يرى محللون
مصريون أن الاعتداء الذي وقع في صعيد مصر الجمعة؛ يحمل دلالات ومؤشرات خطيرة.
واستيقظت مصر صباح الجمعة، وقبل يوم واحد من شهر رمضان الذي يمثل خصوصية عند المصريين، على حادث مقتل 28 مسيحيا وإصابة 24 آخرين بهجوم نفذه مسلحون يستقلون ثلاث سيارات دفع رباعي على ثلاث مركبات تقل الضحايا أثناء توجههم لدير "الأنبا صموئيل"، بجبل القلمون، بصحراء غرب المنيا (جنوب).
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها حتى الآن عن هجوم اليوم، لكن تنظيم الدولة أعلن مسؤوليته عن هجمات استهدفت كنائس في مصر سابقا.
"ولاية الصعيد"
وفي تعليقه على الاعتداء، قال الكاتب الصحفي ممدوح رياض، عبر صفحته في "فيسبوك": "على خطى (ولاية سيناء) تقريبا، تنظيم الدولة سيعلن أن (ولاية الصعيد) هي من نفذ الهجوم على أتوبيس المنيا اليوم".
وعانى صعيد مصر في حقبة التسعينات من القرن الماضي من عمليات مسلحة طالت سائحين أجانب ومواطنين مصريين، كان أشهرها حادث معبد الأقصر 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 1997، الذي راح ضحيته 62 سائحا أجنبيا، وتبنته الجماعة الإسلامية وقتها.
وطرح الكاتب الصحفي طه خليفة؛ عدة تساؤلات، بينها: "ماذا يعني أن تحذر السفارة الأمريكية بالقاهرة رعاياها من عملية إرهابية محتملة، ثم في اليوم التالي تحدث عملية المنيا
الإرهابية؟".
وأضاف عبر صفحته في "فيسبوك": "من أين جاءت سيارات الدفع الرباعي التي استخدمها المنفذون في جريمتهم النكراء؟"، مضيفا أن "هذا ليس إرهاب هواة، إنما إرهاب محترفين مدعومين جيدا"، في إشارة لما يعتبره تورطا لأجهزة مخابراتية في العملية. كما تساءل عن "تحذير السفارة ثم وقوع العملية مجرد صدفة؟".
منظم ومخطط له
من جانبه، وصف الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، السيد أبو الخير، الحادث بالقذر، وقال: "عندما تحذر السفارات الأجنبية رعاياها بمصر من الاقتراب من أي أماكن دينية الخميس، وتنشر شبكة سكاي نيوز صورا للقتلى بعد الحادث مباشرة، يتأكد أن هذا العمل الإرهابي منظم ومخطط له سلفا لعمل حرب أهلية تكون بداية لتقسيم مصر".
وبرر أبو الخير رأيه، في حديث لـ"
عربي21"، بأن "المشكلة أمام من يريدون تقسيم مصر إلى دويلات؛ أنها بلا طوائف وأن العلاقة بين المسيحيين والمسلمين ممتازة، فهم متداخلون مع بعضهم البعض"، معتبر أن "ذلك الوضع الحميم يؤكد أن الحادث الأثيم تأتي إشارته من خارج مصر ولكن بأيدى مصرية"، كما قال.
واستبعد الأكاديمي المصري المعارض لنظام الانقلاب، أن يكون الحادث نتيجة لصراعات داخلية بين أجنحة الحكم في مصر، مع تأكيده على وجود مثل تلك الصراعات، كما رفض الهواجس بأن يكون الحادث بداية لموجة "إرهابية" بالصعيد، كحقبة التسعينات.
زيارة ترامب
ورأى أبو الخير أن "الهدف من هذا الحاث المجرم الذي قتل فيه أبرياء؛ هو إظهار المسيحيين بأنهم أقلية مستضعفة مضطهدة تجب حمايتها بالتدخل الخارجي، واللعب على ورقة اضطهاد الأقليات للتدخل في شؤون الدولة"، متسائلا: "هل مصادفة أن يتبنى مجلس الأمن الدولي رؤية مصر لمحاربة الإرهاب؟".
وقال إن لزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية؛ الأسبوع الماضي، علاقة بالأمر، وأكد أنه "يتم تطبيق الاستراتيجية التي تم الاتفاق عليها فورا"، متوقعا أن تشهد منطقة الشرق الأوسط "أحداثا دامية جديدة بدأت مؤشراتها تظهر للعيان"، وفق تقديره.
واعتبر أن "مصر المقصد الأخير ضمن ما يطلق عليه في الاستراتيجية الأمريكية (الجائزة الكبرى)".
وتساءل: "من الذي سرب سر رحلة المسيحيين وخط سيرها للعصابة المجرمة التي ارتكبت الحادث ليقتلوا أطفالا؟".
ومن جانب آخر، تحدث أبو الخير عن استغلال النظام لمثل هذه العمليات، وقال: "النظام سيسعى لإرسال أكثر من رسالة للشعب لإلهائه عن زيادة الأسعار، ولتبرير قرارات تم اتخاذها أو سوف تُتخذ قريبا"، مضيفا: "النظام سيحاول أيضا بث الرعب في نفوس الشعب لإدخاله حظيرة الخوف لاستمرار حكم السيسي"، على حد وصفه.
تخطيط مخابراتي
وندد رئيس حزب الجيل بمصر، ناجي الشهابي، بالهجوم، واصفا إياه بـ"الجبان والخسيس".
وقال لـ"
عربي21" إن الهجوم "يستهدف جميع المصريين وليس المسيحيين فقط، ومصر عامة وليس الصعيد بوجه خاص"، وفق تقديره.
وتساءل الشهابي: "إلى متى سيستمر هذا الإرهاب المدعوم بالتخطيط والتمويل من مخابرات دول إقليمية ودولية تستهدف أمن واستقرار مصر وتماسك نسيجها الوطني؟".
ودون أن يسمي تلك الدول، دعا الشهابي المجتمع الدولي إلى "محاسبة وفضح الدول الداعمة لهذا الإرهاب"، مطالبا النظام في مصر "بمراجعة الخطط الأمنية ومحاولة اختراق تلك التنظيمات الإرهابية وجمع المعلومات الاستباقية لوأد عملياتهم القذرة"، كما قال.