هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
من الواضح أن من أعدوا سيناريو الإنكار يفتقدون للكفاءة المهنية، شأنهم في ذلك من أعدوا سيناريو استدراج "خاشقجي" للقنصلية لقتله، فارتكبوا بذلك ما وصفه العرب والعجم بأغبي جريمة في التاريخ!
لقد أحسنت الإدارة التركية إدارة عاصفة اغتيال خاشقجي، وأجادت إدارة التوازنات بما يحفظ هيبة تركيا وثوابتها وأمنها ومصالحها وعلاقاتها مع الدول الأخرى
لو حدثت هذه الجريمة في مكان آخر في العالم لما أخذت القضية أبعاداً كتلك التي أخذتها من حدوثها في تركيا، ولتم التستر عليها والانتهاء منها في غضون أيام وربما ساعات، ولأسدل الستار على جريمة قتل غامضة قُيِّدت ضد مجهول
"الطيف" يطوف في الأجواء، من إسطنبول إلى واشنطن مرورا بالرياض، حتى يأخذ بثأر أربع ثورات عربية..
يدرك محمد بن سلمان كل هذه التداعيات، والتي قد يكون هو شخصيا أحد ضحاياها، ولذلك فلا نستبعد إقدامه على مغامرات يائسة لحرف أنظار العالم عن فضيحته
مات جمال خاشجقي وكلنا سنموت، واحتاج قاتلوه 18 يوما ليعلنوا موته، وهو ما يدعو إلى الشفقة الممزوجة بالسخرية مما قيل ومما سيقال، لكن هذه "الموتة الكريمة" ما كانت إلا لتبقيه رمزا حيا لكل ما يعلي من شأن الإنسان وكرامة الإنسان على هذه الأرض
ليس لدي أدنى شك بأن القتل البشع والمريع للكاتب الصحفي الكبير والمغدور الشهيد جمال خاشقجي؛ قد فتح نافذة أمل واسعةً لأمة بأكملها، ويكاد أن يضع بشكل عملي النهاية المفترضة لحقبة مظلمة تم تكريسها بالعنف والدم وبالعمليات الإرهابية القذرة..
ما هي القدرة النّفسيّة التي يحملها هؤلاء في نفوسهم البعيدة عن البشريّة حتّى يتمكّنوا من التّرنّم بالموسيقى الهادئة؛ وهم ينشرون مفاصل وأعضاء إنسان أزهقوا روحه بكلّ وحشيّة وصلَف؟!!
رغم المأساة التي تعرضت لها، إلا أنني أجد في الأمر كثيرا من جوانب السعادة والغبطة.. لا يزال في عالمنا الموحش من يتنفسون الأمل، ويتعاطفون مع الضحية، ويطالبون بحق من لا يعرفون
هل كان لازما لتنفيذ هذه الخطة إبعاد القنصل السعودي عن إسطنبول قبل تفتيش منزله وقبل تحقيق الشرطة التركية معه؛ لكي لا ينطق بما يفسد عليهم خطتهم الخبيثة، وهو ما قد يفسر سبب مغادرته إسطنبول في هذا التوقيت بالذات؟
قد يبدو هذا القلق في محله، نظرا لطبيعة شخصية الرئيس الأمريكي التاجر، دونالد ترامب، وتصريحاته الأخيرة التي ذكر فيها أنه تحدث مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وأن الأخير أنكر تماما معرفته بما حدث في مبنى القنصلية السعودية..
هل كان الصحفي والكاتب السعودي "جمال خاشقجي" يمثل خطورة كبرى على نظام بلاده حتى يتم استدراجه لقنصليتها في إسطنبول ثم التخلص منه؟
ستبدأ العائلة مرحلة تنازلات قاسية، وستنقذ ما يمكن إنقاذه، أي أنها ستفرط في ما يمكن التفريط فيه. سيكون هناك خاسرون، وأولهم ولي العهد الذي يختفي الآن من الصورة، ويسمح لأبيه ببدء الترميم عبر مجاملة تركيا والتراجع عن التصعيد الإعلامي الذي بدأته ماكينة ابن سلمان الإعلامية. فلا قِبل للعائلة بمعاداة العالم
لا بد أن يعرف المرء نفسه، وأن يعرف أنه مستهدف، وأنه بالنسبة لهؤلاء السفاحين مجرد نقطة في معركة طويلة... ولا بد لكل من قرر مواجهة تلك الأنظمة الإرهابية أن يتذكر أن هؤلاء السفاحين لا يتورعون عن فعل أي شيء
تمديد الوقت ليس في مصلحة السعودية التي تلوذ سلطتها بالصمت؛ الذي يعزز الشبهة تجاه مقتل خاشقجي. وتبدو الرياض كمن حُشر في زاوية ولا يستطيع الحركة أو يمكنه الخروج منها
إنها فرضية لا تصدق، خاصة أن المملكة تمر منذ فترة بهزات متتالية وتتعرض لهجوم إعلامي دولي، وهو تركيز يختلط فيه الإيجابي بالسيئ، وتبدو صورة المملكة حتى لدى حلفائها غير واضحة ومكسورة..