في كل الأحوال، ما تمخض عن انقلاب قيس سعيد على الدستور بشكل سريع في الشارع، يعكس الصورة المقبلة للحياة السياسية في تونس في عهده ومزاحمته على موطئ قدم في الثورة المضادة والديكتاتورية الملتحفة بتنميق الكلام وجهوزيتها لـ"إطلاق الصواريخ" من منصاتها حسب تعبيره
يعيد رأس النظام السوري التأكيد على حالة الانفصام التي أصابته منذ عشرة أعوام، باجتراره ذات الخطاب في كل مناسبة رافقت سياسته الكارثية التدميرية على المجتمع والشعب السوري برمته
العقد الأخير من حياة أحمد جبريل وسياسة فصيله (القيادة العامة) على الساحة السورية، ومشاركته في حصار مخيم اليرموك وتدميره وتعفيشه مع عصابات الأسد، ومسؤوليته عن مقتل مئتي محاصر من الجوع، كل ذلك يعيد التأكيد على الأهمية التي حظي بها الرجل عند النظام السوري تاريخياً..
الأمر الطبيعي أن تمارس الشعوب حياتها الديمقراطية في ظل السيادة والاستقلال، وليس تحت حراب الاحتلال والاستيطان وسيطرة قوة استعمارية. والأمر غير الطبيعي أن تمارس سلطة تحت الاحتلال ممارسته ضد شعبها..
جربت المؤسسة الصهيونية كل الوسائل والأساليب، والمتوجة بإنشاء سلطة فلسطينية تقوم عقيدتها الأمنية تحت رعاية أمنية أمريكية إسرائيلية؛ على التنسيق مع الشاباك (أو شين بيت) الإسرائيلي لتطويع العقل الفلسطيني عند حدود القبول بما هو قائم والتعايش معه..
برهنت مسيرة المواجهة الأخيرة مع الاحتلال وتطوراتها الميدانية المستمرة داخل الخط الأخضر على أن السعي الصهيوني للتحول نحو تسويق التطبيع والأسرلة لهزيمة الشارع العربي وهزيمة سكان فلسطين الأصليين قد فشلت بشكل مريع، وأن مفهوم التكيف مع سياسة العدوان المستمر والاستيطان والتهويد ومحاولات طمس الهوية لم تنجح
القرائن والشهادات والصور والوثائق التي تدين نظام الأسد جوبهت بنفاق لم يشهد له التاريخ إلا مع المحتل الصهيوني، لكن التهنئة الفجة بوقاحتها تأتي من بين ظهرانينا، بتهافت فصائل فلسطينية رسمية، في مقدمتها زعيم السلطة، على تقديم تهنئة للأسد بمناسبة "فوزه" بالانتخابات، وتهنئة أخرى من الجبهة الشعبية..
من تُوجه له التحية ومن تنحني له الهامات هو قتيل "فرع فلسطين" تحت التعذيب، ومن هو صامد في الجليل والمثلث والنقب والقدس وغزة، ومن يُشكَر هي شوارع عربية تئن تحت الظلم، وما زالت ترى في المشروع الصهيوني وخدمهِ في أنظمة القتل والقهر عدواً رئيسيا لها وللشعب الفلسطيني
تبرز هواجس وتساؤلات لا حصر لها، يرددها الفلسطينيون في كل أماكن تواجدهم: ماذا يخفي المستقبل القريب؟ وهل اقتربنا من تحقيق أبسط الأهداف في ترتيب الوضع الفلسطيني؟ وهل ستبقى الانتخابات والانقسام وتعثر المنظمة والفصائل وتخاذل السلطة أقدار تثير المرارة في الواقع الفلسطيني؟
قبل عامين قام موقع "يوتيوب" بمسح آلاف الفيديوهات الموثقة لجرائم عصابات الأسد. ترافق الخبر مع جملة مواقف عربية وإقليمية ودولية تركز على تجاوز مطلب إسقاط ورحيل الأسد، وتطبيع العقل السوري مع جلاديه الذين وثق السوريون ما يمكن إن يقال إنها الجرائم الأكثر وحشية في القرن الحادي والعشرين
البعض يذكر الأرض في يومها، دون الإشارة لمراتب اللجوء والقهر والتدمير والقتل الممارس لأصحابها في مخيمات لجوئهم السورية والعربية، وفي زنازين أنظمةٍ تتهم نزلاء فروعها الأمنية ببيع أرضٍ لم تزل وطنا في الذاكرة، بينما الأرض التي لجأ إليها لم تكن سوى فضاء لاغتراب جديد..