حظ فرنسا العاثر لم يكن مرتبطا بتحولها مسرحا لهذا الذي وصفته صحف دولية بالعار، بل إن ضحيتي الحادثتين منحدرتان من دول الاستعمار الفرنسي لإفريقيا، الذي ترفض باريس الاعتذار عنه. كلمة زنجي أو أسود ما كان لها أن تحمل معانٍ حاطة من الكرامة الإنسانية لولا الماضي الاستعماري المرادف لاستعباد السود.
عندما انتشرت الأخبار، بتواطؤ من الرقابة العسكرية الإسرائيلية وربما بموافقة ولي العهد السعودي، عن اجتماع الأخير ببنيامين نتانياهو ومدير الموساد بأرض نيوم، المدينة "الذكية" السعودية، فيما اعتبر أول لقاء معلن بين مسؤولين سعوديين وإسرائيليين، بادر وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، بعد تردد ساعات،
اهتزاز صورة فرنسا العلمانية "الحامية" لحرية المعتقد وعلى الحرية والعدالة والأخوة دفعت السلطات إلى محاولة التدارك، فخاطب ماكرون المسلمين عبر قناة الجزيرة حفاظا على مشاعرهم وتصحيحا للأكاذيب المنقولة على لسانه وهي الموثقة بالصوت والصورة.
كلام ماكرون ليس وليد اللحظة، بل هو خطاب معد بعناية ويفتح الباب أمام تغييرات حقيقية في الساحة السياسية والدينية بفرنسا. لكن الأكيد أن الفشل سيكون حليفها ما دام الرد الأمني هو الجواب الوحيد الذي تحمله فرنسا في مواجهة جزء من مواطنيها..
فرنسا التي لا تزال تحاول الإيحاء بكونها قوة دولية قادرة على الردع والمواجهة، تفتح على نفسها معارك وجبهات هي في غنى عنها ليس في مواجهة حكومات وأنظمة، لم تحرك ساكنا لاستنكار الهجوم على ديانات بلدانها الرسمية غير رجب طيب أردوغان،
بعد ما يفوق مائة سنة كاملة، منها تسعون من حياة المملكة الموحدة، صار بحر العرب فارسيا ترتع فيه إيران كما شاءت ومعها قوى دولية تتنازع النفوذ. أرض العرب أيضا كما سماؤهم تتلبس بالتدريج لباسا فارسيا بعد أن "احتلت" إيران عواصم كاملة واستفردت بقرارها "السيادي".
شرارة الرسومات بدأت من الدنمارك قبل أن تجتاح أوروبا، ولا نستبعد انتقال "موضة" حرق القرآن منها إلى بقية دول القارة العجوز. اميدي كوليبالي من أصل مالي حيث يتساقط الجنود الفرنسيون بين لحظة وأخرى. والأمل ألا نستيقظ على يوم يتصدر فيه مانشيت (كل هذا من أجل هذا)، الذي عنونت به شارلي ايبدو عددها الأخير،
من حق "دولة" الإمارات العربية المتحدة أن تستغرب هذه الهجمة الشرسة عليها وعلى "قيادتها" بعد إعلانها عن ترسيم علاقتها "الآثمة" المستمرة منذ سنوات مع الكيان الصهيوني، وهي التي لم تسع إلا لـ "تتجاوز الإرث البشع من العداء والنزاعات نحو مصير من الأمل والسلام والإزهار".
"الهد" أو فض الاعتصام السلمي بميدان رابعة بالقوة كان الخيار الذي احتشدت الأذرع الإعلامية للانقلاب بمصر للدعوة إليه. استل الكتاب سكاكينهم ليخطوا بها المقالات، وأخرج المذيعون رشاشاتهم ليقصفوا بها المشاهدين من خلال الشاشات ويهيئوا الطريق..
في تونس ما بعد "ثورة الياسمين" يجاهد الرئيس المنتخب، متحججا بالظرفية السياسية الخطيرة التي تعيشها البلاد، في استعراض عضلاته في التفسير القانوني لفصول الدستور محاولة منه للاستئثار باختيار رئيس وزراء يقود المرحلة، في تجاوز تام لأحزاب وبرلمان حائز للشرعية الانتخابية..
لا يزال الفساد الظاهر في البر والبحر والجو وفي كل مكان، ميزة عربية لن تخفيها محاكمات الجزائر ولا تحقيقات تونس بخصوص تضارب مصالح الفخفاخ ولا لجان البرلمان العاملة على استرجاع منهوبات الرئيس الموريتاني السابق محمد عبد العزيز أو غيرها من التصريحات والتحقيقات و"المحاكمات" التي تظهر هنا وهناك...
فرنسا التي حصلت على اعتذار من ألمانيا بسبب الغزو النازي للبلاد تستخسر في شعوب افريقيا وغيرها من المستعمرات كلمة اعتذار لأنها أدرى من غيرها أن البلدان تلك ما هي إلا مجرد "محميات"، بما تحمله الكلمة من معنى، تعين على رأسها من تشاء وتنزع حكمها ممن تشاء.
البؤساء لا حظ لهم في الحياة كما الممات، وهو ما تؤكده قصتا الشابين الفلسطينيين إياد الحلاق وقبله مصطفى يونس اللذان لم يفصل بين تصفيتهما إلا أسابيع وبنفس الطريقة تقريبا.
ما تشهده الولايات المتحدة منذ أيام أسقط كثيرا من الأساطير والشعارات والاكاذيب والتماثيل، وهو مرشح ليسقط المزيد في أمريكا وخارجها من المستبدين المرتبطين عضويا بالإدارة الحالية على حساب مصالح الشعوب.
المتتبع للواقع العربي لا يمكنه تصنيف العلاقات بين كثير من دول الجغرافيا العربية إلا بـ "العداء" المستفحل الذي لا ينفع معه علاج. كثير من هذا العداء مرتبط بالتاريخ وخلفياته، وجزء منه مرتبط بتضارب المصالح والرغبة في الهيمنة والانفراد برضاء الغرب ووكلائه في المنطقة...