أثارت تسعيرة مناسك
الحجّ لهذا العام، جدلا كبيرا في
تونس حيث اعتبرها نشطاء وإعلاميون استنزافا لمقدرات البلاد من العملة الصعبة، مطالبين بأولوية إنفاقها على تنمية المناطق المحرومة.
وأعلنت وزارة الشؤون الدينية أنّ تسعيرة الحجّ للموسم 1438هــ/2017 م، حُدّدت 9.510 دنانير تونسية، ما يعادل حوالي 3900 دولار أمريكي.
ولفتت الوزارة في بلاغ إعلامي، الخميس، إلى أنّ هذه التكلفة تشمل معلوم الإقامة والخدمات التي تشرف عليها الشركة الوطنية "منتزه قمرت" (7.486 دينارا)، بينما يبلغ معلوم تذكرة السفر 2.024 دينارا وهو لفائدة شركة الخطوط التونسية.
تذهب إلى ترامب
وضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات المنتقدة لثمن أداء مناسك الحجّ ، حيث اعتبروا أنّه يدفع إلى الجنون وفاحشة وابتزاز لأناس متلهفين لإتمام الركن الخامس من العبادات.
اقرأ أيضا: السعودية تفاجئ الحجاج وتفرض عليهم رسوم ضمان
وقال الإعلامي زياد الهاني إنّ "تونس أولى بـ 150 مليارا على الأقل من العملة الصعبة التي ستذهب للسعودية كي تتولى إحالتها إلى ترامب!!".
وتابع بمنشور في "فيسبوك": "الحسبة بسيطة: تكلفة الحجّ هذه السنة 9510 دنانير للحاج الواحد. وإذا اعتبرنا أن كل حاج سيحمل معه على الأقل نصف المنحة السياحية المسموح بها، أي 3000 دينار، فذلك يعني أن الحاج الواحد سيتكلف بمبلغ 12500 دينار (حوالي 5 آلاف دولار أمريكي)".
وقال: "باعتبار أن لنا 11 ألفا و500 حاج ضمن الحصّة الرسمية، فذلك يعني أنهم سيتسببون للدولة التي يعاني اقتصادها وينهار دينارها، في نزيف من العملة الصعبة لن يقل عن 150 مليارا!!".
وتساءل: "أيهما أولى وأقرب لتقوى اللّه: أن تذهب هذه الأموال إلى
آل سعود الذين سيصرفونها على بذخهم ويدفعونها جزية لترامب حفاظا على عرشهم، أم تبقى في تونس لدفع التنمية وخلق مواطن الشغل للشباب اليائس العاطل عن العمل؟".
تدفع إلى الجنون
وخلص الهاني إلى القول: "أقترح على الدولة أن تتخذ قرارا شجاعا بجمع أموال الحجّ لهذه السنة لإنفاقها على تنمية المناطق المحرومة، مقابل أن يتحول مفتي الجمهورية وحده للبقاع المقدسة ويحجّ نيابة عن كل الحُجّاج الذين أنفقوا أموالهم في الخير وفي إغاثة المحرومين من بني وطنهم".
ووصف الإعلامي كمال الشارني فترة الحجّ بـ "أكبر عملية ابتزاز مالي في تاريخ البشرية من حيث حجمها المالي، والدليل أنها (فترة الحجّ) تتكلف أغلى من شهر في أفخر النزل بالمقاييس العالمية".
وقال بمنشور في "فيسبوك": "في كلفة الحجّ، ثمة أشياء تدفع إلى الجنون، مثل الثمن الفاحش للنقل الجوي والذي يصل حد الابتزاز: ألفا دينار مقابل أقل من 10 آلاف كلم ذهابا وإيابا تونس مكة، مثل هذا المبلغ يشتري لك رحلة إلى آخر العالم".
واعتبر الإعلامي التونسي المقيم بدولة قطر محمد عمّار أنّ تسعيرة الحجّ، للتونسيين على سبيل المثال تضاعفت بين 2010 و2017.
الفقر للمسلم والرفاهية للكافر
وأشار بمنشور في "فيسبوك" إلى أنّ الحاج التونسي "ينتظر 7 سنوات ريثما يأتي اسمه في القرعة ومن بعدها يلهف آل سعود ما لا يقل عن 20 مليار دولار سنويا من الحجيج.. ومن ثمّ يأتي راع البقر والصهاينة يلهفون المحصول سنويا حتى يعيش المواطن الأميركي في رفاهية ونعمة.. هذا هو الإسلام في القرن الحالي: الكوليرا والفقر والجوع للمسلم والرفاهية للكافر..
#تجار_الدين".
كما طالب رئيس جمعية الوعاظ والمؤدبين مهدي بوكثير وزارة الشؤون الدينية بمدّ الرأي العام بكشف تفصيلي ونشر العقود التي تحدد الكلفة الحقيقية الحجّ"، معتبرا في تصريح إعلامي أنّ الحجّ عبادة وليس مجالا للتجارة.
من جانبه ربط وزير الشؤون الدينية أحمد عظّوم في تصريح للقناة الوطنية الأولى، مساء الجمعة، الارتفاع الذي شهدته تكلفة الحجّ بانخفاض سعر صرف الدينار التونسي، إلى جانب "أسباب خارجية وداخلية وأخرى اقتصادية"، وفق تعبيره.
لمن استطاع إليه سبيلا
واعتبر الباحث في العلوم الدينية أحمد الغريبي أنّ المطالبة بإلغاء الحجّ على خلفية ارتفاع تكلفته "كلام لا معنى له لأنّ الأمر لا يتعلّق بسفر للاستجمام أو فسحة سياحية وإنّما هو عبادة وركن من أركان الإسلام".
وتابع الغريبي في تصريح لـ"
عربي21" أنّ من يقترح اليوم إلغاء شعيرة الحجّ سيتحدّث لاحقا عن إلغاء الأضحية بعلة غلاء أسعار الأضاحي أو الصوم في رمضان بزعم أنّ الصائم يتراجع إنتاجه في رمضان.
وقال: "هذه كلمة حق يراد بها باطل، والحجّ ركن من الدين وفرض على الإنسان القادر بدنيا وماديا لأنّ الله عزّ وجلّ ربط هذه الشعيرة بقوله: لمن استطاع إليه سبيلا".