قال أكاديمي وابحث
إسرائيلي إن
إيران عبر رؤيتها لمنطقة
الشرق الأوسط؛ تهدف إلى خلق واقع جديد بتعابير استراتيجية من أجل تثبيت وجودها عبر العديد من الأدوات الفاعلة؛ والتي منها إقامة موانئ ذاتية خارج حدود أراضيها، وهو ما يؤكد أن خطتها تمضي قدما إلى الأمام في الوقت الذي لن يمنعها من ذلك "نباح الكلاب".
وقال رئيس مركز "دايان" لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا في جامعة "تل أبيب"، البروفيسور الإسرائيلي عوزي رابي؛ "العالم مصاب بزوغ البصر، لقد غفي في الحراسة ويستيقظ الآن ليجد شرق أوسطا فيه إيران ونموذج حزب الله في لبنان، الذي يوجد في سياقات بناء في كل من سوريا والعراق واليمن".
وأوضح رابي، في مقال له بصحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، نشر الأربعاء؛ أن "الشرق الأوسط النازف والانشغال المكثف بداعش؛ صرفا الانتباه عن عملية التركيب الإيرانية"، مؤكدا أن "إيران وبذكاء مبيت؛ تنتشر في المنطقة كلها وتسعى إلى خلق رواق متواصل من العراق عبر شمال سوريا وحتى اللاذقية على شاطئ البحر المتوسط".
وأضاف: "هناك تصدير فائق للثورة بهدوء نسبي، وبإدارة الحرس الثوري الإيراني"، منوها إلى أن القيادة الإيرانية "تمكنت من قراءة التغيير في قواعد اللعب في الساحة الإقليمية وعملت بموجب ذلك؛ في ظل التردد الأمريكي في الموضوع السوري منذ عام 2013، بعدم استخدام الخيار العسكري هناك".
وأشار رئيس مركز "دايان"، إلى أن إيران "رأت فرصة مناسبة للشروع في خطوة دبلوماسية والسعي إلى اتفاق ينقذها في غضون وقت قصير نسبيا من العزلة الاقتصادية-السياسية، كما أنه أدى ظهور داعش (تنظيم الدولة) لجعلها أهون الشرور ولاعبا مقبولا في الدوائر الإقليمية والدولية، دون أن تقدم وعدا حقيقيا بالتراجع عن تطلعاتها في مشروعها النووي العسكري".
السلاح النووي الضمانة للبقاء
وقال: "من الممكن أن نتجادل في تفاصيل الاتفاق، ولكن من المهم أن نذكر أن اختباره يكمن في تطبيقه وليس بالمعنى المباشر لبنوده"، مشيرا إلى أن صياغة بعض من تفاصيل الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1؛ "بغموض؛ يترك مجالا لتفسير الأطراف، وهو ما يشكل مصدرا لخلافات في المستقبل ويجعل من الصعب اختبار نجاح أقوال مثل (طريق إيران للسلاح النووي أغلق)، أو (الصفقة غير مبنية على الثقة بل على الرقابة)".
ورأى رابي، أنه "إذا كانت أطراف الاتفاق أملت في أن يكون فيه وفي ثماره الاقتصادية ما يحرك في العقد القريب القادم أو بعده سياقات عميقة تسحق قوة الحكم في طهران؛ ففي المدى الفوري أصبح الاتفاق؛ بوليصة تأمين لها".
أما من الناحية السياسية؛ فقد "تعززت مكانة النخبة الحاكمة في إيران؛ والتي وجهت بعضا من مقدراتها الجديدة لرفاه الجمهور، ولكنها في نفس الوقت واصلت عملية القمع وسحق حقوق الإنسان، لأن الاتفاق سوّق إيران كلاعب عادي في أسرة الشعب"، وفق تقدير البروفيسور الإسرائيلي.
ونبه إلى أن الاتفاق؛ "وفر ضمانة مستقبلية بمكانة الشيوخ المتحكمين في إيران إلى جانب قادة الحرس الثوري"، مبينا أن النخبة الحاكمة في إيران "توصلت منذ زمن بعيد؛ إلى أن ما بجعل إيران دولة حافة نووية هو الضمانة لأمن النظام وبقائه بعدما ثبت كيف تتحول دولة مثل ليبيا وسوريا إلى هباء بعد أن اضطر حكامهما إلى التخلي عن البنية التحتية النووية التي بدأوا بإقامتها".
إشعال النار في النزاعات الدائرة
وذكر رابي؛ أن الاتفاق "عظم كذلك من مكانة إيران في جانب الجغرافيا السياسية الإقليمية"؛ مضيفا أنه "مع ذخائر اقتصادية محسنة وشرعية دولية واسعة؛ تواصل إيران دعم زبائنها الذين يأتمرون بإمرتها؛ بشار الأسد وحزب الله والحوثيين في اليمن وغيرهم؛ إضافة إلى إشعال النار في النزاعات الدائرة في المنطقة".
ونبه إلى "وصول آلاف المقاتلين من الحرس الثوري إلى سوريا؛ بهدف خلق واقع جديد بتعابير استراتيجية؛ ومن هنا يتضح كيف واصل الإيرانيون في ظاهر الأمر ضمانة بقاء الأسد، وسعوا عمليا إلى تثبيت وجودهم في الحوض الشرقي للبحر المتوسط".
وفسر رئيس مركز "دايان"؛ ما ذكرته صحيفة "الجريدة" الكويتية عن المشروع الإيراني لإقامة مصنع لإنتاج الصواريخ لحزب الله في لبنان، والجهود الإيرانية لتهيئة قاعدة عسكرية لها في اللاذقية بسوريا؛ أن كل ذلك يندرج ضمن الخطة الإيرانية "لبناء بنية تحتية مخصصة لتثبيت قوتها وتعميق معقلها على الشاطئ الشرقي من البحر المتوسط؛ كقاعدة".
وشدد رابي وهو باحث إسرائيلي متميز؛ على أهمية وضرورة "متابعة النشاط البحري الإيراني؛ في شواطئ اليمن ومضيق باب المندب؛ لأنه يكشف أن إيران لها مصلحة هامة في اقامة موانئ ذاتية خارج حدودها".
وقال في ختام مقاله: "إيران هنا كي تبقى، ونباح الكلاب لا يمنع عبور القافلة".