بالتزامن مع زيارة وفدها إلى طهران، حاولت حركة
حماس التأكيد على استمرار علاقاتها بإيران، وهو الأمر الذي كثر الحديث حوله منذ انتخابات الحركة الأخيرة، خصوصا بعد تولي صالح العاروري منصب نائب رئيس المكتب السياسي للحركة.
وضم وفد الحركة الذي وصل طهران مساء الجمعة الماضية؛ كلا من: عزت الرشق، ومحمد نصر، وأسامة حمدان، وزاهر جبارين، وسامي أبو زهري، وخالد القدومي.
والتقى الوفد فور وصوله العاصمة طهران بمستشار المرشد الأعلى لإيران علي أكبر ولايتي، وأمين سر مجلس الأمن القومي الأدميرال شمخاني، إضافة لرئيس البرلمان
الإيراني علي لاريجاني.
ووفقا لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية، فارس، فقد قال العاروري خلال لقائه بلاريجاني إن "وجود وفد من الحركة بطهران هو رفض عملي لشروط دولة الاحتلال الإسرائيلي التي دعت من خلالها حماس لقطع العلاقات مع إيران".
بدروه، أشار القيادي في حركة حماس والنائب في المجلس التشريعي عن الحركة، محمد شهاب، إلى أن "زيارة وفد الحركة لإيران جاءت بناء على دعوة كريمة وجهتها الجمهورية الإسلامية للحركة للتباحث في ملفات القضية
الفلسطينية، بعد نجاح الجهود المصرية في إنجاز ملف المصالحة مع حركة فتح".
الحليف الاستراتيجي
وأضاف أن "الزيارة تأتي أيضا لاستعراض التطورات السياسية التي تمر بها المنطقة، ومحاولة الحصول على دعم سياسي من الدول الصديقة لوقف المشروع الإسرائيلي الهادف لتصفية القضية الفلسطينية؛ عبر ما يسمى بصفقة القرن".
ونوه شهاب في حديث لـ"
عربي21"؛ إلى أن "الهدف الآخر من الزيارة هو التأكيد على أن حماس ترفض الإملاءات الإسرائيلية بضرورة قطع الحركة لعلاقاتها مع الدول التي تناصرها، وعلى رأسها إيران، كشرط لقبولها والاعتراف بها"، مؤكدا أن "العلاقات بين حماس وإيران استراتيجية وهي أكبر بكثير مما يتصوره الاحتلال وأعوانه"، كما قال.
وتزامنت هذه الزيارة مع تصريح لقائد "حماس" في غزة، يحيى السنوار، في لقاء سياسي عقده في غزة يوم الخميس الماضي، أشار فيه إلى أن إيران هي "الداعم الأكبر للسلاح والمال لكتائب القسام"، مضيفا: "القوة التي تمتلكها حماس اليوم كان الجزء الأكبر منها من الدعم العسكري القادم من إيران".
وتعتبر هذه الزيارة هي الثانية التي يقوم بها قياديون في حركة حماس للعاصمة الإيرانية في غضون أقل من ثلاثة أشهر، وهو ما يؤكد أن حركة حماس قد "أزالت كافة الشكوك عن متانة العلاقات مع الحليف الإيراني"، وفق ما أشار إليه أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأمة، حسام الدجني.
وأضاف الدجني لـ"
عربي21": "التحولات الداخلية في حركة حماس بعد انتخاب قيادتها الجديدة، ووصول العاروري والسنوار اللذين تربطهما علاقات وثيقة مع القادة الإيرانيين، تؤكد أن حماس باتت ترى في إيران الحليف الاستراتيجي الأقوى في المنطقة، وهذه الزيارة تحمل رسائل هامة أن حماس لن تتخلى عن إيران مهما بلغت التهديدات الإسرائيلية بحقها"، بحسب تعبيره.
ويلفت الدجني في حديثه لـ"
عربي21"؛ إلى أن "تشبث حماس بالحليف الإيراني في هذه الفترة تحديدا؛ جاء بعد أن أدركت حماس أن الظروف الإقليمية ليست في صالحها، خصوصا وأنها تتقلب باستمرار وفقا لموازين القوى، وتحديدا بعد أزمة الخليج وإغلاق السعودية الباب أمام حماس بإمكانية بناء حلف استراتيجي بينهما، وتصنيفها ضمن المنظمات الإرهابية".
وتابع أستاذ العلوم السياسية: "حماس بهذه الزيارات المتكررة لطهران؛ تهدف لتوصيل رسالة تحذيرية للجانب الإسرائيلي من مغبة شن عدوان جديد على غزة أو حزب الله اللبناني، حيث ترى الحركة أن استقرار الجبهة الشمالية (حزب الله) بات مرتبطا باستقرار الجبهة الجنوبية (قطاع غزة)"، وفق تقديره.
قلق في إسرائيل
وتناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية باهتمام كبير هذه الزيارة، حيث أشار موقع "ديبكا" الاستخباراتي إلى أن إيران تعمل على تطويق إسرائيل على كافة الأصعدة، واصفا زيارة "حماس" إلى طهران بـ"النهاية المناسبة لمشهد المصالحة الفلسطينية، لا سيما وأن إيران تعزز من نفوذها في سوريا والعراق، إضافة إلى حدود إسرائيل الشمالية في سوريا ولبنان"، وفق الموقع.
أما صحيفة هآرتس، فقد رجحت، في تقرير لها بعنوان "تحد للمطالب الأمريكية والإسرائيلية.. وفد حماس في طهران"، أن يكون السبب الرئيس للزيارة هو تعزيز علاقات الحركة الفلسطينية وحزب الله اللبناني، علاوة على إطلاع الإيرانيين على تفاصيل اتفاق المصالحة الموقع في القاهرة قبل أسبوعين.
بدوره، أشار المختص بالشؤون الإسرائيلية، محمود مرداوي، إلى أن "وسائل الإعلام العبرية تابعت بشغف زيارة وفد حماس لإيران، وهو ما يؤكد قلق المستوى السياسي والأمني في إسرائيل من هذه الزيارة".
فعلى المستوى السياسي، ترى إسرائيل أن "حماس لم تتأخر في الرد على الطلب الإسرائيلي بضرورة قطع العلاقات مع إيران كشرط لقبولها والاعتراف لها، وهو ما يؤكد أن علاقات الجانبين باتت استراتيجية وبشكل علني، دون أن تضع حماس أي اعتبار لهذه التهديدات".
وعلى الجانب الآخر، يرى مرداوي، في حديث لـ"
عربي21"، أن القلق الأمني في إسرائيل من أن العاروري، الرجل الثاني في حماس، لن "يقف مكتوف الأيدي في حال اندلعت مواجهة عسكرية مع حزب الله، حيث يقيم الرجل في الضاحية الجنوبية لبيروت، المعقل الرئيسٍ لحزب الله، وهو بذلك سيربك الحسابات الإسرائيلية ويدفعها للتفكير مليا قبل القيام بأي مواجهة عسكرية قادمة مع حماس أو حزب الله"، كما قال.