هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثار التحذير التركي لمصر واليونان من تنفيذ مناورات بحرية وبرية مشتركة بينهما فوق جزيرة رودس اليونانية، تساؤلات عدة حول الدوافع من تلك المناورات ودلالاتها، وما الأسباب التي دفعت تركيا إلى رفضها.
واعترضت وزارة الخارجية التركية، الخميس، على المناورات العسكرية المشتركة بين مصر واليونان في جزيرة رودس "ميدوزا 5"، التي تبعد عن الأراضي التركية حوالي 15 كيلومترا.
ومن المزمع إجراء المناورات في 30 تشرين الأول/ أكتوبر إلى 4 تشرين الثاني/ نوفمبر، واعتبرتها أنقرة خرقا واضحا للقوانين الدولية.
وتستند تركيا إلى اتفاق باريس عام 1947، الذي يحظر كل الأنشطة العسكرية على جزيرة رودس، التي تم إحالتها لليونان من إيطاليا بعد الحرب العالمية الثانية، شريطة أن تكون منطقة منزوعة السلاح.
وكان أفراد القوات البحرية والجوية المصرية قد وصلا إلى اليونان، الثلاثاء الماضي، للمشاركة بالمناورة.
وتأتي التساؤلات حول مدى أهمية تلك المناورات بالنسبة لمصر، في حين أشار محللون إلى أن اليونان دولة تعاني من أزمة اقتصادية شديدة، وليس لديها خبرات عسكرية مشهود لها.
ويثير الأمر الاستغراب التركي أيضا لإصرار الدولتين على تلك المناورات في جزيرة رودس، بينما كان يمكن تنفيذها بعيدا عن تركيا، ومضايقتها في ظل أزمة بين البلدين.
اقرأ أيضا: تركيا تنتقد المناورات المصرية اليونانية وتحذر أثينا
من جهته، قال رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري عمرو عادل، إن "الجيش الحديث منذ إنشائه في بدايات القرن التاسع عشر وهو يُستخدم لمواجهة محاولات تحرر قامت في المنطقة، وله الكثير من المواجهات مع الجيش التركي بعهد الدولة العثمانية".
وأضاف الضابط السابق بالقوات المسلحة، لـ"عربي21"، أن "الانقلاب العسكري جعل من الجيش ألعوبة وأداة لعمليات بيد قوى أخرى"، مشيرا إلى أن "اليونان تحمل عداءا تار يخيا مع تركيا"، مضيفا أن "كل التعاون الذي يتم الآن بين قوى الشر في المنطقة، وأولها النظام المصري، يتكون ضد تركيا"، وفق تعبيره.
حماية "مثلث الطاقة"
من جانبه، قال المحاضر في معهد الشرق الأوسط في جامعة سكاريا التركية، الدكتور محمد الزواوي، إنه "من الواضح أن تلك المناورات تأتي في إطار التدريب على حماية حقول الغاز المكتشفة حديثا شرق البحر الأبيض المتوسط، التي تمتلكها مصر واليونان وقبرص إلى جانب إسرائيل"، مشيرا إلى أن مصر انضمت إلى ما كان يعرف باسم (مثلث الطاقة) بين الدول الثلاث، بعدما اكتشفت القاهرة احتياطات نفطية هائلة قبالة سواحلها، وتحديدا بحقل "ظُهر".
وأوضح الزواوي لـ"عربي21"، أن "التوجه المصري بات يتمحور حول حماية تلك الحقول عسكريا"، مضيفا: "من هنا، نستطيع أن نفهم كذلك صفقات الأسلحة الجديدة التي اشترتها مصر من فرنسا وعلى رأسها حاملة الطائرات ميسترال والطائرات المقاتلة من طراز رافال".
وأكد الباحث والأكاديمي المصري، أن "هذه المنظومات من الأسلحة ليست موجهة إلى الكيان الصهيوني بقدر ما هي من أجل الحفاظ على الحقول الغازية الجديدة، لاسيما في ظل اعتراض تركيا على حصة القبارصة الأتراك من تلك الصفقات، وهددت أكثر من مرة باستخدام أسطولها لحماية المكتشفات الغازية قبالة قبرص الشمالية".
هذا إلى جانب تصاعد التوترات ما بين الدول الأربع من جهة، وتركيا من جهة أخرى، حول عدد من قضايا المنطقة، وهو ما أدى إلى تشكل محور مصري مع تلك الدول، وفق الزواوي.
لماذا تراها تركيا استفزازا؟
وقال الزواوي، إن "تلك المناورات تأتي في ذلك الإطار، حيث إنها مناورات برمائية على سواحل جزيرة رودس التي تبعد 15 كيلومترا فقط من السواحل التركية"، موضحا: "لذلك فإن تركيا اعتبرت تلك المناورات استفزازية وأطلقت تحذيراتها، لأنها تعد خرقا للقانون الدولي والاتفاقيات ما بعد الحرب العالمية الثانية حول الجزيرة منزوعة السلاح، ومنها اتفاقية باريس عام 1947، التي حظرت كل أنواع التدريبات العسكرية على الجزيرة".
وأضاف أن المناورات في هذا الإطار "تمثل بالنسبة لتركيا تهديدا لمصالحها ومصالح القبارصة الأتراك في الحصص الغازية، وتمثل استعراضا للقوة العسكرية بتنفيذ أعمال عدائية مستقبلا ضد تلك الحقول الغازية، وهو ما يؤدي إلى رفع وتيرة الصراع ويزيد من احتمالات المواجهة العسكرية بين تلك القوى شرق المتوسط".
وحول الدور الأمريكي في هذه المناورات، أكد الزواوي، أن "أمريكا بالأساس تشجع أي تعاون مصري إسرائيلي، لاسيما إذا كان ضد تركيا، باعتبار أن ذلك التعاون سيدفع أنقرة بعيدا عن المنطقة".
وأضاف أن "التعاون المصري الإسرائيلي مع دول في الاتحاد الأوروبي يصب في خانة إدماج مصر تحت مظلة الغرب، ويعزز من لعبها أدوارا وظيفية لصالحه، بعيدا عن أي مظلات عربية، وهو الهدف النهائي للغرب بقيادة الولايات المتحدة"، وفق قوله.