قضايا وآراء

المعادلة التي يجب على الإخوان المسلمين حلها

هاني الديب
1300x600
1300x600
لا خلاف على أهمية دور الحاكم الرشيد في حياة الناس، وضرورة سعي الأمة بمختلف أطيافها لإيجاد هذا النموذج، أو على الأقل قريبا منه. لكن اختلافا قد يقع حول مواصفات هذا "الحاكم الرشيد" الذي تتباين صورته في ذهن كل مواطن. ولو أجري استطلاع للرأي لخرج بجملة من الصفات التي تقارب المثالية، أو تستقي تصورها لهذه الوظيفة من زمن الخلافة الراشدة، مرورا بسيرة عظماء القادة ورموز الأمة عبر تاريخها وصولا لواقعنا المعاصر. وهنا تبرز عدة أسئلة أعتبرها جوهرية في هذا الشأن:

- كيف يمكن إيجاد هذا الحاكم في إطار الدولة القطرية الذي نعيش في ظله، مع اختلاف أسلوب تداول السلطة في كل منها؟

- حين تضع جماعة الإخوان المسلمين - أو أي جماعة أخرى - من أهدافها "إيجاد الحاكم المسلم"، فهل تعتبر هذا الهدف واجبا شرعيا لا يمكن التخلي عنه؟ أم إنه فرض كفاية انتدبت نفسها فيه نيابة عن الأمة؟ أم هو خيار حركي يقبل النقاش حوله وفق متغيرات الواقع وحيثياته؟

- هل يمكن أن يكون إيجاد هذا الحاكم فرض كفاية أصلا لتقوم به جماعة من المسلمين، بينما أغلب الأمة قد سقط عنها التكليف؟ 

- هل يري غالبية الشعب مواصفات هذا الحاكم كما تراها الجماعة؟ أم إن هناك قالبا ذهنيا معينا للحاكم في تصوّر الجماعة؛ لا يتفق مع رؤية تلك الأغلبية التي تختلف اهتماماتها الحياتية كثيرا أو قليلا عن أولويات هذه الجماعة أو ذلك الحزب؟ وهل من حقها في تلك الحالة أن تفرض نموذجها للحاكم على غيرها؟ وما آلية ذلك؟

- أم إنها ستقدمه وفق آليات سياسية معاصرة، فيلقى حينها القبول أو الرفض حسبما يقرره الشعب بمختلف توجهاته؟

لمزيد من التحديد أقول إن التجربة العملية بيّنت أن جماعة الإخوان المسلمين ترى الحاكم المسلم عضوا ذا صفات خاصة داخل الجماعة، ولا يمكن أن تقبل بغير هذا، سواء كان ذلك الغير ممن يحمل الفكر الإسلامي الوسطي وليس عضوا في الجماعة، أو كان عضوا سابقا فيها، أو حتى مناصرا لفكرها وتوجهها.

أعلم أن كثيرين يعتبرون ما حدث في مصر بعد الثورة خطأ في التطبيق، وأن الإخوان يقبلون بأي حاكم مسلم توفرت فيه المواصفات الأساسية. ولهؤلاء أقول: هل يقبل إخوان مصر اليوم بأحد أعلام السلفية أو الصوفية أو التبليغ أو أنصار السنة حاكما لمصر؟ بعيدا عن سؤال الإمكان والتحقق فهذا مبحث آخر.

أيا كانت الإجابة عن هذه الأسئلة، فقد بات معلوما من الواقع بالضرورة والممارسة أن هناك خيارا تتوق جموع الإخوان ومحبوهم في العالم؛ لمعرفة الرأي فيه اليوم وليس غدا. ولعل قيادة الجماعة – بعد التشاور مع أعضائها وأهل الاختصاص – تصل لأحد هذه الخيارات وتعلنها قبل فوات الأوان، وحينها قد يفرض عليهم أحدها، إما بخيار من قواعدها أو بإملاءات وضغوط خارجية؛ لتتماشى مع توازنات سياسية وأجندات مصالح القوى الإقليمية والدولية.

على الإخوان أن يحددوا موقفهم من السلطة بوضوح، وأن يتخذوا من الوسائل ما يكفي لتحقيق أهدافهم وفق هذا الخيار أو ذاك. (1) فإذا أرادوا السلطة، فإن طريقها في دول العالم الثالث هو القوة، ومن ثم عليهم إيجاد كيان هدفه الوصول للحكم باستخدام القوة، فيعلم كل من ينضم إليه ابتداء أين يضع قدمه وما هي وسائله وأهدافه، لتكون الصورة واضحة ويتحمّل عواقب اختياره بإرادته. (2) أو أن السعي للسلطة ليس من أهداف الإخوان، ومن ثم فلا داعي لإضاعة الجهود في مسرحيات سياسية تهدر الجماعة فيها طاقاته،ا ولا تحصل منها سوى تجميل الوجه القبيح لأنظمة ديكتاتورية، وعليها حينئذ اتخاذ الوسائل التي تحقق بها أهدافها.

