أشاد المرشح الرئاسي الأسبق ومساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير عبدالله الأشعل، بجهود إنشاء جبهة وطنية واسعة بين مختلف القوى السياسية، معتبرا أن "هذا هو واجب الوقت، والوطن في أمس الحاجة لها، فلا بد من وجود جبهة متماسكة قوية في ظل انعدام نظام لمساءلة السلطة التي تقوم بإرهاق الشعب وقهره"، بحسب تعبيره.
وأشار في مقابلة خاصة مع "عربي21"؛ إلى أن هناك ثلاث مراحل تمثل استحقاقات وطنية ضرورية، وهي على التوالي: إنشاء الجبهة الوطنية الواسعة كأولوية أولى، يليها الحصول على ضمانات لجدية تداول السلطة، ثم تأتي المرحلة الثالثة، وهي الترشح لانتخابات
الرئاسة.
اقرأ أيضا: إطلاق جبهة وطنية "واسعة" داخل مصر الشهر المقبل (مقابلة)
واعتبر الأشعل؛ ما وصفها بـ"مسارعة البعض إلى إعلان نيته في الترشح لانتخابات الرئاسة"، بمثابة "قفز على بيئة غير مواتية لانتخابات حقيقية، وفرصة للنظام لتكريس البيئة الحالية المواتية له تماما"، مؤكدا أنه مهمة الجبهة الوطنية ليست اختيار أو دعم مرشحي الرئاسة.
وبشأن استعداده للترشح في
انتخابات الرئاسة القادمة، قال الأشعل إن هذا الأمر يتقرر بعد تدشين الجبهة الوطنية الواسعة وتوفر الضمانات اللازمة، "ووقتها يُحسم القرار النهائي"، مجددا التأكيد على أن "السلطة مطالبة بإلحاح بأن تبدأ عصرا جديدا من الشعور بالمسؤولية لإنقاذ
مصر، بالتعاون مع الجميع من الهوة التي انزلقت إليها".
وشدّد على ضرورة "التداول السلمي الديمقراطي للسلطة بالجدية الواجبة، حتى يستعيد الشعب ثقته في صناديق الانتخاب وثقته في المستقبل"، لافتا إلى أن "جدية انتخابات الرئاسة لن تتحقق إلا بضمانات حقيقية، كي تثبت بها السلطة جديتها على تداول الحكم بين المواطنين دون تمييز"، كما قال.
ورأى أن أولى الضمانات المطلوبة هي "تأمين المرشحين أمنيا ومعنويا ضد التعسف والاغتيال المعنوي والمطاردة، فلا يجوز إرهابهم بالأمن والتلفيق واغتيالهم معنويا بالإعلام، وحياد المؤسسة العسكرية وجهاز الدولة الإداري والأمني، حتى لا يستفيد الرئيس السيسي، بحكم موقعه، من مزايا تنال من مبدأ المساواة والجدية، وأن يعرف العالم كله ذلك".
ودعا الأشعل لإطلاق سراح المعتقلين لأسباب سياسية، وتشكيل حكومة من الشخصيات العامة والمثققين، مهمتها الوحيدة إجراء الانتخابات والإشراف عليها، مطالبا بصرف مبالغ متساوية لكل من استوفى شروط الترشيح، وتكافؤ الفرص في الإعلام، وتحقيق النزاهة في العملية الانتخابية.
وطالب الأشعل بأن تتم مراقبة الانتخابات بالهيئات الداخلية والمراقبين الدوليين، وأن يقبل الجميع بالنتائج بعد كل هذه الضمانات، مشيرا إلى أن "الجماعة الوطنية المصرية ستضع ميثاقا بالمبادئ التي تجعلها لسان حال الشعب والوطن الذي حُرم ممن يمثله تمثيلا صحيحا"، وفق قوله.
كما دعا الشعب إلى أن "يقول كلمته للعالم أجمع بكل وسائل التعبير السلمية؛ حال عدم توافر أي ضمانات لنزاهة العملية الانتخابية"، محذرا من أن مصير البلاد سيصبح معرضا لأخطار كثيرة محدقة، وقد يدخل طريق المجهول وتتأزم الأوضاع أكثر مما هي عليه حاليا، حال تزوير الانتخابات والتلاعب بنتائجها، وعدم وجود انتخابات حقيقية".
وقال: "تمر مصر بمرحلة دقيقة من الانقسام المجتمعي، ومن السيولة في القوى السياسية والحزبية في مواجهة أجهزة السلطة التي تكرست في اتجاه واحد لا يخدم الوطن بالشكل المطلوب، ولا تتجاوب مع نداءات المخلصين بإصلاح الإدارة الحاكمة"، مضيفا: "ترتب على ذلك أن الشعب والوطن صار عرضة لكل الأخطار بما فيها الخطر الوجودي الناجم عن الأزمة الاجتماعية وقضية المياه. ورغم كل هذه التحديات، فإن كل المؤشرات تظهر عقم الإدارة وإصرارها على عدم تداول السلطة بشكل جدي بعدما لوحظ تجرؤها على عدم احترام الدستور".
وذكر أن "مصر بين خيارين: إما استمرار السلطة الحالية بالحيل والآلاعيب التي تمكنها من ذلك، وهذا له اسم واحد هو الحكم الاستبدادي، وأما الطريق الثاني فهو تداول السلطة بطريقة ديمقراطية، والفارق بين الطريقين هو فارق بين اضمحلال مصر وبين عصر جديد في دولة مدنية ديمقراطية يسودها القانون وُيحترم فيها الدستور، ويستقل فيها القضاء، ويكون البرلمان للمحاسبة السياسية للرئيس، وتأكيد مبدأ المواطنة"، بحسب تعبيره.
وأوضح أنه "إذا قُدمت هذه الضمانات سيتم تشجيع المرشحين الراغبين ذوي القدرة والمصداقية والبرامج، حتى تكون هذه الانتخابات بداية لتعويض ما فات طوال عدّة عقود، وهي دولة مدنية ديمقراطية تعمل فيها المؤسسات في نطاق الدستور، ويطمئن المواطن إلى غده، وتحتل مصر مكانة لائقة بين الأمم"، كما قال.
وأشار أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في الجامعة الأمريكية؛ إلى أن ما يطرحه هو "عرض للفكرة المستقلة لدى كافة النخب السياسية والحزبية والعمالية والنقابية وغيرها التي تريد أن تبدأ مصر عصرا جديدا في دولة ديمقراطية واضحة"، محذرا من "أي محاولات للالتفاف على استحقاق الانتخابات الرئاسية، وعلى أحكام الدستور المصري".
واختتم الأشعل بقوله: "نريد أن نبدأ بداية جديدة وصحيحة، وكانت ثورة 25 يناير هي المؤشر الأهم في حتمية هذه البداية، ولكن ما يحدث الآن هو تلكؤ ومماطلة في الاعتراف بأهمية هذه البداية، ونأمل ألا تستمر بهذا الشكل، لأن الأوضاع والشعب لم يعد يحتمل أكثر مما جرى، وكي نجنب مصر الحال الكارثي الذي قد تصل إليه"، على حد قوله.