على
خلفية الأزمة التي تعيشها أجهزة الاستخبارات الأمريكية في عهد الرئيس دونالد
ترامب، يطرح رئيس وزراء
الاحتلال بنيامين
نتنياهو مطلبا جديدا بالولاء الشخصي من رؤساء الأجهزة
الأمنية، رغم تحذيرات الخبراء بأن هذه الخطوة تعرّض مهنية هذه الأجهزة للخطر، وقد
تتسبب بأضرار جسيمة للدولة.
البروفيسور
أوري بار يوسف، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة حيفا، ذكر أن "الساحات
المعادية لإسرائيل قررت التعاون بين بعضها لشنّ هجوم عليه، هو السيناريو الرئيسي
الذي حذرت منه أجهزة الاستخبارات قبل هجوم حماس في السابع من أكتوبر، ولم يختف هذا
التهديد، وإن فقد شدّته، لكنه اليوم يتم استبداله بتهديد آخر، لا يقل خطورة، يتمثل
في التقاء الساحات، المتمثلة بروح ترامب التي تهبّ بقوة في الولايات المتحدة، ووصلت
إلينا، وتزيد من حدّة التهديدات للمؤسسة الأمنية بشكل عام، ومجتمع الاستخبارات
بشكل خاص".
وأضاف
في مقال نشرته صحيفة "
معاريف"، وترجمته "عربي21" أن "التعبير الأكثر وضوحًا وتهديدًا عن ذلك تمثل ببداية اجتماع مجلس الوزراء
الأمني في
11 شباط/ فبراير، عندما ألقى نتنياهو، دون أي صلة بموضوع المناقشة، خطابًا أذهل الحاضرين،
في مركزه رسالة بدت وكأنها قادمة مباشرة من مكتب ترامب، ومفادها أن دولة إسرائيل تدخل
عصر "الولاء"، بحيث لن يكون اختبار أعضاء النظام الأمني هو أداؤهم
المهني، بل درجة ولائهم الشخصي له".
وحذر من أن "اختبار الولاء هذا يهدّد بتدمير الاستخبارات الإسرائيلية، لأن تقييماتها
لن تعتمد على المهنية والموضوعية، بل منحازة سياسياً، وصولا لتنفيذ عمليات تطهير
فيها من العناصر غير الموالية، وربما طرد كبار مسؤوليها غير المخلصين بدرجة كافية،
كما تلقى عشرون ألف موظف بوكالة المخابرات المركزية عرضًا بالتقاعد المبكر لذات
السبب، والتلميح لمن لا يتماهون مع الإدارة الجديدة أنه يجب عليهم اغتنام الفرصة،
وهو ما تكرر بوكالة الأمن القومي، الموازية الأمريكية لوحدة 8200، وفي وكالات
استخباراتية أخرى".
اظهار أخبار متعلقة
وأكد
أن "نتيجة مثل هذه الخطوات ستكون خسارة كبيرة بأعداد الموظفين المحترفين، مما
سيعيد العمليات الاستخباراتية سنوات للوراء، وتهديداً لمصادرها، وكشف قوائم
الجواسيس العاملين بدول أجنبية، ومصادر الاستخبارات شديدة الحساسية وهوياتها، التي
يفترض أن تبقى سرية".
وأشار
إلى أن "إرهاصات مثل هذا الانقلاب في مستقبل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية
تتمثل بحفاظ نتنياهو على علاقة متزعزعة مع قياداتها لأكثر من عامين، وتحميلها
المسؤولية الكاملة عن كارثة السابع من أكتوبر، رغبة بصرف اللوم عن مسؤوليته الخاصة،
وفي الوقت نفسه، يسعى لإنشاء إدارة استخبارات بمكتبه، ستوفر له تقييمات استخباراتية
تلبي رغباته، وتتفوق على التقييمات الاستخباراتية المهنية للمنظومة الأمنية
بأسرها، ويسمح لوزير دفاعه يسرائيل كاتس بتوبيخ رئيس الشاباك رونين بار، فقط لأنه
يقوم بواجبه".
وأكد
أن "عنصر الولاء الشخصي في العمل الأمني سيدبّ الفوضى في منظومته السرية،
والحيلولة دون استجابة مسؤوليها لمقتضيات ضميرهم المهني لفتح تحقيق فيما يرونه
خرقاً أمنياً، ولو لم يتناسب مع توجهات نتنياهو، الذي لم يتردد بتهديد كل من يقترب
من أخطائه، وفي هذه الحالة نتخيل ماذا سيفعل خليفته، الذي سيعين على أساس الولاء
للزعيم، وما هي تقييمات رئيس الاستخبارات العسكرية إذا استمرّ تعرضه للهجوم من
وزير الدفاع، ولمن يدين أفراده بالولاء، وهم يدركون أن أداء واجبهم المهني قد يمنع
ترقيتهم الوظيفية".
وختم
بالقول إن "هذه أسئلة لم تكن لتخطر على بال أحد في دولة إسرائيل حتى وقت
قريب، لكن الأمور تغيرت، والمخاطر ما زالت قائمة، والثمن قد يكون باهظا، ومن
المناسب طرح هذه القضية على جدول الأعمال العام، ويرفع رؤساء هيئة الاستخبارات
والموساد والشاباك أصواتهم، السابقون والحاليون، وكل من ساهم ببناء مجتمع
الاستخبارات المهني في الدولة، وإلا فإن المخاطر إذا تحققت، فسيجدون صعوبة بالنظر للمرآة".