هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خلال العقد الأخير، صعّدت دول عربية عدة من سياساتها تجاه الحركات الإسلامية السياسية، وخصوصًا تلك المرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، من خلال الحظر والتجريم والملاحقة الأمنية والقانونية، في تحول لافت يعكس إعادة صياغة العلاقة بين الدولة والدين في المجال العام. وبينما تراوحت إجراءات الحظر بين قرارات قضائية وتشريعية كما في مصر والسعودية والإمارات، واتخذت طابعًا إداريًا وأمنيًا في تونس والأردن، تبرز تساؤلات جوهرية حول مستقبل هذه الحركات: هل ستندثر بفعل الحصار المتزايد، أم أنها ستلجأ إلى خيارات بديلة من التكيف السياسي أو التحول الدعوي أو التخفّي التنظيمي؟ هذه الأسئلة تصبح أكثر إلحاحًا في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، ومحاولات الأنظمة إعادة ضبط المجال السياسي والديني على أسس جديدة.
يواجه الكيان الإسرائيلي أزمة متعددة الأوجه تهدد استقراره السياسي، الاجتماعي، والاقتصادي. تحولت إسرائيل من قوة عسكرية واجتماعية متماسكة إلى مجتمع متصدع يشهد انقسامات حادة، بينما يتزايد العزلة الدولية والأزمة الاقتصادية. تشير تحليلات أبرز المفكرين والمؤرخين الإسرائيليين إلى أن ما يحدث اليوم هو بداية انهيار تاريخي محتمل، تتزامن فيه عوامل داخلية وخارجية تجعل من طوفان الأقصى لحظة فاصلة في كتابة نهاية هذا الكيان، وسط صراع معقد بين قوى دولية وإقليمية، وجيل فلسطيني متجدد يرفض الاستسلام.
يطرح موضوع العلاقة بين الإسلاميين وحرية النقد سؤالًا جوهريًا حول مدى رسوخ الممارسة النقدية داخل التنظيمات الإسلامية، ومتى يصير النقد جزءًا أصيلًا من آليات العمل الحركي لا استثناءً مؤقتًا أو لحظة دفاعية، فعلى الرغم من أن بدايات بعض هذه الحركات ارتبطت بمراجعات فكرية عميقة، إلا أن الممارسة العملية أظهرت مقاومة شديدة للنقد الداخلي، وميلاً لتأجيله تحت ذرائع شتى، تبدأ من التحذير من خدمة الخصوم وتنتهي باتهام الناقد بالخروج عن الصف أو الطعن في التضحيات، مما يستدعي فحصًا دقيقًا لبنية الفكر الحركي الإسلامي، وجيناته التنظيمية، وحدود قدرته على إنتاج نقد ذاتي دائم يواكب تحولات الواقع.
في كتابه "العقل المحاصر: أنماط التفكير المعيقة لنهضة المجتمع العربي"، يقدم مروان دويري قراءة جريئة ومتعمقة في البنية الفكرية والثقافية السائدة في المجتمعات العربية، محاولاً تفكيك الأنماط الذهنية المتجذرة التي تُكبل إرادة التغيير وتعيق التقدم. يستعرض دويري، من خلال عدسة التحليل النفسي والنظرية المنظومية، كيف تُعيد العقلية العربية إنتاج الانهزام والتبعية، عبر نماذج تفكير تقليدية، مغلقة، تبريرية، وقدرية، تحوّل الإنسان العربي إلى ضحية ساكنة في وجه الظلم والتخلف. هذا الكتاب ليس فقط تشخيصًا نقديًا، بل دعوة حافزة لتحريك المياه الراكدة، وفتح بوابة التفكير الحر في سبيل استنهاض مجتمع ما زال عالقًا بين أمجاد ماضية وأزمات حاضرة.
لا يمكن التعامل مع "صفعة بريجيت لماكرون" بوصفها مجرد مشادة زوجية أو لقطة مثيرة للفضول، بل هي حدثٌ بصري مشحون بطاقة رمزية هائلة. فقد فجّرت هذه الصفعة تفاعلات دولية، وأعادت ترتيب رمزية الجسد الرئاسي، وكشفت حدود الصورة المصطنعة للرئيس "المثالي" الذي طالما سوقته فرنسا لنفسها. صفعة لم تقتصر على وجه ماكرون بل لامست وجه فرنسا، في زمن تهتز فيه أعمدة إرثها الاستعماري ونفوذها الدولي.
عقدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا ندوة حوارية رفيعة المستوى تحت عنوان "هل يكفي تهديد الاحتلال بالعقوبات؟" لبحث التواطؤ الأوروبي في استمرار المجازر بحق المدنيين في قطاع غزة، في ظل التهديدات الأوروبية المتأخرة بفرض عقوبات على إسرائيل. ناقشت الندوة، التي جمعت سياسيين وخبراء من أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، الدور الملتبس الذي تلعبه أوروبا بين الخطاب الأخلاقي والدعم العملي للاحتلال، وسلطت الضوء على ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع الجرائم الإسرائيلية، مطالبة بإجراءات حازمة تشمل تعليق الاتفاقيات، ووقف صادرات الأسلحة، ودعم المحاكم الدولية، في لحظة تُختبر فيها مصداقية القانون الدولي أمام أعين العالم.
تشهد سياسات الاحتلال في قطاع غزة تصعيداً غير مسبوق يستهدف تهجير السكان الفلسطينيين قسراً من خلال أدوات مركّبة تشمل العدوان العسكري والحصار والتجويع، وفي مواجهة هذا المخطط الخطير، أصدر مركز الزيتونة للدراسات ورقة علمية جديدة تدعو إلى تبنّي خطة استجابة اقتصادية فلسطينية شاملة تُعزز صمود السكان وتواجه محاولات تفريغ القطاع ديمغرافياً، عبر رؤية استراتيجية تنموية تسعى للتحرر من التبعية وبناء اقتصاد مقاوم ومستدام.
في هذه الحلقة الخامسة من مذكرات المراقب العام الأسبق لإخوان سورية، المحامي علي صدر الدين البيانوني، نتوقف عند واحدة من أكثر المحطات حساسية في تاريخ الجماعة وعلاقتها بنظام حافظ الأسد، حيث يُسلط البيانوني الضوء على مفاوضات مباشرة جرت بين الطرفين في منتصف الثمانينيات، كاشفًا النقاب عن تفاصيل غير معروفة حول ما دار خلف الأبواب المغلقة، والملفات التي طُرحت للنقاش، والتباينات داخل صفوف الجماعة حيالها. وتأتي هذه الشهادة في لحظة دقيقة تمر بها سورية، بعد عقود من حكم البعث، وانهيار منظومته، ما يجعلها وثيقة بالغة الأهمية لفهم خريطة التفكير السياسي للإخوان، ولتقدير مدى تعقيد العلاقة بين الإسلاميين والنظام، وهي معطيات لا غنى عنها لحكام سورية الجدد في التعامل مع المكونات الفاعلة في المشهد السوري.
من القواعد الإسلامية التي قررها ابن عاشور في التعامل مع الرقيق، وهي قواعد كثيرة هناك " قاعدة: الشارع متشوف إلى الحرية"، فإذا ثبت أن الأصل في الخلقة هو المساواة، فإنه يترتب على ذلك حسي الطاهر بن عاشور "أن تكون المساواة مقصداً من مقاصد الشريعة الكلية الثابتة، وإذا كان المتساوون أحراراً، فالحرية مقصد كالمساواة، مستشهدا بما قرره الإمام أبو حنيفة من أن لا حجر على أحد، باستثناء ثلاثة أشخاص لأسباب متعلقة بغيرهم لا بهم، وسفيه المال الذي قرر كل الناس أن تحجر عليه وكل القوانين أن تحجر عليه، يقول أبو حنيفة: لا نحجر عليه.
في زمن تتعالى فيه النداءات لفصل الدين عن الشأن العام، ويُساء فيه فهم السيرة النبوية كأنها فقط سرد لأحداث تاريخية، يبرز كتاب الدكتور علي محمد الصلابي "الأبعاد الحضارية والإنسانية في شخصية النبي محمد ﷺ" كإسهام علمي رصين يعيد تقديم السيرة بوصفها مشروعًا حضاريًا متكاملًا لبناء الإنسان والأمة معًا. تسعى هذه القراءة التحليلية إلى تفكيك البنية الفكرية والمنهجية للكتاب، متتبعة كيف نجح المؤلف في إبراز الجوانب القيمية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية في شخصية النبي ﷺ، موصلًا بين النص النبوي وروح العصر، بين الوحي والواقع، في محاولة واعية لاستعادة السيرة كأداة نهضوية لبناء الوعي الإنساني والمجتمعي في عالم مأزوم أخلاقيًا وحضاريًا.
