هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سبع سنوات كاملة مرت علي رحيل الرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك، الذي حكم مصر ثلاثين عاما أفسد فيها الحياة السياسية المصرية وجرفها من القيادات السياسية التي كانت يمكن لها أن تصيغ مستقبل مصر بعد ثورة 25 يناير بشكل مختلف عما تعانيه الآن.
خبراء ومختصون حملوا مبارك مسؤولية ما جرى ضد ثورة يناير وأنه كان شريكا في الانقلاب الذي جرى على أول تجربة ديمقراطية حقيقية، حيث أكد الباحث السياسي أسامة أمجد لـ "عربي 21" أن مبارك استطاع خلال فترة حكمه أن يرسخ أقدام الفساد في مختلف المجالات سواء المتعلقة بالجماهير أو غير ذلك، وبالتالي كان طبيعيا أن يتصدى هذا الفساد للرئيس مرسي ويفتح ذراعيه للسيسي في إفشال واضح لأهداف ثورة 25 يناير.
ويؤكد "أمجد" أن علاقة مبارك بدولتي السعودية والإمارات يشوبها كثير من الاستفسارات، خاصة وأن دعم الدولتين لمصر لم يكن للشعب وإنما من أجل النظام الحاكم، فقد جمدوا دعمهم لمصر الثورة من أجل الإفراج عن مبارك وعدم محاكمته، كما أنهم أوقفوا الدعم خلال حكم مرسي لإفشاله، وبعد الانقلاب انهال الدعم على السيسي، وفي كل مرة تكون نهايته على المحك يتم منحه قبلة حياة عن طريقهما.
ويشير إلى أن مبارك فصَّل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والقضائية على مقاسه ومقاس عائلته فقط، وبالتالي عندما قال إما أنا أو الفوضى فهو كان محقا لأنه يعلم أن التركيبة التي صنعها طوال فترة حكمه سوف تكون حائط صد أمام أية محاولة لإعادة إحياء مصر مرة أخرى.
ويضيف "أمجد" أن هذا التصور راق لدول وحكومات مثل السعودية والإمارات والولايات المتحدة وإسرائيل والبحرين، وهي الدول التي كان لها موقف معاد من الثورة المصرية بشكل واضح، ولذلك لم يكن غريبا أن تقدم السعودية عروضا مالية ضخمة للمجلس العسكري ولحكومة مرسي مقابل الإفراج عن مبارك.
زيارات سرية
وعن علاقة مبارك بالسيسي أشار الباحث المتخصص في الشؤون العسكرية "عبد المعز الشرقاوي" أن السيسي لم يكن من قيادات الصف الأول المتصلين بمبارك مباشرة مثل المشير حسين طنطاوي والفريق سامي عنان وكذلك رؤساء الأفرع الرئيسة مثل القوات الجوية والدفاع الجوي والبحرية، ولكن كانت هناك علاقة أخرى ربما لم يتم كشف الستار عنها حتى الآن وهو أن السيسي كان واحدا من مجموعة ضيقة هي المعنية بتأمين اتصالات ولقاءات مبارك مع الإسرائيليين.
وأوضح الشرقاوي لـ "عربي21" أن مبارك على خلاف ما كان معروفا قد زار إسرائيل أكثر من مرة بشكل سري عن طريق طابا برا وبحرا وجوا وكان ترتيب هذ الزيارات السرية يقع على عاتق فريق ضيق من المخابرات الحربية يقودهم السيسي بالإضافة إلى فريق من المخابرات العامة، وكل عمليات التأمين المتعلقة بهذه الزيارات كان المعني بها السيسي.
ويشير الشرقاوي كذلك إلى الدور الذي لعبه السيسي في تهريب أموال مبارك قبل التنحي بيومين عن طريق زوارق بحرية من شرم الشيخ إلى إيلات وهو ما كان مثار حديث كبير وقتها بين الثوار ثم أغلق الموضوع فجأة، وهو ما يمكن اعتباره أنه تم في إطار الصفقة التي جرت مع قيادات المجلس العسكري ومبارك من أجل التنحي والتي لعب فيها عمر سليمان رئيس المخابرات الأسبق دورا كبيرا.
ويضيف الشرقاوي أن مبارك بعد رفض قوات الحرس الجمهورية تنفيذ أوامره بفض مظاهرات 25 يناير سأل اللواء محمد زكي قائد الحرس الجمهوري وقتها عن الجهة التي تخرج منها ميزانية الحرس الجمهوري، وعندما عرف أنها من ميزانية وزارة الدفاع قال بحسرة :"طوال 30 سنة مكنتش واخد بالي".
ويستبعد الشرقاوي أن تكون التصفيات التي يقوم بها السيسي داخل الجيش ضد قيادات مثل أحمد شفيق وسامي عنان وأنصارهم لها علاقة بارتباط هذه القيادات بمبارك، موضحا أن مبارك في السنوات الأخيرة من حكمه انفصل عن الجيش كما انفصل عن كل شيء وبالتالي كان الجيش في يد المشير طنطاوي، والسيسي كان من أبرز القيادات التي يعتمد عليها طنطاوي كما أنه كان يتولى الأمن الحربي وهي الإدارة الأخطر في مصر وليس في المؤسسة العسكرية وحدها.
وأوضح أن السبب الأساسي في التصفيات هو قناعة السيسي أنه سوف يتعرض إلى خيانة من داخل الجيش، نظرا لعدم قناعة كثير من القادة بإمكانياته وأنه تخطى رتبا كثيرة وأصبح هو المتحكم في الأمور وبالتالي فإن ما يقوم به هو لتأمين جبهته الداخلية في الجيش.