سياسة عربية

هل تأثرت الأوضاع الاقتصادية في مصر بتطورات السعودية؟

أعلنت الحكومة المصرية أنها لم تتلق أي طلبات رسمية من السعودية بتجميد أموال وممتلكات الشخصيات المتحفظ عليهم- جيتي
أعلنت الحكومة المصرية أنها لم تتلق أي طلبات رسمية من السعودية بتجميد أموال وممتلكات الشخصيات المتحفظ عليهم- جيتي
بعد مرور أسبوع على حملة الاعتقالات التي نفذها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ضد أمراء ورجال أعمال ومسؤولين كبار في المملكة، ما زالت الأوساط السياسية والاقتصادية في مصر تترقب بقلق النتائج المترتبة على تلك الأزمة غير المسبوقة.
 
وكان الملك سلمان بن عبد العزيز قد أصدر، السبت الماضي، عدة قرارات ملكية من بينها تشكيل لجنة لمكافحة الفساد برئاسة ولي عهده، والتي أصدرت بدورها قرارا باعتقال عشرات الأمراء والوزراء الحاليين والسابقين وتجميد أموالهم وممتلكاتهم.
 
وطالت هذه الحملة عددا من رجال الأعمال والمستثمرين الذين يملكون مشاريع ضخمة في مصر، في مقدمتهم الأمير الوليد بن طلال والشيخ صالح كامل، ما أثار مخاوف من إمكانية تضرر استثماراتهم بهذه التطورات.
 
هل تجمد مصر أرصدتهم؟
وأعلنت الحكومة المصرية الأسبوع الماضي أنها لم تتلق أي طلبات رسمية من السعودية بتجميد أموال وممتلكات الشخصيات المتحفظ عليهم.
 
وبحسب تقارير صحفية، فإن الأمير الوليد بن طلال يمتلك استثمارات في مصر تقدر بنحو 6 مليارات دولار، بالإضافة إلى استثمارات جديدة تقارب المليار دولار كان يتفاوض مع الحكومة المصرية على ضخها. كما أن الشيخ صالح كامل، أحد أقدم وأكبر المستثمرين السعوديين في مصر، كان يعتزم هو الآخر ضخ استثمارات جديدة في السوق المصري بمئات الملايين من الدولارات.
 
وتعليقا على هذه الأنباء، قالت عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بالبرلمان المصري بسنت فهمي، إن تجميد حسابات الشخصيات السعودية المتهمة بالفساد يستلزم تقديم خطاب رسمي من المملكة إلى الحكومة المصرية، موضحة، في تصريحات صحفية، أن مصر يمكنها أن تستجيب للطلب السعودي أو ترفضه.
 
فيما استبعد الخبير الاقتصادي مدحت نافع، قيام مصر بتجميد الحسابات المصرفية الخاصة بهذه الشخصيات بسبب ضبابية الموقف ورغبة النظام في عدم خسارتها أي من الطرفين في حال انتهاء الأزمة، مرجحا أن تتجنب مصر الدخول على خط الأزمة أو الاستفادة منها بالسلب أو الإيجاب.
 
ارتفاع فاتورة الدعم
من جهته، أكد المحلل الاقتصادي نعمان خالد، أن حملة الاعتقالات السعودية سيكون لها تأثير غير مباشر على الأوضاع في مصر، موضحا، في تصريحات صحفية، أن التوتر في الخليج "سيدفع أسعار البترول للصعود بما يؤثر سلبا على مصر حيث سترتفع فاتورة دعم المواد البترولية ويزيد عجز الموازنة".
 
وتقدر حجم الاستثمارات السعودية في مصر بنحو 60 مليار دولار، تتوزع بين مجالات متعددة أبرزها الصناعة، العقارات، والمصارف والسياحة، بواقع 854 شركة في القطاع الصناعي، و784 بالقطاع العقاري، و322 بالقطاع السياحي، و111 بقطاع التمويل، و490 شركة في الزراعة، و1366 بالقطاع الخدمي، و382 بقطاع الاتصالات، بحسب بيانات الهيئة العامة للاستثمار.
 
وتكبدت أربع بورصات خليجية خسائر فادحة خلال الأسبوع الأول بلغت أكثر من 15 مليار دولار بسبب المخاوف من امتداد آثار الأزمة في السعودية إلى دول المنطقة.
 
مصير مرتبط
المحلل السياسي عبد الخبير عطية أكد أن ما يحدث في السعودية سيكون له آثار كبيرة على الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر، مشيرا إلى أن النظام الحاكم ارتبط إلى حد كبير بمصير النظام السعودي ونهجه في إدارة الأزمات بالمنطقة منذ 30 حزيران /يونيو 2013.
 
وأوضح عطية، في تصريحات لـ "عربي21"، أن النظام المصري يؤيد ما يفعله الأمير محمد بن سلمان من اعتقالات لمراكز القوى بالسعودية بعد ما تم تداوله مؤخرا من أن هؤلاء المعتقلين كانوا يدبرون لانقلاب على الملك سلمان وولي عهده بسبب اعتراضهم على تورط السعودية عسكريا في اليمن، والإدارة الخاطئة للأزمة الأخيرة مع قطر، مشيرا إلى أن مصر ستتأثر كثيرا سياسيا واقتصاديا بأي حرب تخوضها السعودية سواء مع إيران أو قطر.
 
وأضاف أن الصراع السني الشيعي بدأ يتأجج مرة أخرى بين إيران والسعودية، وفي هذه المرة أخذت الرياض خطا تصعيديا واضحا في مواجهة طهران وحلفائها في المنطقة، مؤكدا أن ما تشهده السعودية من اعتقالات لأفراد بارزين في العائلة المالكة وتجميد أموالهم، واستقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ليست بمعزل عن الصراع الإيراني السعودي.
 
حل قريب للأزمة
 الخبير الاقتصادي وائل النحاس قال، إن تجميد أموال وممتلكات عشرات الأمراء ورجال الأعمال الكبار المعتقلين في السعودية يسري حتى الآن على داخل المملكة فقط، لكن الاستثمارات السعودية في الخارج ومن بينها الاستثمارات في مصر، لم يتم تجميدها أو توقفها.
 
وأوضح النحاس، في تصريحات لـ "عربي21"، أن جزءا كبيرا من المشروعات السعودية في مصر هي مشروعات قومية تقوم بتنفيذها أو الإشراف عليها شركات تابعة للجيش، مضيفا أن هذه المشروعات تحتاج إلى ضخ أموال فيها كل فترة حتى يتم الانتهاء منها في الوقت المحدد لها ومن الممكن أن تتوقف هذه المشروعات إذا توقف ضخ أموال جديدة فيها بسبب قرار السلطات السعودية.
 
وأعرب الخبير الاقتصادي عن اعتقاده أنه سيتم التوصل إلى تسوية قريبة لهذه الأزمة تجنب الاستثمارات السعودية حول العالم مزيد من الخسائر الفادحة، مرجحا دخول حكومات وشركات عالمية على الخط لضمان  عدم تأثر استثماراتها الضخمة والتي تصل قيمتها لمئات الملايين من الدولارات بهذه الأزمة، حتى لو تم اعتقال أصحاب تلك الشركات.
التعليقات (0)