله، تحطم الطائرة الإسرائيلية وإصابة أفراد الطاقم، والتي تم ترويجها في الجانب العربي كنجاح كبير، بينما سببت الإحراج في الجانب الإسرائيلي، وهو ما يوجب تحقيق معمق؛ كيف حدث هذا؟".
وأكد أن التصريح الروسي، الذي "طالب إسرائيل باحترام السيادة السورية وتجاهل تماما إطلاق الطائرة الإيرانية غير المأهولة إلى أراضينا، مثير للقلق"، مضيفا: "هذه الضربات المتبادلة قد تتواصل الآن، بفعل المفاخرة القومية والإحراج العام".
وفي ظروف مشابهة جدا، في كانون الثاني/ يناير 2015، قال: "أجاد نتنياهو كيفية إنهاء الأمر، حيث اتهمت إسرائيل في حينه باغتيال جنرال إيراني وناشط حزب الله جهاد مغنية، ورد حزب الله بعد حوالي عشرة أيام بكمين صاروخي، أسفر عن قتل ضابط وجندي إسرائيليين في جبل روس".
وتابع: "لكن إسرائيل قررت أن هذا يكفي، وامتنعت عن رد انتقامي وزال خطر الحرب، والآن يبدو أن هناك ما يجب عمله في القناة الدبلوماسية، وعلى سبيل المثال عبر تمرير رسائل تهديد بواسطة أمريكا وروسيا، قبل مواصلة التدهور نحو خطر المواجهة العسكرية".