من أراد أن يصبح طبيبا، فعليه الالتحاق بكلية الطب ودراسة علومه وإتقان تخصصاته، أما أن يدخل أحدهم ابنه كلية الدعوة أو التجارة وينتظر أن يتخرج في نهاية المطاف طبيبا، فهذا محض وهم لا يقول به عاقل. إذن فالمصارحة مع الذات والأعضاء واجب الوقت.

التعليقات (3)
اينشتاين
الخميس، 29-03-2018 04:22 م
بالنسبة لمصري جدا : أنت كمن يطلب من الإخوان الانقلاب أو الثورة على الإخوان ، الشيء ذاته حدث من قبل الاستبداد حينما حرك الشارع المصري باسم الثورة المضادة ضد الإخوان ، الإخوان وحدهم في تنظيمهم من تقع على عاتقهم مسئولية تقدير الموقف ومسئولية تحديد المسار ، تجربة الإخوان باتت مثقلة كثيرا والسبب هو تعويل الإخوان طويلا على الجماهير كي تتحمل أعباء الحركة ، مع أن المطلوب من البداية ، كان حاجة المجتمع المصري تحديدا إلى من يتحمل أعباءه وينطلق من داخل قواعده الصلبة إنسانا مواطنا مصريا ، لا إخوانبا متميزا عن باقي الناس شعاراتيا ، الشعارات وحدها والأجواء الاحتفالية هي التي أثقلت كاهل الحركة وعرضتها لمزيد من الضربات ، فما بالك والحركة تجاوزت حدود مصر ووسعت كثيرا من بقاع العالم شعاراتيا واحتفاليا ؟ المشكلة لم تعد مشكلة مجتمع بقدر ما هي مشكلة تنظيم بعينه يمكن أن يفقد مبررات وجوده جيلا بعد جيلا ، خصوصا أن سنن الكون لا تحابي المنتظرين .
مصري جدا
الإثنين، 20-11-2017 05:57 م
الاخوان لا تجيب على الاسئلة ،،، مثل محقق نيابة امن الدولة العليا الذي جلست امامه مئات المرات ،، حين قال لي بالحرف الواحد ،،، نحن لا نسآل ،، نحن الذين نسآل ،،، العجيب ان الاخوان الذين يطالبون الملايين بالالتفاف حولهم ،،، لا يرون لهذه الملايين الحق في الطلب والسؤال والاستفسار ،،، ويعتبرون امورهم شآن خاص بهم وحدهم ،،،، والعجيب المدهش ايضا انهم حين يستشيرون قواعدهم او يستطلعون اراءهم في القضايا الكبيرة يعتبرون هذه الاراء وهذا الاستطلاع غير ملزم للقيادة ،، ما جعل الاف الشباب يشعر بالقرف والاحباط ،،، الاخوان جسد كبير ضخم ،، عشرات من القيادات العليا والاف من القيادات الوسيطة وملايين من القواعد الشابة الفتية المخلصة ،، لكن هذا الجسد الكبير ،،،، الذي كنت ومازلت ارى انه ثروة قومية مهدرة بسبب القيادات العليا ونمط ادارتها ،، لا يملك الا رآسا صغيرا لا يليق بقيادة هذا الجسد الضخم ،، وانا لا اقصد بالراس اشخاص بل اقصد مؤسسات ومراكز دراسات وابحاث ،، تمنح الجماعة مقومات ادارة هذه الثروة القومية ،، من المعلومات الوفيرة ،،، والعلاقات الممتدة ،،، والكفاءات المطلوبة ،،، بكل اسف الاخوان ليس لديهم اجابة على الاسئلة المطروحة ولا يملكون رؤية للخروج من المازق ،، الاخوان لا يملكون هذا الخيال وللاسف لا يمنحون من يملك هذا الخيال حق التواجد على منصة الادارة ،،، هذه هي الازمة المفصلية للاخوان الان ،، اذا حلت سنقطع على الاقل نصف الطريق للخروج من المازق الحالي ،،،، فاطرح يا دكتور هاني ما شئت من الاسئلة ،، لكن لن يجيبك احد ،،،
د.جمال
الإثنين، 20-11-2017 04:01 م
مقولة ان التجربة العملية بينت ان جماعة الاخوان ترى الحاكم عضوا ذا صفات خاصة داخل الجماعة......الخ مقولة غير صحيحة بدليل انهم عرضوا هذا الامر على عدد من الرموز الوطنية كالمستشار البشرى و المستشار الغريانى و رفضا هذا العرض. و ارى ان الاخوان استدرجوا الى الدخول فى معركة الرئاسة التى لم يكن وقتها قد حان بعد نظرا لعدم الخبرة و الجاهزية لذلك من جانب و لوجود الدولة العميقة التى مازالت تسيطر على مفاصل الدولة(جيش -شرطة - قضاء - اعلام -مخابرات) من جانب اخر. و كان المفترض الاتفاق على شخصية وطنية يكون لها خبرة بشئون الحكم لادارة المرحلة الانتقالية كما فعل الخومينى بعد نجاح الثورة الايرانية حينما جاء بمهدى باذرجان ( و هو من رفاق الدكتور مصدق رئيس الوزراء الاسبق و الذى اعدمه الشاه عام 53) و تولى باذرجان رئاسة الوزراء حتى استتب الامر للثورة بعد ذلك فأتت برجالها.