قضايا وآراء

هل "دافعت" مؤاشرات التنافسية عن قطر؟

أحمد مصبح
1300x600
1300x600
صدر قبل أقل من شهر أحدث التقارير المتعلقة بمؤشرات التنافسية الاقتصادية والصادرة عن منتدى الاقتصاد العالمي، حيث يعد هذا التقرير أحد أهم التقارير الدولية التي تعكس درجة استقرار الدول ومدى نجاعة صناع القرار في تطبيق الإصلاحات التي تعزز مكانة الدولة التنافسية في الساحة الدولية.

لا شك أن الأزمات الاقتصادية، سواء كانت محلية أو دولية، والتوترات الجيوسياسية، تعد أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومات في تطبيق تلك الإصلاحات التي قد تنعكس إيجابا على مكانة الدولة التنافسية.

ومن غير المنطقي قراءة تلك المؤشرات بعيداً عن سياق الازمات التي تواجه الدول. على سبيل المثال نجد أن أزمة انهيار أسعار النفط وتداعيتها على المؤشرات الاقتصادية في الدول النفطية؛ كان لها الأثر الأبرز في انخفاض المؤشرات المتعلقة بكفاءة الدولة لإدارة متغيرات الاقتصاد الكلي مثل معدلات التضخم أو الدين الحكومي وغيرها من المتغيرات، إضافة إلى الأزمات السياسية التي تؤثر بشكل محوري في تقويض ثقة المستثمرين؛ من خلال زيادتها لنسب عدم التأكد، الأمر الذي يوثر سلبا على قدرة الدولة التنافسية.

ما مدى تأثر المؤشرات التنافسية لقطر بالأزمات الإقليمية؟

بالرغم من أزمة انهيار أسعار النفط والحصار المفروض على قطر نتيجة الأزمة السياسية، احتلت قطر المركز 25 عالميا، والمركز الثاني عربياً بعد الإمارات العربية المتحدة، متراجعة 8 مراكز عن تصنيف العام 2015 في المؤشر العام للتنافسية وذلك حسب التقرير الصادر في 28 سبتمبر 2017.

وبالرجوع للعام 2013، جاءت قطر في المرتبة 13 عالميا، محتلة المركز الأول في المنطقة العربية ومتفوقة على العديد من الدول الكبرى، حيث لم تكن قطر تعاني بعد من تأثير أزمة انهيار أسعار النفط، ناهيك عن الاستقرار السياسي مع المحيط الإقليمي، حيث ساعدت تلك الظروف الحكومة القطرية في تطبيق الإصلاحات دون عوائق أو تحديات خارجية، الأمر الذي مكنها من تحقيق مركز متقدما عالميا، متقدمة 8 مراكز في غضون أربع سنوات، حيث كانت تحتل المركز 22 في العام 2009.

ومع ظهور تأثير أزمة انهيار اسعار النفط على السطح في العام 2016، واجهت معظم الدول النفطية صعوبات في إدارة متغيرات الاقتصاد الكلي، حيث أدت الأزمة النفطية إلى تآكل رصيد الاحتياطات النقدية، وإلى تبني معظم الدول النفطية سياسات انكماشية وخفض الإنفاق الحكومي، في محاولة منها لتقليل الآثار السلبية لتك الأزمة، حيث انخفض المؤشر لجميع الدول النفطية بمقدار اعتماد الاقتصاد تلك الدول على الإيرادات النفطية. فحسب تقرير مؤشرات التنافسية للعام 2017، نلاحظ انخفاض معظم الدول في مؤشر كفاءة إدارة المتغيرات الاقتصادية. فعلى سبيل المثال، انخفض تقييم الكويت من المركز الثالث عالميا في العام 2015 لتصبح 40 عالميا في العام 2017، وبالمثل بالنسبة للمملكة العربية السعودية التي نالت المركز 58 عالميا؛ متراجعة 54 مركزا عن تقرير العام 2015، حيث كانت تحتل المركز الرابع عالميا. وكان الأمر مشابها للإمارات التي تراجعت 27 مركزا، من المركز الثالث عالميا في العام 2015 لتصبح 30 عالميا في العام 2017.

أما فيما يتعلق بقطر، نلاحظ أن قطر كانت أقل الدول الخليجية تأثرا بأزمة النفط، حيث تراجعت من المركز الثاني عالميا في العام 2015 لتصبح في المرتبة 20 عالميا في 2017، متراجعة 18 مركزا، ويرجع ذلك إلى سياسات الحكومة التي تبنت سياسيات توسعية ورفعت معدلات الانفاق الحكومي، خصوصاً في مجالات البنية التحتية.

فوفق التقرير الأخير سجلت قطر تقدما ملحوظ فيما يتعلق بكفاءة البنية التحتية، حيث احتلت قطر المركز 13 عاليا متقدمة 11 مركزا على تصنيف العام 2015، وسجلت أيضا تقدما ملحوظا في جودة الملاحة الجوية، محتلة المركز السادس عالميا (نتيجة للإنفاق الحكومي وتجهيزات كأس العالم). وفيما يتعلق بجودة التعليم، حافظت قطر على المركز الخامس عالميا. وكان الملفت للانتباه حصول قطر على المركز الرابع عالميا فيما يتعلق بثقة المواطنين في السياسيين، بالرغم من الأزمة الخليجية وتداعيتها.

ومن خلال ما سبق، نجد أن تلك الأرقام والمؤشرات عكست بصورة أو بأخرى كفاءة الحكومة القطرية في المحافظة على مكانة قطر التنافسية، حيث كانت قدرتها على إيجاد البدائل والحلول لتخفيف آثار انخفاض أسعار النفط، والحصار المفروض عليها، ناهيك عن استمرارها في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية، سببا رئيسياً في الحفاظ على تلك المكانة الدولية. ولكن يبقى السؤال، إلى أي مدى تستطيع الحكومة القطرية الحفاظ على تلك المكانة إذا ما استمرت نلك الأزمات؟
التعليقات (0)