سياسة عربية

ما مصير اتفاقية "أوسلو" بعد 24 عاما على توقيعها؟

قادة فلسطينيون قالوا إن البديل أمام الفلسطينيين هو الانطلاق نحو إقرار حق دولة فلسطين وإنهاء الاحتلال- أرشيفية
قادة فلسطينيون قالوا إن البديل أمام الفلسطينيين هو الانطلاق نحو إقرار حق دولة فلسطين وإنهاء الاحتلال- أرشيفية
مع حلول الذكرى الـ24 لتوقيع "إعلان المبادئ" الفلسطيني الإسرائيلي (اتفاق أوسلو) في البيت الأبيض في العاصمة الأمريكية واشنطن، يجد الفلسطينيون أنفسهم في "مأزق سياسي"، ويعيشون انقساما جعل من غزة والضفة تبحران في قاربين وسط بحر تعصف به إجراءات الاحتلال، وتنتشر فيه المستوطنات، كما قال سياسيون ومحللون التقت بهم "عربي21".
  
واعتبر عضو المجلس الثوري لحركة فتح، تيسير نصر الله "اتفاق أوسلو محطة مهمة لكافة شرائح المجتمع الفلسطيني من أجل إعادة تقيم هذا الاتفاق بجوانبه الإيجابية والسلبية، حتى يتم البناء عليه من أجل إخراج الشعب الفلسطيني من المأزق الذي وقع فيه جراء تنصل الاحتلال من الالتزامات التي تم التوصل إليها".

وقال في حديثه لـ"عربي21": "لم يكن مفر من اتفاق أسلو رغم سلبية بعض النقاط فيه، وبالتالي كان خيارا مرا للشعب الفلسطيني ولقيادته بسبب الظروف الإقليمية التي أحاطت بالشعب الفلسطيني في ذلك الوقت".

ولكن القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، زاهر الششتري، رأى أنه "كان يوجد بدائل للفلسطينيين في تلك الفترة في ظل وجود انتفاضة شعبية عارمة، كان يجب أن  تستمر حتى تستطيع تحقيق أهدافها، لكن اتفاق أوسلو قضى على كل معاني الانتفاضة الشعبية التي كانت في تلك الفترة".

وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "حاول الفلسطينيون تحقيق إنجازات لكن فشلنا، المطلوب أن يكون هناك مراجعة شاملة وأن نتخلص من هذا الاتفاق وسلبياته التي أدت إلى تراجع القضية الفلسطينية دوليا وعربيا وفلسطينيا".

من جهته، قال الأمين العام لحزب الشعب الفلسطيني، بسام الصالحي، في حديثه لـ"عربي21" إن "اتفاق أوسلو أدخل القضية الفلسطينية في أزمات متنوعة، كان من الممكن التمسك بمواقف لقاءات مدريد وإنهاء قضية الاستيطان في ذلك الوقت قبل التوصل لاتفاق أوسلو".

وأوضح أن "الاتفاق أبعد الواقع المر أن هناك دولة محتلة وأن القضية المركزية هي زوال الاحتلال عن تلك الدولة، وضمان عودة اللاجئين طبقا لقرار 194، وفرض أجندة جديدة".

ونوه الصالحي إلى أن "الاتفاق بني على أساس السيادة على السكان دون الأرض، وبالتالي روجت إسرائيل واستغلت الاتفاق من خلال التوسع بالاستيطان، وتحسين صورة الاحتلال في المجتمع الدولي، وإظهار أنه نزاع تفاوضي مع الفلسطينيين وليس احتلالا".

وفي هذا الإطار يرى المحلل السياسي، عماد صلاح الدين، أن الانقسام الذي يشهده الفلسطينيون اليوم "تفاقم بسبب اتفاق أسلو، الذي عمل على إيجاد مراكز قوى داخلية فلسطينية تتنازع على السلطة والسيطرة. هناك تفاقمات قادمة قد تصل إلى حد الاحتراب الداخلي بصورة أخطر مما جرى عام 2007".

وتابع في حديثه لـ"عربي21" بأن "الاحتلال استغل اتفاق أسلو لشطب القضية والبعد الوطني لها، وضياع الحاضنة المادية للناس في الضفة الغربية المتمثلة بالأرض التي يجتاحها ويسرقها الاستيطان، وكذلك الأمر في الوضع الأسوأ في غزة والقدس، والانفصال الذي يتحقق للأسف".

وأضاف: "كان هنالك خلل في إعداد ووضع مشروع وطني وحدوي يجمع الناس على الهدف النضالي المتمثل في هدم أساس المشروع الصهيوني العنصري والاستعماري، ويحقق الحقوق الإنسانية والوطنية وعلى رأسها حق العودة وتقرير المصير، وتم تبني حلول مستعجلة ومرتجلة".

ما هو المطلوب فلسطينيا؟

في هذا الصدد، يرى نصر الله، القيادي الفتحاوي، أن "المطلوب الآن هو البحث عن صيغة جديدة للخروج من هذا الواقع بتوافق فلسطيني يسبقه إنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني، وإعطاء الفلسطينيين حقهم في إقامة دولة فلسطينية كامل السيادة، كان من المفترض أن تكون هذه الخطوة نهاية الفترة الانتقالية لاتفاق أوسلو والذي لم يتم بسبب تنصل الاحتلال".

أما الششتري، القيادي في الجبهة الشعبية، فقد دعا إلى "العودة لخيار الوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام، وتعزيز الحوار الوطني بحق شعبنا وأرضنا، ويتطلب ذلك إجراء حوار وطني شامل يؤدي إلى مراجعة سياسية شاملة لكل الشعب الفلسطيني بما فيه قواه السياسية، وعمل مراجعة سياسية كاملة حتى نستطيع أن نخرج من المأزق".

إلى ذلك، قال الأمين العام لحزب الشعب، إن البديل أمام الفلسطينيين اليوم هو"الانطلاق نحو إقرار حق دولة فلسطين وإنهاء الاحتلال وإعطاء الشعب الفلسطيني حقه".

من جهته قال المحلل السياسي صلاحات، إن البديل "كان جاهزا، وقتها بوجود انتفاضة الحجارة، كان بالإمكان تطويرها كحالة نضالية شعبية عارمة، ونحن في الحقيقة ليس أمامنا إلا طريق النضال الشعبي وليس النخبوي في مواجهة الاحتلال".

وأوضح أن "أوسلو ليس قدرا مقدورا، هناك بدائل وطنية متاحة، وإن كانت صعبة اليوم بسبب التراكم السلبي الهائل الذي جلبه علينا أوسلو (...) لا سبيل أمامنا إلا بالنضال الشعبي الواسع النطاق".

واستدرك صلاحات قائلا: "لكن هذا يحتاج إلى ترتيبات وحدوية ووطنية على مستوى السلطة والمنظمة والفصائل، وهذا يتطلب الخروج من التنسيق الأمني، ومن الاعتماد على التمويل الغربي، وبحاجة إلى إعادة فلسفة عملية في حياتنا الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية، ويحتاج إلى عمقنا العربي شئنا ذلك أم أبينا".
التعليقات (0)