لماذا تنتشر الغوغائية والديماغوجية في أوساط مجاميع بشرية، وتسيطر على أحزاب تدعي العلمية والصلاح والإصلاح.. فتغدو التعصب والعنف والتطرف والعمَه العام التام؟! لماذ يُضْفَى على بعض الأيدولوجيات التقديس، وتُعَمَّد بالعصموية تصبح دموية ونقمة على البشرية؟!
الدنيا ذاتها لا تضيق بأحد، الأشخاص هم الذين يضيِّقونها ويضيقون بها، لا سيما حين تُسد أمامهم منها أبواب ولا يرون أبوابها المفتوحة.. فكم في الدنيا من أبواب مفتوحة على مصاريعها تدركها بصائر ولا تراها بواصِر..
آهٍ كم هو قاس الإنسان على الإنسان، وكم هي الكوارث التي يسببها أناس لأناس؟! وكم ابتلع البحرُ المتوسط وبَحرا إيجة ومرمرة، بين مضيقي جبل طارق والبوسفور، من عرب وأفارقة وآسيويين، في العقد الأخير من هذا القرن البائس الحزين..
كان المشهد السياسي واضحاً وضاغطاً بسبب الحرب الروسية-الأُوكرانية، والولايات المتحدة الأمريكية تمضي باتجاه التوقيع على العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران لأن الحلفاء الأوروبيين يحتاجون إلى الطاقة، "النفط والغاز"، قبل فصل الشتاء..
يكاد الذاتي المتورِّم من ألوان الخطاب ـ حتى الفكري منه أحياناً ـ يلف في عباءته العام السليم الصحيح ويخفيه.. ومن الطبيعي ألا يساهم هذا النوع من الخطاب الأداء بتقديم تشخيص أو رؤية أو موقف على أسس معرفة منهجية سليمة..
ينبغي ملاحظة أن "لإسرائيل" دوراً مؤثراً بل وحاسماً أحياناً في ما يتعلق بالتعامل والشراكات مع الدول العربية خاصة ودول منطقة الشرق الأوسط عامة، وأن " إسرائيل" تدير ملفات أميركية في المنطقة وتحكم القرار والأمثلة على ذلك كثيرة..
مساكين نحن ويراد لنا أن نبقى مساكين، يُسْلِمنا مُروِّجُ تغيير إلى صانع تدمير، ندخل من ثورة إلى ثورة ونخرج منها كأننا عَوْرَة، ونقع مرة بعد مرة في حفرة بعد حُفرة، نجني الخُسران وندمن الهَوان، ودوْرَة سياسية بعد دوْرَة نُشْطَب من دوائر الوجود وندخل دوائر النسيان!
تحركات سياسية واستراتيجية واسعة تُبنى على ذلك الوضع، وتنذر شعوبا بمجاعات وكوارث تضاعف معاناتها الشديدة المديدة، فهي الأشد ابتلاء منذ عقود من الزمن، منها ما يقرب من سبعين مليونا من البشر في الشرق الأوسط، ومئات الملايين في أفريقيا وحدها، وملايين في قارات أخرى مهددون بأمنهم الغذائي.
تفلت "إسرائيل" ويفلت مجرموها من العقاب، وتبقى فوق المساءلة وفوق القانون، وتستمر في ارتكاب الجرائم.. وهذا هو النهج الصهيوني- الإسرائيلي المعتمد تلموديا وتاريخيا وسياسيا، وهو كما أسلفت نهج مؤيد ومدعوم سياسيا وعسكريا وماليا وإعلاميا من الولايات المتحدة الأمريكية خاصة والغرب عامة، ومن دول تتبعهما.
لقد آن لنا أن ندرك أن مستقبلنا واحد ومصيرنا واحد، وأنه لن يخرجنا مما نحن فيه من تمزق وتبعية للأعداء وضعف وقهر واحتلال و.. و.. إلا اجتماع كلمتنا، ووحدة صفنا، واعتمادنا على أنفسنا في الدفاع عن أنفسنا، وحماية بلادنا وثرواتنا وأموالنا بقوتنا..
عند عتبة العيد، وبعد يوم صوم شاق، وضَنك مُرِّ المَذاق، وشدة حَرٍّ وضيق، جلس أبو محمد سعيد، بجذوره الثَّمودية، وأصوله اليمانية، وفروعه الفلسطينية خاصة والشآمية ـ العراقية عامة، كأنه ينسل اليوم من اليمن السعيد..
على الرغم من استخدام العنف المفرط واستمرار الوحشية الصهيونية، واعتقال وسقوط مئات الفلسطينيين بين قتل وجريح.. لم نسمع صوت السيد بلينكن الذي تحدث عن "جلب الهدوء"، لم يستنكر أو يطلب تخفيف وطأة العدوان على الفلسطينيين..
لأولئك وهؤلاء نقول: لم تمت الأمة العربية ولن تموت، لستم نهاية التاريخ فالتاريخ لا ينتهي وتجدد صفحاته الأمم، وتكتبه الأجيال بالدم والدموع لأنها تأبى أن تُذلَّ وتفنى..