جعفر عباس يكتب: طوال السنوات الأربع الماضية، ظل البرهان المحامي الأول عن قوات الدعم السريع، في وجه الاحتجاجات الداوية، على وجود جيش مواز تسيطر عليه عائلة دقلو وعلى رأسها حميدتي، الحاصل على رتبة فريق أول، وشقيقه عبد الرحيم الذي قنع برتبة فريق. واعتلى البرهان عديد المنابر ليقول؛ إن تلك القوات خرجت من رحم الجيش الوطني، وأنها من ثم فصيل وجزء أصيل منه.
جعفر عباس يكتب: طوال الأشهر الثلاثة الماضية ظل الرجلان يخططان للقضاء على بعضهما البعض، وهكذا تفجرت الأمور بينهما إلى المشهد الدموي الحالي، الذي صارت فيه مدن السودان الكبرى، ولأول مرة في تاريخ البلاد، مسارح لحرب شوارع، ولكن بتكتيك الحروب الميدانية المفتوحة، حيث يتم استخدام كافة أنواع الأسلحة
أنصار نظرية المؤامرة في أمريكا وغيرها ما زالوا يروجون أن لقاحات الكورونا يراد منها غرس شرائح إلكترونية في بلايين الناس للتحكم فيهم، ولتحديد نسل سكان الكرة الأرضية، بخفض معدلات الخصوبة الإنجابية، بينما كل ما تفعله اللقاحات هو أنها تقوم بتقليد سلوك الفيروسات والباكتيريا..
جيل الشباب الحالي مزهو بثقافته الإلكترونية، وقد يكون الواحد منهم عاجزا عن الحصول على أكثر من خمسة على عشرين في اختبار التعبير/ الإنشاء، ولكن وعندما يتعلق الأمر بشيء يخص الهاتف الذكي أو الكمبيوتر ينفتح صنبور حلقومه وتتدفق منه مفردات..
بعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، وافتضاح أكذوبة أن ذلك كان ضروريا لأن العراق يملك أسلحة الدمار الشامل، حاول بوش تبييض وجه حكومته عندما أعلن عن تخصيص 25 مليون دولار لنشر الديمقراطية في العالم العربي: يعني مليون و130 ألف دولار لكل دولة..
منذ اقتراب آجال الانتقال إلى الحكم المدني حسبما ينص اتفاق مهره البرهان بتوقيعه في كانون أول/ ديسمبر 2022، وهو في حالة حركة دائبة زائرا للوحدات العسكرية والتجمعات العشائرية، ليقدم نفسه كرجل دولة صاحب منهج وخطط ورؤى، ولكن قلة الحيلة السياسية والعِيَّ المعرفي يجعلانه يتكلم كما مرشح في انتخابات عامة يبذل الوعود المجانية الهوائية..
ما أبلغ علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو يقول، إن الفقر في الوطن غربة وإن الغنى في الغربة وطن، ولكن ملايين العرب، وعلى رأسهم السودانيون، هاجروا من أوطانهم بحثا عن الأمن والسلامة، وهكذا يهرب ذوو العقول من بلدان يتحكم فيها عجول..
يعيش السودان منذ أربع سنوات، ما يسمى بعصر البراهنة والدقالوة، لأن الأمور فيه آلت بعد سقوط حكم حزب المؤتمر الوطني، برئاسة عمر البشير، في نيسان/ أبريل 2019 إلى الجنرال عبد الفتاح البرهان قائد الجيش السوداني، الذي نصب نفسه رئيسا لمجلس السيادة (رئاسة الدولة)..
أن يكون شخص ما أكثر ذكاء من البرهان، ليس مدعاة للفخر والتباهي، وقبول حميدتي بفكرة الجيش الوطني الواحد تشي بأنه إما أنه لا يدرك عواقب ذلك عليه، أو أنه موقن باستحالة تطبيق الفكرة في ظل راهن الأوضاع الاقتصادية والأمنية في السودان..
البرهان وحميدتي كانا حليفين، واشتركا سويا في سرقة السلطة من المدنيين الذين أسقطوا حكومة عمر البشير، وليس في اختلافهما الحالي نعمة على السودان، فكلاهما دموي وانتهازي، وهناك بصيص أمل في أن توازن الرعب بينهما قد يمنع دخولهما في صدام عسكري..
ينصرف الشعب أو غالبه إلى عبادة أصنام هوليوود والملاعب، وينصرف أهل الحكم إلى دعم شركات إنتاج السلاح بإشعال الحروب هنا وهناك، ثم يعود الجنود الأمريكان من أفغانستان والعراق وغيرهما ويتم استقبالهم بالكثير من الهيلمان، "لأنهم يدافعون عنا وعن حريتنا"..
كل من يرصد الأوضاع في السودان، بات يعرف أن البرهان دون سوء الظن بكثير، فهو رجل لا عهد له، فقد ظل يشيد بـ"ثوار ديسمبر" في إشارة إلى قوى الحراك الشعبي ضد حكم البشير، انطلاقا من كانون أول/ ديسمبر 2018..
بحكم نشأتي في بيئة تتفشى فيها الخرافة وبائيا، وبعد أن جلب عليّ التصدي للدجالين سيلا من التهديدات والشتائم، صار جلدي سميكا إزاء كل ذلك، فتكسرت نصال الدجالين على جلدي، وأنا كما الراحل أبو عمار في أسْرِه: "يا جبل ما يهزك ريح"..
قبل نحو ثلاثة أسابيع وقف البرهان خطيبا أمام نفر من ضباط وجنود الجيش قائلا إنه في حال إجراء انتخابات عامة، وفشل حزب في الحصول على أغلبية تؤهله للحكم، أو حدوث أي انتهاك لـ"الثوابت" فإن الجيش جاهز لـ "التحرك"..
الشعور العام لدى السودانيين اليوم هو أن مصر تستخف بهم كشعب ودولة وإلا فكيف تستضيف فعالية تتعلق بشكل الحكم في السودان، تنسف كل ما تحقق لإخراج العسكر ـبرضائهم ولو شكلياـ من دهاليز الحكم؟
كتب جعفر عباس: الأمريكان هم أكثر شعوب الغرب "تديّناً"، وما يسمى بالحزام الإنجيلي في الولايات المتحدة يشمل ولايات مثل تكساس وأوكلاهوما التي تشكل البروتستانتية التبشيرية المحافظة العنصر الرئيس في ثقافة ساكنيها الذين يشكلون الرصيد التاريخي للحزب الجمهوري..