انكشاف خيوط الثورة المضادة وعرّابيها، يجعل من مساعي كل أعداء الثورات محكومة بالفشل، والفشل الذريع، بل هي تعجل في الحقيقة بقدح زناد الموجة الثورية الثانية
لا شك أن الزلزال الكبير الذي ضرب المملكة العربية السعودية خلال الأيام القليلة الماضية يمثل حدثا مفصليا في تاريخ المنطقة العربية وجوارها الإقليمي. الحدث لا يزال يتفاعل ولم تنته أطواره بعد وتمثل في اعتقال عدد كبير من الوجهاء والمسؤولين والأمراء من الصف الأول في البلد الأكبر والأهم داخل العالم الاسلامي
لم يعد أمام الشباب في تونس اليوم من خيارات غير الموت حرقا أو الفناء غرقا، عائلات بكاملها وشباب في ريعان العمر يقامر من أجل مغادرة الجحيم الأرضي الذي يعيش فيه نحو المجهول..
"الثورة المضادة" فاعل مركزي في واقع العرب والمسلمين اليوم، فكل ما نراه حولنا من فوضى ومن خراب ومن موت منتشر في كل مكان إنما هو من فعل الثورة المضادة وأنيابها الدامية فقط.
إن أكبر إرهاب هو إرهاب النظام الدموي العربي وأكبر تطرف ما هو إلا تطرف الاستعمار العالمي بجرائمه التي لا تنتهي في حق المسلمين، أما شعوب هاته الأرض فهم أول ضحايا الإرهاب الدولي، ووكيله المحلي بما هو الصانع الحقيقي للظاهرة والمستفيد الأول منها.
مثلت الاعتقالات الأخيرة التي عرفتها المملكة العربية السعودية لعلماء أجلاء على رأسهم الداعية سلمان العودة حركة مفصلية في تاريخ المؤسستين الدينية والسياسية في المملكة..
حملة اعتقالات واسعة تطال دعاة ومغردين وإعلاميين في السعودية وفي الإمارات، وهي حملة تجد لها صدى واسعا على شبكات التواصل الاجتماعي خاصة. الحملة مفاجئة وهي تحدث في خضم عاصفة هي الأخطر في مجال الخليج العربي منذ حرب الخليج ومنذ ثورات الربيع العربي التي أعقبتها.
لا يختلف أهل تونس اليوم في وصف التحوير الوزاري الأخير الذي طرأ على الحكومة القديمة، حيث يجمع الأحرار على وصف التغيير بأنه يحمل طعم الانقلاب الذي لا يخفى على ملاحظ. لكن من المبالغة القول بأن الأمر انقلاب على الثورة لأن الانقلاب بدأ مبكرا ومنذ السنوات الأولى لثورة 17 ديسمبر حيث نجح جلادو بن علي ورجال
من أهم المبادئ والشروط التي يقوم عليها النظام الاستبدادي والتي لا يستوي صرحه إلا بها هي سلب كرامة الإنسان والمواطن في صيغة الفرد والجمع ثم تجميعها فقط في صورة الزعيم والقائد والملك والأمير والرئيس
تتسارع وتيرة الفعل السياسي العربي الرسمي بشكل غير مسبوق اليوم ويتجلى ذلك في صورة التحالفات الجديدة الناشئة، وهي تحالفات وتقاربات تتناقض كليا مع المنطق السياسي الذي كان سائدا قبل الربيع العربي وثوراته العظيمة.