بعد أشهر من المراوحة بين التصعيد والتحفظ، انسحبت إيران بهدوء من شفا الحرب على غزة، في تحول استراتيجي دراماتيكي مهّد الطريق لسلسلة اغتيالات غير مسبوقة طالت إسماعيل هنية وقادة بارزين في حزب الله، على رأسهم السيد حسن نصرالله، في مؤشر صريح على أن تل أبيب قرأت الانكفاء الإيراني كتفويض مفتوح لتصفية رموز محور المقاومة. هذا الانسحاب الإيراني لم يكن فقط انكفاءً عن معركة محددة، بل منعطفاً كبيراً في موقع الجمهورية الإسلامية ضمن خارطة الصراع الإقليمي، وربما لحظة انعطاف فاصلة نحو تفاهمات كبرى مع واشنطن على حساب الحلفاء القدامى.
لا شك أنه حين تسترد سوريا منطقة الجولان المحتلة، سيضاف إلى سجل التاريخ السياسي للمنطقة حدث نوعي، يتمثل بإنجاز استراتيجي غير مسبوق، من حيث أهميته ودلالاته، لأن الأمر، والحالة هذه، يتلخص بكسر الأسباب والذرائع للتمسك بهذه المنطقة، وبتحطيم غطرسة القوة الصهيونية، بفعل الإرادة العربية السورية القادرة حتماً على فرض ذاتها مهما بلغت التحدِّيات.
بات واضحا من خلال المسارات الجديدة التي دشنها الرئيس السوري أحمد الشرع، بعد توليه منصب الرئاسة، مفارقته لكثير من مقولات وأيدلوجية وأصول السلفية الجهادية التي تبناها ودافع عنها لسنوات من حياته، وهو ما عرضه ويعرضه لانتقادات شديدة من قبل تيارات وتنظيمات سلفية موغلة في أفكار الجهادية الراديكالية.
يُعَدُّ الاستيطان الصهيوني لهضبة الجولان المحتلة في سورية سنة 1967، تجسيداً عملياً المخطط التوسع الصهيوني، ومحاولة لتكريس الأمر الواقع وإلحاق هذه المناطق بالقاعدة الاستيطانية الإحلالية في فلسطين المحتلة سنة 1948.ويعكس هذا الاستيطان التوجهات الإستراتيجية العليا للكيان الصهيوني انطلاقاً من الذرائع التي يعتمدها إزاء هذه المنطقة، ولاسيما تلك التي تتعلق بموضوعات الجغرافيا السياسية والأمن والديمغرافيا، فضلاً عن الدعاوى الإيديولوجية والسياسية ذات الصلة بالصراع العربي ـ الصهيوني.
كيف يمكن لدعاة العرق العربي النقي الواحد في المغرب أو المشرق العربيين من الذين انطلت عليهم المغالطة (الاستحمارية) الغبية.. أن يثبتوا ذلك النقاء العرقي حتى في الجزيرة العربية، فضلا عن مصر أو لبنان أو السودان أو بلاد المغرب النوميدي أو البربري عموما بعد نزوح مسلمي الأندلس ويهودها المهجرين إليها والمنصهرين فيها من مختلف الأعراق بالملايين عبر عشرات السنين!! ؟
تعيش إسرائيل مأزقًا استراتيجيًا غير مسبوق في قطاع غزة، حيث تتلاشى فرص الحسم العسكري وتتشابك الخيارات السياسية مع تعقيدات اليوم التالي للحرب. فبعد أكثر من عام ونصف من القتال، وجدت نفسها غارقة في مستنقع معضلات متعددة الجبهات، من الانقسام الداخلي إلى الضغوط الإقليمية والدولية، ومن مأزق الرهائن إلى فشل تحقيق أهدافها الاستراتيجية. وبينما ينفد الوقت أمامها، تكشف التقييمات الإسرائيلية عن أزمة عميقة في التخطيط واتخاذ القرار، تجعل من أي مخرج ثمناً باهظاً قد يعيد صياغة دور إسرائيل ومكانتها في المنطقة لسنوات مقبلة.