رمقني بكل بساطة بنظرة ساخرة ثم قال دون وجل أو خجل أمامي وبحضور عدة زملاء وأحد التجار، إنه سيدفع مبلغا يصل إلى مليون دينار أردني على الأقل مقابل الحصول على الترتيب رقم 1 في قائمة الحزب الجديد الذي يستعد للانتخابات البرلمانية. قالها بصفاقة: «لن أدفع إذا لم أكن رقم 1».
كلما سألنا الرسميين الأردنيين عن العقدة الإسرائيلية قيل لنا إنها مسألتان:
الأولى – إن الرهان الرسمي والبيروقراطي على الكيان العميق فيما يسمى بإسرائيل وليس على الحكومات بصرف النظر عن تطرفها وتشددها.
الثانية – إن المساعدات الأمريكية للاحتفاظ بها، مادامت اليتيمة والوحيدة اليوم، لا بد من البقاء في علاقة ود مع الكيان، وتلك المساعدات لا تتيح للأردن الرسمي مساحة مناورة في المتطلبات الجماهيرية مثل التقارب مع فصائل المقاومة أو الصدام مع الإسرائيليين.
أي كلام وفي أي وقت يقارن بين الاحتياجات على أساس الصيغة التي تفترض بأن الأمن والاستقرار في الحالة الأردنية هما الأولوية المطلقة قبل الديمقراطية صيغة عنصرية وبغيضة ومنافقة، ولا ترقى إلى مستوى الإدراك العميق للحاجة الملحة للإصلاح الجذري، حصرا من أجل الحفاظ اليوم على الأمن والاستقرار بعدما اختلت غالبية الموازين.
يقف الأردن، الرسمي على الأقل، مجددا أمام الاختبار الأعنف خلال الأسابيع القليلة الماضية وهو الاختبار الإسرائيلي. واضح تماما لجميع المراقبين والخبراء أن عمان دخلت في مستويات الحيرة والارتباك بعد مسلسل الانتهاكات التي تصر عليها الحكومة الإسرائيلية..
مثلا استقبال رئيس ما تسمى بدولة إسرائيل في عمان كان يفترض أن ينتهي بمكافأة كبيرة ذات وزن، وبحصول الأردن على مكسب أقله أو حده الأدنى منع قطعان المستوطنين من الإساءة للوصاية الأردنية على المسجد الأقصى فيما حصل العكس..
أفهم بحكم العمل والاشتباك مع تفصيلاته والتواصل مع المسؤولين والسياسيين بأن ضيق الأفق والرعونة والتجبر عناصر متوفرة عند الآخر، وخصوصا عند طرفين في المنطقة عندما يتعلق الأمر بما تيسر من انفتاح وحريات عامة في الأردن، وهما إسرائيل وبعض الدول الشقيقة المجاورة ومنها الخليجية تحديدا.
لعب الرئيس العراقي الراحل الشهيد صدام حسين لصالح منتخب «النشامى» في المباراة المثيرة والأخيرة مع منتخب «الأزرق» الكويتي. لكنه لم يسجل أي هدف ولم يعبر بأي تمريرة من النوع الذي وصفه يوما رئيس فريق أردني بالعبارة التالية: «يخفق قلبي وأشعر بان القدس تحررت».
من المثير للدهشة أن تتحول الحكومة الأردنية التي قررت "إخضاع" نقابة المعلمين، إلى "مراسل حربي" وظيفته إحصاء عدد التلاميذ الذين دخلوا فعلا الصف الدراسي في الأسبوع الأخير من إضراب المعلمين ثم عدد المدارس التي "كسرت" إجماع الاضراب نفسه.
يدخل الأردنيون مجددا في المفارقة الغريبة ذاتها، وهم يتطلعون للقمة العربية التي ستنعقد قريبا في البحر الميت، متسائلين عن مصالحهم ومكاسبهم المشروعة، وأوضاعهم الاقتصادية، ومآلات فكرة الوفاق العربي..
لا أعرف سببا من أي نوع يدفع لتبرير الإرهاب الدموي المنفلت الذي استهدف الأبرياء في باريس لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية السياسية ولا حتى من الناحية التاريخية فضرب خواصر رخوة في أي مكان وقتل أبرياء سلوك يندى له الجبين..