شنت مجموعة من قيادات عملية
البنيان المرصوص، التابعة لحكومة الوفاق الليبية، خلال زيارة ما زالت مستمرة إلى
روسيا، هجوما لاذعا على قائد عملية الكرامة في الشرق الليبي، اللواء المتقاعد خليفة
حفتر، واتهموه بـ"العمالة لمخابرات أجنبية، وأنه أسير حرب ولا يمكن السماح له بقيادة الجيش الليبي"، وهو ما أثار ردود فعل متضاربة تجاه هذه التصريحات التي جاءت من موسكو الداعمة لحفتر.
وأكد رئيس المجلس العسكري لمدينة مصراتة، العميد إبراهيم بن رجب، أن "القانون العسكري يمنع أي أسير من العودة لسابق عمله"، في إشارة إلى حفتر الذي أُسر من قبل في حرب تشاد عام 1987، متهما حفتر بأنه "عميل لمخابرات أجنبية"، حسب تصريحات له الثلاثاء.
وكشف عماد شنب، أحد أعضاء الوفد وأحد منسقي الزيارة، عبر صفحته الشخصية على "فيسبوك"، أن "هدف الزيارة هو توضيح ونقل حقيقة ما يجري على الأرض، وإرسال رسائل واضحة لروسيا"، موضحا أن الوفد برئاسة العميد أحمد أبو شحمة، آمر غرفة العمليات الميدانية للبنيان المرصوص والحاكم العسكري في سرت، وأنه ضم عددا من القيادات العسكرية وضباطا وأعضاء غرفة العمليات ونخبة من سياسي مدينة مصراتة، كما قال.
مسافة واحدة
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية "استعداد موسكو العمل مع جميع الأطراف في
ليبيا، من أجل التغلب على الأزمة في البلد"، مشددة على "أهمية إقامة الحوار الليبي - الليبي الشامل، بحيث يضم ممثلين عن القوى السياسية الرئيسة والمناطق والمجموعات القبلية في البلاد، لتشكيل السلطات الوطنية، بما في ذلك الجيش والشرطة، القادرة على ضمان الأمن وسيادة القانون، والتصدي بفاعلية للتهديد الإرهابي"، وفق بيان للخارجية الروسية اليوم الأربعاء.
وطرحت الزيارة عدة تساؤلات حول ما يمكن أن تقدمه موسكو لقوات البنيان المرصوص، وهل يمكن أن تتخلى روسيا عن حليفها خليفة حفتر؟ وماذا ستجني "البنيان المرصوص" بعد الزيارة التي رافقها الهجوم على حفتر من قلب موسكو؟
ورأى خيري عمر، الأكاديمي المصري بجامعة سكاريا التركية، والخبير بالشأن الليبي، أن "الزيارة تؤكد أن موسكو أصبحت تؤمن الآن بضرورة الانفتاح على كل الأطراف؛ لأنها لا تريد حصر سياستها لصالح جهة واحدة، وتكرر مشكلتها في سوريا"، حسب قوله.
وبخصوص إمكانية تخلي موسكو عن دعم حفتر لصالح قوات الغرب الليبي، استبعد عمر حدوث ذلك، مضيفا لـ"
عربي21": "موسكو ستحتفظ بعلاقتها بحفتر، لكن دون استبعاد الآخرين (المناوئين له)".
أدلة ورسالة للخارج
وكشف الضابط برئاسة الأركان الليبية بطرابلس، العقيد عادل عبد الكافي، أن "وفد البنيان استطاع جمع وتجهيز أدلة ومعلومات موثقة عن تورط حفتر مع تنظيم الدولة، وقدمها لمجلس الدوما الروسي، وأكد عليها (الوفد) خلال مؤتمر صحفي هناك".
ووصف عبد الكافي الزيارة بأنها "هامة جدا، لكن يجب التأكيد على أن الروس يبحثون دائما عن الأقوى، ومن يستطيعون الاطمئنان إلى سيطرته الفعلية على الأرض، وهذا ما حاول الوفد شرحه لهم"، وفق قوله لـ"
عربي21".
وتابع عبد الكافي، وهو قريب من الوفد الليبي، أن "الحنكة العسكرية تستدعي التواصل مع العالم خصوصا الدول الداعمه لمجرم الحرب حفتر"، مضيفا: "قبول بعض من قادة البنيان دعوة موسكو خطوة جريئة منهم، وقد صدموا موسكو بقوتهم، وأثبتوا أن الحرب الوحيدة ضد الإرهاب هي التي جرت في مدينة سرت الساحلية وطرد تنظيم داعش منها، وهذه كانت رسالة قوية للخارج"، على حد قوله.
مصلحة موسكو
الكاتب الصحفي والناشط من مدينة مصراتة، عبد الله الكبير، أشار إلى أن "الفائدة الوحيدة للزيارة هي إطلاع قيادات موسكو على وجهة نظر القوى السياسة المناوئة لحفتر، وتوضيح دور عملية البنيان المرصوص في محاربة داعش".
وأضاف لـ"
عربي21": "لا أظن أن موسكو تخلت عن حفتر، ولكن سيبقى موقف موسكو وغيرها من الدول محكوما بمصالحهم لا رغبات أطراف الصراع"، حسب تقديره.
وتواصلت "
عربي21"، مع الوفد الليبي خلال تواجده في موسكو للتعليق حول رد فعل الروس على الأدلة التي قدمها لإدانة حفتر، أو التعرف على وعود معينة من قبل روسيا لدعم قوات البنيان المرصوص سياسيا أو عسكريا، لكن أعضاء الوفد اكتفوا بقولهم: "سنرد في نهاية الزيارة ونكشف كافة التفاصيل".