المنظومة الفقهيّة هي نتاجٌ بشريّ يستندُ إلى قواعد علميّة في التّعامل مع نصوص الوحي، وآليّات منهجيّة في الاستنباط بعيدة عن الرّغائبيّة الذّاتيّة، وهي تمثّل بمجموعها وجهاً مشرقاً من وجوه التّكريم الإسلاميّ للإنسان ذكراً كان أو أنثى من خلال سنّ منظومة قانونيّة تعمل على تحقيق مصالحه الكليّة والجزئيّة
إنَّ الذين ثاروا على الطّغيان ووقفوا في وجه الحكّام المجرمين، وصرخوا في وجوه المستبدّين وجيوشِهم كما نادى الحسين رضي الله عنه "هيهات منّا الذّلّة"؛ هم أبناء الحسين الحقيقيّين، وهم حملةُ رسالته وهم أحبابه وهم ورثةُ معركة كربلاء، وهم الأَولى أن ينادوا في المحافل كلّها "لبّيكَ يا حسين"
نجاح أي مشروع أو عملٍ و مؤسّسةٍ أو حدثٍ مهمٍ أو مفصليّ يقوم على اختيارِ الكفاءاتِ اللّازمةِ للعمل، بغضِّ النّظر عن انتمائها التنظيميّ أو الحزبيّ، أو حتّى بغض النظر عن انتمائها الفكريّ للمشروع، ما دامت مأمونة الجانب وتعملُ في مهام تخصّصية ضمنَ الآليَّات المرسومة لتحقيقِ الأهداف المرحلية والاستراتيجية
من أهم ما ينبغي أن تلتفت إليه النخب الدعوية والتربوية والفكرية، هو أثر الانقلاب في إذكاء الغلو والتطرف، فالغلو والانحراف المتشدّد يقتاتُ على الانقلابات، كما لا يقتات على غيرِها لإثبات صوابيته، وذلك من خلال مهاجمة الدّيمقراطيّة والعمل السياسي وإثبات خطأ الطروحات الأخرى، وتسفيه التوجهات الوسطية.
هذا الخطاب التّعاطفيّ خطابٌ صحيحٌ في مضمونه وأفكاره من حيثُ الأصل، لكنّ الإشكال يكمن في توقيته، فخطورتُه في الاتّكاء على صحّة الفكرة دون الالتفات إلى توقيتها إن كان مناسباً أم غير مناسب، نافعاً أم ضارّاً
تمثّل حالة الفصل بين مواجهة مشاريع التشيّع ودعم النّظام عند الدّكتور البوطي وغيره مشهداً عصيّاً على التفكيك عند الكثيرين، فكيف يكون الشخص نفسه مواجهاً لمشاريع التشيّع ومدافعاً شرساً عن هذا النّظام الذي فتح البلد على مصاريعه للتغوّل الإيراني الطّائفي؟
"أوصيك أن لا تترك في السّحَر والسّجود الدّعاء على الأفّاك أحمد حسّون والكذّاب محمّد عبد السّتار السيّد؛ وزير الأوقاف، أن ينتقم الله منهما ويقصم ظهورهما"
كان الدكتور البوطي يرفع الطلبات بشكلٍ متكرر للقاء بشّار الأسد فكان يأتيه الرد بالاعتذار عن اللقاء دوماً، وتتمّ إحالته إلى مدير القصر محمّد ديب دعبول (أبو سليم) أو إلى اللواء هشام بختيار
لم يتراجع الدّكتور البوطي عن موقفه رغم شراسة الحملة التي تعرّض لها من مختلف المكوّنات الكرديّة، ويمكن القول إنّ هذه الخطبة وهذه المعركة كانت سبباً في انفضاض كثيرٍ من الحاضنة الكرديّة من حوله
تصريحه بالتّوريث، مع يقينه بأنّ الله سينصر بشّار الأسد، مسدياً نصيحته للوريث القادم بطريقة فيها المزيد من التدليل على يقينه بصلاح حافظ الأسد في حياته الخاصّة قبل العامّة
كانت وفاة باسل الأسد سبباً لتعمّق العلاقة بين حافظ الأسد والدّكتور البوطي لتبلغ حدّاً من القرب لم تبلغه من قبل، فقد تكثّفت الزّيارات، وكان كثيرٌ منها بطلبٍ من حافظ الأسد الذي كان يعيشُ ذهول المصيبة، وفي الوقت ذاته يرتّب على عجلٍ لاستلام بشّار الأسد مقاليد الحكم في البلاد
ثارت ثائرة عددٍ من الفلسطينيين الذين راجعوه في الأمر، غير أنّه في خطبة الجمعة أعاد الكلام ذاته وكرّره، مصرّاً عليه ومؤكّداً أن إخراج الفلسطينيين من أرضهم وبلادهم جاء نتيجة الفسوق والعصيان الذي انتشر قبل عام 1948م
كم كنتُ أشعر بالاستغراب من توقّع البعض من الدّكتور البوطي عام 2011م موقفاً مخالفاً لموقفه من الخارجين على حافظ الأسد في الثّمانينيات، لكنّ استغرابي هذا كان يخفت عندما أعلم أنّ الغالبيّة من المنتظرين موقفاً مخالفاً لم يطّلعوا أصلاً على مواقفه هذه ولم يستذكروها أو يستصحبوها
من أكثر القضايا التي أثارت عواصف حول الدّكتور البوطي هي قضيّة علاقته مع الحكّام، وتحديداً مع حافظ الأسد ومن بعده مع بشّار الأسد، ولفهمٍ أعمق لطبيعة العلاقة السّلوكيّة لا بدّ من فهم المنطلقات الفكريّة والشرعيّة التي ينطلق منها الدّكتور البوطي في بناء هذه العلاقة