المسلَك الطبيعي لأي مُشتَغِل جاد بالعلوم الشرعيَّة أو "الإنسانية"، وكل مهموم بحياة هذه الأمة واستقامة أمرها؛ يصير هو التفكير في كيفيَّة إعادة بناء تقاليد الإسلام الفكريَّة في المدار السُّني، حتى نمتلِك أدواتنا الفكريَّة الخاصَّة، ونتمكَّن بها من مواجهة الواقع الذي فرضته علينا صولَة الحداثة
خلاصة هذه المسلَّمة أننا نعيش ونتحرَّك ونُعاني، من خلال استقطاب أيديولوجي بين قُطبي ثُنائيَّة برانيَّة مُستمرة: تاريخنا في مواجهة هجمة الحداثة، أو الإسلام الذي يتصدى للعلمانية، أو التقاليد التي تحارِب التغريب.. إلخ، أو أيّاً كانت التنويعة التي يصطنع منها المشتَغِلون بالفكر ثنائيَّة صلبة "جديدة"
لم تكن الكارثة في "غفلة" الفصائل عن دروس التاريخ في مصر وسوريا والجزائر، وعبرة المواجهة بين "الفصائل الإسلامية المسلحة" والنظم العسكرية ما بعد الكولونيالية خلال ثلاثة عقود، وإنما كانت الكارثة العظمى هي استمرار هذه العسكرة رغم تجلي توظيف النظام لها توظيفاً شديد الكفاءة..
سنتناول بعض الأنماط الفكريَّة، التي استبطنتها الفصائل المسلَّحة ـ من هذه المدونة ـ بوصفها أنماطًا أسهَمَت في إجهاض الثورة، مهما افترَض المشارِك أو المراقب العجول ـ في هذه الأنماط ومصادرها ـ عكس ذلك.
هذا الاختلاف الجلي بين وجهتي الإسلام/ التوحيد والحداثة/ الشرك هو الذي يجعل أسلمة الأخيرة أمراً مُحالاً، بل يجعل أنسنتها عملاً متعذراً بالأصل، حتى داخل سياقها؛ بسبب فرط عدائها للإنسان الرباني المركَّب، مهما تشدَّقت بديباجات هيومانيَّة تستر بها وحشيتها
إذا كان المستشرق أو الدارس الأجنبي مُطرداً منهجيّاً ونفسيّاً مع تاريخه وتراثه وتجربته، وإذا وَسِعنا الإفادة من جديته ودأبه ودقته في دراسة تاريخنا، والتنقيب في مدوناته؛ فإن الكارثي أن ننقل أدواته ونُعيد إنتاجها واستخدامها، بغير وعي بما تُعبِّر عنه هذه الأدوات من تحيُّزات
بناء على ما سبق؛ يستطيع الباحث أن يستشف اشتراك مُحبي السيد ومبغضيه في عين الرؤية بنيويّاً، وهو ما يتجلَّى في وحدة النموذج الكامِن خلف مجمل إنتاجهم عن الرجل، الذي يُمكن للقارئ البصير الوقوف عليه بغير كثير معاناة
بوسعنا كذلك تجريد ثلاثة مؤشرات على "الفنكوش" في حبياتنا العامَّة والخاصة على حدٍّ سواء: أولها استعمال الطرائق "المشروعة" ظاهراً لبث الفنكوش (وهي طرائق مثلها مثل مسجد الضرار!)، وثانيها ضخامة الدعاية لهذا الفنكوش في وقت جد قصير، وثالثها قِصَر عُمر هذا الفنكوش ودعايته وموته "المفاجئ"
لا ترجع أهميَّة خطاب بايدن إلى كشفه معالم الأزمة التي اطلع عليها القاصي والداني، فهذا معروف مشهور، وإنما مكمن الأهميَّة الأعظم هو كشفه عن عمق هذه الأزمة، الأمر الذي يستعصي إدراكه على المراقِب الخارجي، وذلك بسبب ضخامة بُنيان هذه الحضارة، وتغول هيمنتها الثقافيَّة والسياسيَّة والاقتصاديَّة والعسكريَّة.
إذا كانت المعارف الجزئيَّة ناتجة عن جدليَّة الإنساني والطبيعي/ المادي، وثمرة لاحتكاكهما المباشر وتفاعلهما في "بناء" تفاصيل الحياة اليوميَّة؛ فإن المعارف الكليَّة هي نتاج إنصات الإنسان للأمر الإلهي. لكنَّ البشري لا يُنصِتُ لهذا الأمر القُدسي بنفسه، وما كان له؛ بل يُنصِت إلى بلاغ نبي معصوم يوحى إليه.